ضربة دبلوماسية جديدة لتل أبيب
عقب 6 سنوات، من شروع المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى، فتح تحقيقًا أوليًا ضد الأعمال الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة، قضت المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى، مطلع هذا الأسبوع، الاعتراف بالدولة الفلسطينية التى تمتد فى الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.
واعتبر بعض المحللين، أن رفع دعوى ضد إسرائيل، فى المحكمة الجنائية الدولية، هى خطوة محفوفة بالمخاطر تجاه الفلسطينيين، ومن شأنها أن تثير حفيظة إسرائيل وتنفر الولايات المتحدة، وفقا لموقع «واللا» العبرى.
أما فيما يتعلق بالمستوطنات، أكد بعض الخبراء أن إسرائيل، قد تواجه صعوبة فى الطعن فى القانون الدولى الذى يحظر نقل السكان المدنيين إلى الأراضى المحتلة.
وفور إعلان القرار، أشاد القادة الفلسطينيون، بالقرار الذى يشكل سابقة من نوعها، كخطوة نحو تحقيق العدالة وإنصافا لضحايا جرائم الحرب الإسرائيلية.
ورحب رئيس الوزراء الفلسطينى محمد اشتية، بقرار لاهاى، قائلا: «هذا القرار رسالة إلى مرتكبى الجرائم، بأن جرائمهم لن تسقط، ولن يمروا دون عقاب»، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية.
وقال وزير الخارجية الفلسطينى، رياض المالكى، إن القرار يفتح الباب لمتابعة المساءلة الجنائية عن أبشع الجرائم التى كانت وما زالت ترتكب بحق الشعب الفلسطينى.
وبموفقه الثابت تجاه القضية الفلسطينية، رحب شيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر أ. د أحمد الطيب، بقرار المحكمة الجنائية، قائلا إن اعتزام المحكمة الجنائية الدولية التحقيق فى جرائم حرب الكيان الصهيونى بحق الشعب الفلسطينى، بارقةُ أمل لاستعادة جزء من الحقوق الفلسطينية المغتصبة، أدعو المجتمع الدولى لمساندة الشعب الفلسطينى، حتى إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
كما اعتبرت جامعة الدول العربى، قرار المحكمة تتويجا للجهود الدبلوماسية التى بذلتها دولة فلسطين بمختلف مؤسساتها الرسمية والحقوقية، بدعم عربى، وتضامن المؤسسات الدولية الصديقة، فى السعى الجاد من أجل تحقيق العدالة الناجزة.
وصرح مايكل لينك المسئول بالأمم المتحدة المعنى بحقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بأن حكم المحكمة الجنائية الدولية هو خطوة رئيسية نحو إنهاء الإفلات من العقاب وضمان العدالة.
قلق إسرائيلى
وفى المقابل، سرعان ما انتقد المسئولون الغاضبون فى إسرائيل القرار، وزعموا أنه تحرك سياسى مثير للجدل دون أساس قانونى سليم.
وهاجم رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، هذه الخطوة، زاعما: «أثبتت المحكمة مرة أخرى أنها هيئة سياسية وليست مؤسسة قضائية، تتجاهل المحكمة جرائم الحرب الحقيقية وتتابع بدلاً من ذلك إسرائيل، دولة ذات نظام ديمقراطى قوى، يقدس سيادة القانون»، وفقا لموقع «يسرائيل هايوم» العبرى.
وأضاف نتنياهو: «بهذا القرار، انتهكت المحكمة حق الدول الديمقراطية فى الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب، ولعبت لصالح أولئك الذين يقودون جهود توسيع دائرة السلام، سنواصل حماية مواطنينا وجنودنا من الاضطهاد القانونى فى كل مكان».
كما اتهم نتنياهو، المحكمة الدولية بمعاداة السامية الخالصة، مضيفا: «ترفض المحكمة التحقيق مع الأنظمة الديكتاتورية الوحشية مثل إيران وسوريا، التى ترتكب جرائم مروعة بشكل شبه يومى».
