مهّد قرار اعتراف الرئيس الأمريكي جو بايدن، بإبادة الأرمن في المذابح التي ارتكبت في العهد العثماني ضد أكثر من مليون أرمني، إلى اتضاح شكل التعامل المتوقع بين واشنطن وأنقرة مستقبلا، فكشفت التقارير الدولية التي ترجمتها الزمان إلى احتمال تصدع العلاقات، كما ذهب خبراء الشأن الدولي إلى أن التصنيف الأمريكي سيساهم بشكل كبير في انهيار الليرة التركية، متوقعين اتخاذ اجراءات احادية من جانب تركيا.
وتبعا لما ترجمته "الزمان" عن موقع "فورين بوليسي" في تقرير لكاتبه أندرو دوران، العضو السابق في فريق تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية أثناء إدارة ترامب، لعب كبار مسئولي الدفاع الأمريكيين دورًا محوريًا في منع الاعتراف بالإبادة الجماعية مستشهدين بالتعاون الدفاعي الأمريكي التركي، لكن العلاقات توترت بشكل متزايد بسبب تسليم الأسلحة التركية إلى المناطق التي يسيطر عليها الإسلاميون في سوريا، وسجن الصحفيين، وشراء صواريخ إس -400 المضادة للطائرات من روسيا، واستخدام وكلاء في نزاعات مختلفة، وتزايد الاستبداد في ظل حكم أردوغان. كان الانقسام بين الولايات المتحدة وتركيا أكثر وضوحا في سوريا، حيث دعمت واشنطن قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها الأكراد لهزيمة الدولة الإسلامية بينما هاجمتهم تركيا.
ووفقًا لتقرير صادر عن وكالة الأناضول، جاء التطورات في وقت استبعدت فيه تركيا رسميًا من اتفاقية طائرة مقاتلة من طراز F-35 نتيجة طردها من البرنامج بعد استحواذها عام 2019 على أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية S-400 .
وفي نفس السياق، أشار موقع " المونيتور" في تقرير تحت عنوان " بايدن يتصل بأردوغان قبل وصف الإبادة الجماعية المتوقعة للأرمن" إلى أن في عام 2019 ، صوت الكونجرس على وصف الفظائع بأنها إبادة جماعية بعد التوغل التركي في الأجزاء التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا، وكان امتنع الرؤساء السابقون عن استخدام كلمة إبادة جماعية لوصف المذبحة، حتى بعد حملة للقيام بذلك. خلال حملة عام 2008 ، تعهد باراك أوباما باستخدام المصطلح إذا تم انتخابه، لكنه فشل في تحقيق وعده خوفًا من تأجيج التوترات مع أنقرة.
وفي تقرير أخر للموقع نفسه، قال جونول تول، مدير مركز الدراسات التركية في معهد الشرق الأوسط، إن الرؤساء الأمريكيين السابقين، بمن فيهم باراك أوباما، قدموا تعهدات مماثلة فيما يتعلق بالإبادة الجماعية للأرمن خلال الحملة الانتخابية، لكنهم حجبوا التصنيف الرسمي لتجنب الإضرار بالمصالح الأمريكية المتعلقة بتركيا، التي تستضيف قاعدة عسكرية تستخدمها القوات الأمريكية لشن عمليات في سوريا.
قال تول إن الديناميكيات الحالية قللت من احتمالية حدوث ضرر جسيم لمصالح الولايات المتحدة، وأن بايدن يسعى إلى إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، على عكس سلفه دونالد ترامب، الذي أشاد علانية بالقادة الاستبداديين. ويشير التقرير الذي جاء بعنوان"العلاقات الأمريكية التركية على المحك بعد احتمال الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن" إلى انخفاض الليرة بنسبة 2٪ بسبب مخاوف من خلاف محتمل بين الولايات المتحدة وتركيا إلى جانب مخاوف بشأن احتياطيات البنك المركزي المستنفدة. وفي تصريحات للمونيتور قال سنان أولجن، رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية ومقره إسطنبول، إن تقلب السوق علامة تحذير مبكر فيما يتعلق باحتمالات التصعيد بين أنقرة وواشنطن.
وتذهب آراء بعض محللي "المونيتور" إلى إن أنقرة يمكنها الرد على التصنيف بتقييد المهام غير التابعة للناتو خارج قاعدة إنجرليك الجوية في أضنة، ويمكن للمسئولين الأتراك مرة أخرى اتخاذ إجراءات أحادية الجانب في سوريا، متجاهلة المصالح الأمريكية. ومع ذلك، يتوقع القليلون حدوث انتكاسات في السياسات التركية في أوكرانيا وأفغانستان، حيث يخدم الوضع الراهن مصالح أنقرة.