«الأحوال الشخصية» يثير أزمات فى البيوت المصرية
الأمهات: نرفض المناقشة والمسودة تجور على حق النساء
قانونى: صادمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى
"أمهات مع إيقاف التنفيذ": مشروع كارثى
منذ أن تم طرح مسودة قانون الأحوال الشخصية المرسل من الحكومة لمجلس النواب وظهرت حالة من الجدل والرفض لما سيحدثه القانون من أزمات كشفها المتخصصون، حيث يرى البعض أن المسودة تجور على حق المرأة المصرية، والأبناء، ولا تحافظ على كيان الأسرة البسيطة، وتزيد الفرقة بين أفراد الأسرة، "الزمان" تناقش القضية من خلال لقاءات مع بعض الأمهات والمطلقات وبعض المهتمين بشأن المرأة والطفل الذين أكدوا رفضهم للقانون لأسباب كثيرة، وهو ما نعرضه خلال التقرير التالى.
فى البداية أكدت "ندى. أ"، مطلقة، رفضها التام للمسودة المزمع مناقشتها بمجلس النواب والخاصة بقانون الأحوال الشخصية، وقالت إنها مطلقة وما زالت تعانى من تسلط زوجها وضربه بكافة قوانين الرؤية والاستضافة عرض الحائط، فكيف بعد التعديلات التى سوف يتم إجراؤها؟.
وأضافت: قبل تنفيذ الرؤية الخاصة بأبنائى ذهب زوجى لمكان الرؤية وتعدى على الموظفين فكيف بالتعديلات المزمع إجراؤها على القانون والتى لا تعطى أى ضمانات للأم لاستعادة طفلها، وأنا لا يهمنى الأب أو الأم إنما المهم هنا هو الطفل حيث إن غالبية الأطفال يتعرضون لضغوط عصبية ونفسية سيئة وأنا شخصيا ابنى مر بحالة نفسية سيئة جراء ما رآه، كما أن الكثير من الآباء يتهربون من استلام محاضر وأحكام خاصة سواء بالرؤية أو النفقات وذلك بتغيير محل إقامتهم أو عدم كتابة محل الإقامة الصحيح بهم، وتمر تلك الوقائع دون عقاب، كما أن حالات خطف الأبناء من أمهاتهم وتسفيرهم للخارج مع آبائهم تمر مرور الكرام وآلاف الحالات نراها، ونسمع عنها فكيف بالمسودة المزمع مناقشتها والتى أعطت الآباء صلاحيات أكثر دون أن تعطى ضمانات للأمهات خلال فترة الرؤية أو الاستضافة.
وناشدت "ندى.أ" مجلس النواب والأزهر الشريف ووزارة التضامن وكل الهيئات المعنية لرفض هذا القانون لأنه سيرسخ للظلم خاصة أن كان الأب ظالما ومتسلطا ولا يهمه سوى الانتقام من الأم بعد الطلاق.
دينا حافظ، مطلقة، تؤكد رفضها التام لمسودة قانون الأحوال الشخصية كما أنها ترفض مناقشتها من الأساس، والسبب أننى واحدة من الأمهات المتضررات وابنتى كانت فى حضانة والدها وجدتها وعادت وهى فى حالة نفسية سيئة وما زالت تعانى منها حتى يومنا هذا، كما أنه لا ينفق عليها من الأساس وأنا قمت برفع عدد من قضايا النفقة ولكن لا حياة لمن تنادى غير أنه مارس ضدى كل أنواع التهديد لإجبارى على التنازل، وطالبت بسحب لقب "الأبوة" من مثل هؤلاء وليس السجن أو تغريمهم لأن معظم الآباء يستغلون الأطفال كورقة ضاغطة لإذلال الأمهات.
وطالبت الدولة بتعديل القانون خاصة الاستضافة والرؤية والنفقات ومراعاة حق الأمهات وليس إصدار قوانين من شأنها ظلم الأمهات ومن قبلهم الأطفال، وأوضحت أنه فى حالة الموافقة على القانون فسوف تمتنع عن التنفيذ قائلة: "لن أنفذ القانون لأن ابنتى أغلى حاجة عندى ومحدش هيقدر ياخدها منى".
من جانبها قالت "سمر.س" إنها أم ومتضررة وترفض مسودة قانون الأحوال الشخصية الجديد لأنه لا يوجد فيه أى ضمانات لنا نحن كأمهات أو لأولادنا.
وأضافت: "أنا واحدة من الأمهات مأخدتش نفقة لابنى، والطرف الثانى بقاله ثلاث سنوات مبيصرفش عليها جنيه، كما أن القانون الجديد ليس به أى ضمانات لرجوع الأبناء لأمهاتهم، وأنا متضررة فى كل الأحوال من القوانين والتى هى فى الأساس بطيئة وإجراءات التقاضى بطيئة جدا، أنا بقالى 3 سنوات بحاول اتطلق مع إنى اكتشفت أنى زوجة ثانية دون علمى واكتشفت ذلك منذ فترة بعد المشاكل وأنه متزوج عليا.
وتساءلت كيف يمكن لأب أن يحارب أم أولاده فى المحاكم من ليتهرب من دفع نفقة لهم ثم يأتى القانون ليعطيه حق أن يطلب الاستضافة فهذا مرفوض تماما، لأنه لا يمكن لأب أن يسمح لزوجته أو طليقته والتى هى أم لأبنائه أن تذهب للمحاكم لمجرد أنها تطالب بحق أبنائها "النفقة" والتى هى حق أصيل لكل طفل أن من يتكفل بمصروفاته هو الأب، لهذا فمسودة قانون الأحوال الشخصية نرفضها تماما.