وتابع: «لقد تم إنشاء المحكمة الدولية لمنع جرائم مثل تلك التى ارتكبها النازيون ضد الشعب اليهودى، وبدلا من ذلك، فهى تضطهد دولة الشعب اليهودى».
واختتم: «بصفتى رئيس وزراء إسرائيل، أستطيع أن أؤكد لكم سوف نحارب هذا الانحراف للعدالة بكل قوتنا».
وعلى نفس المنوال، علق وزير الخارجية الإسرائيلى، جابى أشكنازى، على قرار المحكمة، قائلا: «قرار المحكمة الجنائية الدولية، يشوه القانون الدولى ويجعل هذه المؤسسة أداة سياسية فى أيدى الدعاية المعادية لإسرائيل، وليس للمحكمة الجنائية الدولية صلاحية لمناقشة القضية الفلسطينية».
كما صرح المدعى العام الإسرائيلى، أفيخاى مندلبليت، بأن تصديق المدعى العام للمحكمة لسير الإجراءات فى قضية دولة إسرائيل، بناءً على طلب من السلطة الفلسطينية.. غير مقبول.
وتابع زعمه: «دولة إسرائيل دولة ديمقراطية تحكمها سيادة القانون، ملتزمة وتعمل على احترام القانون الدولى والقيم الإنسانية، وقد صمدت على مدى عقود، فى جميع التحديات والأوقات الصعبة، لا مجال للتدخل القضائى الدولى فى هذا الوضع من جانب المحكمة التى كان من المفترض أن تتعامل مع أخطر الجرائم فى الأماكن التى انهارت فيها سيادة القانون».
إلى ذلك، كشفت صحيفة «timesofisrael»، خلال تقرير، بأن وزارة الخارجية الإسرائيلية، أوعزت إلى سفاراتها فى جميع أنحاء العالم، بالبدء فى التواصل مع رؤساء الحكومات ووزراء الخارجية فى الدول التى يعملون فيها، لإصدار بيانات عامة تعارض قرار المحكمة الجنائية الدولية.
وكشفت صحيفة «هآرتس» العبرية، أن إسرائيل حذرت مسئوليها تحسبا من اعتقالهم خارج البلاد عقب قرار محكمة لاهاى، ووضعت قائمة سرية بأسماء صناع قرار ومسئولين أمنيين وضباط.
وأوضحت الصحيفة، أن السلطات الإسرائيلية، تصر على إبقاء هذه القائمة قيد السرية تحسبا من أن كشفها سيشكل خطرا على المشمولين فيها.
ويشار إلى أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس، وقع على قانون روما الأساسى، وانضمت فلسطين للمحكمة فى عام 2015، وفى المقابل، أيدت إسرائيل إنشاء المحكمة الدولية فى عام 2002، لكنها لم تصدق على قانون روما، خشية أن ينتهى الأمر بالمحاكمة بسبب قضية المستوطنات.
والجدير بالذكر أنه فى ديسمبر 2019، أعلنت المدعية العامة فى محكمة لاهاى، فاتو بنسودة، أنها تعمل للحصول على إذن للتحقيق فى الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل خلال حرب 2014 فى غزة وأثناء مظاهرات 2018 على السياج الحدودى فى غزة، وبشأن بناء المستوطنات فى الضفة الغربية، وفقا لـ«نيويورك تايمز».
وفى الوقت ذاته، حاولت إسرائيل، تجنيد العديد من الدول التى تمارس ضغوطًا لفتح التحقيق وإثبات آراء قانونية للقضاة، بأنه لا توجد سلطة لفتح تحقيق لأن السلطة الفلسطينية ليست دولة على أرض الواقع.
كما حاولت إدارة الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب، الضغط على المدعية العامة لعدم فتح تحقيق وفرضت عليها عقوبات، كما هددت الإدارة أيضًا بفرض عقوبات على قضاة إضافيين.
وفى هذا السياق، قدر المسئولون الإسرائيليون، أن القضاة انتظروا ما بعد الانتخابات الأمريكية، وحتى بعد تولى الرئيس جو بايدن منصبه، حتى لا ينفذ ترامب تهديده ويفرض عقوبات عليهم.