تجمعت عدة آلاف من النساء في شوارع اسطنبول، وسط إجراءات أمنية مشددة احتجاجا على قرار أردوغان الصادم بالانسحاب من اتفاقية المجلس الأوروبي المعروفة باسم "اتفاقية إسطنبول" المناهضة للعنف ضد المرأة، على أمل إلغاء قرار الانسحاب من الاتفاقية.
على الرغم من أن تركيا كانت من أوائل الدول الموقعة على "اتفاقية إسطنبول"، قالت نساء تركيات وفقا لما ترجمته الزمان عن موقع "France 24" أنهن أصبحن معرضات للخطر بسبب تحرك أردوغان للخروج من المعاهدة الأوروبية، لذا حملت المتظاهرات الأعلام الأرجوانية مرددين هتافات من بينها "قتل النساء سياسي"، و"احمِ النساء ، لا مرتكبي أعمال العنف"، بالإضافة إلى لافتات كتب عليها "لن نرضخ لفتاويكم" و"المرأة" أكبر من فتاويكم و"الغاء اتفاقية إسطنبول إثبات للرجعية والعداوة ضد المرأة" و"نرفض القرار".
وفي وقت سابق من شهر مارس، سحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تركيا من اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي، وبذلك أذهل أردوغان الحلفاء الأوروبيين بإعلان الانسحاب من الاتفاقية، التي سُميت تيمنا بالمدينة التي تمت صياغتها فيها في عام 2011، كان أردوغان رئيسًا للوزراء أنذاك، قبل أن يتولى منصب الرئيس بعد ذلك بثلاث سنوات.
وأفادت صحيفة دنيا التركية في تقرير لها تحت عنوان" حليف أردوغان اليميني المتطرف يؤيد خروج تركيا من معاهدة حقوق المرأة" أن زعيم حزب الحركة القومية في تركيا، دولت بهجلي، يدعم انسحاب الحكومة من معاهدة أوروبية تهدف إلى حماية حقوق المرأة، وأكد على أن". "الانسحاب من الاتفاقية خطوة صحيحة ومناسبة"، منتقدا معارضة حزب الشعب الجمهوري وهو من بين أكثر المنتقدين صراحة لانسحاب أنقرة من المعاهدة، وتحرك لنقل معركة الدفاع عن حقوق المرأة إلى المحكمة العليا في تركيا، حيث هاجم زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو في اجتماع حزبه في البرلمان التركي، انسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول الخاصة بحقوق المرأة، " سيرحل الطاغية وسنعود لاتفاقية إسطنبول، لا ينبغي لأحد أن يقلق".
ووفقا لتقرير "دويتشه ويله" تحت عنوان " تركيا: الآلاف يحتجون على خروجهم من معاهدة العنف الأسري"قال المحافظين في حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية بزعامة أردوغان إن الاتفاقية، تؤكد على المساواة بين الجنسين وتحظر التمييز على أساس التوجه الجنسي، تقوض الهياكل الأسرية وتشجع على العنف، فيما قال مسئولون أتراك إن القانون المحلي سيحمي المرأة التركية وليس المعاهدات الأجنبية. فيما أكد حلفاء أنقرة الغربيون مخاوف المتظاهرين، مستنكرين القرار واصفينه بالمحير وغير مبرر ويهدد بتقويض حقوق المرأة التركية.
وأظهرت بيانات منظمة الصحة العالمية أن 38٪ من النساء في تركيا يتعرضن للعنف من شريك حياتهن، مقارنة بـ 25٪ في أوروبا. وتضاعفت تقديرات معدلات قتل الإناث في تركيا، التي لا توجد عنها أرقام رسمية ، 3 مرات تقريبًا خلال السنوات العشر الماضية، وفقًا لمجموعة مراقبة. وأضافت أن 87 امرأة قتلت حتى الآن هذا العام على أيدي رجال أو توفيت في ظروف مريبة.
وسجلت الجماعة المناصرة ل"وقف قتل النساء" ما مجموعه 300 حالة قتل للإناث في عام 2020 ، بينما عثرت على 171 امرأة ميتة في ظروف غامضة. فيما قالت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي عن ممارسات حقوق الإنسان لعام 2020 إن أهم قضايا حقوق الإنسان في تركيا تشمل القتل التعسفي والوفيات المشبوهة لأشخاص رهن الاحتجاز والاختفاء القسري والتعذيب والاعتقال التعسفي.
وترى محررة " فاينانشيال تايمز "، ليلى بولتون، في تقرير لها تحت عنوان " أردوغان يضحي بحماية المرأة في مناشدة للمحافظين"، أن حقوق المرأة ما هي إلا ساحة معركة جديدة في حرب أردوغان لتعزيز سلطته، مع تعثر الاقتصاد بسبب سوء إدارته، بعد بداية قوية كمدافع عن حقوق النساء، يصف أردوغان الآن المساواة بين الجنسين بأنها "ضد الطبيعة"، فالرئيس يغازل الجماعات الدينية المحافظة التي "هرعت لملء الفراغ" الذي خلقته حملة قمع ضد أتباع فتح الله غولن، المتهم بتدبير الانقلاب الفاشل عام 2016، فهم "يمكنهم جلب الدعم السياسي" لأردوغان.