وأشارت "إيمان.م"، إلى أنها أم وأولادها "مع الأب" ومنذ عامين لم يتم الحكم لها بضم أبنائها، وقالت إنه بالرغم من محل إقامة الطرف الثانى ومكان الأولاد معروفين لكننى لم أستطع تنفيذ حكم قضائى بضم أولادى حتى اليوم، والطرف الثانى حكم عليه غيابيا منذ عام تقريبا ولم ينفذ الحكم.
وأضافت أنه فى حال إقرار قانون الاستضافة فلن أتمكن من الحصول على أولادى، وبالتالى فالقانون لن يحقق الصالح العام للأطفال عموما، وبالتالى نرفض القانون، وكان يجب استثناء من لهم حق فى الاستضافة كل من قام بخطف أبنائهم قبل ذلك فكيف يحكم القاضى لمثل هؤلاء بالاستضافة.
وتقول نهال عبدالفتاح: القانون فيه انتقاص لحق المرأة كثيرا، ويعود بنا إلى عصر الجوارى، بمعنى أنه اقتصر دور المرأة فى الولادة فقط حتى تربية أولادها حرمها منها بقانون الاستضافة، مع العلم أن الأزهر أقر الاستضافة بشرط ألا يقل عمر الطفل عن عشر سنوات وذلك بموافقة الحاضن وأخذ رأى الطفل لكن القانون الجديد جعل الاستضافة إجباريا على الأم والطفل وهذا كارثة لأنه سيزيد من حالات خطف الأطفال.
وتابعت: لو المشرع وضع الاستضافة، فلا بد أن تكون لها معايير محددة، فمثلا "لو الأب عنيف أو مدمن أو شاذ جنسيا وده موجود حالات كتير جدا والأم تطلق للأسباب دى ياخد الطفل إزاى؟"، وإذا كان الأب لا يصرف على أولاده فكيف تحق له الاستضافة؟.
المحامى جمال الدين محمود، المتخصص فى شئون الأسرة وقضايا الطفل، أكد أنها مسودة صادمة بكل ما تحمله الكلمة من معان، ولا تتماشى مع عصر التقدم والازدهار الذى نعيشه فى ظل قيادة سياسية مستنيرة تقدر المرأة وتضعها شريكًا أساسيًا لبناء مجتمع متحضر قائم على العدل والمساواة، وليس فقط تغافلا للمستحدثات التى طرأت على المجتمع، وتغافل القانون الكثير من أحكام الشريعة الإسلامية، كما أنه أصبح لا يتناسب مع مقتضيات العصر، حيث يستند لأكثر الأفكار الفقهية انغلاقًا وتشددًا، بل وضرب بأهم القواعد المجتمعية عرض الحائط.
وأشار إلى أن المسودة لا تعترف بحق النساء فى اختيار الزوج ويحق لأى ذكر فى العائلة فسخ عقد زواجها استنادًا لما يراه "عدم التكافؤ" فى إغفال تام لأهلية المرأة القانونية، كما عدل القانون ترتيب الأب فى حضانة الأطفال ليتقدم بعد الأم والجدة، فى مخالفة واضحة للشريعة الإسلامية، فى حين أنه أهمل تمامًا حق انتقال الولاية على النفس والولاية على المال لصالح الحاضنة فى حالة عدم وجود الأب، بالإضافة إلى القانون الذى نظم حق الأب فى استضافة الأطفال فى حالة الخلاف مع النص على الحبس فى حالة عدم إعادته للأم، كما أنه لم ينص على أى آليات تنفيذية تضمن سلامة الطفل النفسية والجسدية، وهو ما يخالف جميع الآراء الشرعية التى اعتبرت الاستضافة حقا ولكن اشترطت موافقة الحاضن والمحضون.
واستطرد قائلا: القانون أيضا يلغى اختصاص المحاكم الجنائية فيما يتعلق بمنقولات الزوجية متغافلًا اختصاصات فروع القانون الأخرى (القانون المدنى، وقانون العقوبات)، كما أن القانون لم يتطرق لتنظيم التعدد، بل اكتفى بمعاقبة الزوج حال عدم إعلان الزوجة بزواجه بأخرى، ولم يضع القانون أى نص إجرائى مُنجز للتقاضى، على سبيل المثال ضم جميع المنازعات بملف واحد ليصدر حكما شاملا فى فترة لا تتعدى الثلاثين يوما.
من جانبها قالت أميرة طنطاوى، المتحدثة باسم حملة أمهات مع إيقاف التنفيذ؛ المشرع فى تلك المسودة مجهولة الهوية يرى أنها لا تملك ولاية على نفسها وأن أمرها فى أمور زواجها وطلاقها وتسجيل أبنائها تخص أى ذكر بعائلتها أو عائلة زوجها بل ويعطيهم حق فسخ عقد زواجها.
وطالبت طنطاوى، بتشديد العقوبة أو العمل على إيجاد آليات لتنفيذ تسليم الصغير بالقانون وتحجيم عدد مرات التنفيذ وإجراءاتها العقيمة التى تستهلك الأم وتعمل على إهلاك مقدرات الدولة بشكل أكبر، موضحة أن المشروع كارثى.