سر إرجاء «لم الشمل الفسطيني» إلى أجل غير مسمى
خبراء يكشفون الأسباب الحقيقية وراء تعليق مباحثات القاهرة
أبلغت القيادة المصريةُ، الفصائل الفلسطينية، تأجيل جلسة الحوار الوطني الفلسطيني، الذي كان من المقرر انطلاقه في القاهرة مطلع الأسبوع إلى موعد آخر، لم تحدّده.
وأوضحت الباحثة في الشأن الإسرائيلي - الفلسطيني في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الدكتورة هبة شكري، لجريدة «الزمان»، أنه في إطار الجهود التي تبذلها مصر، في سبيل توحيد الصف الفلسطيني، دعت مصر الفصائل الفلسطينية للاجتماع في القاهرة الأسبوع الماضي؛ لعقد حوار وطني شامل بين الفصائل لبحث سبل ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، إلا أنه تم الإعلان عن تأجيل انعقاد الاجتماع.
وأضافت: «جاءت الدعوة للاجتماع الأخير في القاهرة، في إطار التحركات المصرية المتواصلة في الملفات المختلفة سواء فيما يخص تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أو إعادة الإعمار أو سبل إحياء السلام والوصول إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية».
وكشفت أنه قد تم تأجيل عقد اللقاء بهدف منح الفصائل مزيداً من الوقت للتوصل إلى أرضية مشتركة تشمل كافة القضايا التي تعوق التوصل لتفاهمات بينهم، إذ أنه بعد عقد سلسلة من اللقاءات المنفصلة مع قادة الفصائل، تبين وجود بعض الخلافات حول ترتيب الأولويات فيما يخص الملفات التي سيتناولها اللقاء.
وأكدت أن التأجيل ليس إلا بمثابة منح فرصة للفصائل للتوافق حول القضايا الرئيسية، مشددة على أن مصر ستستمر في مساعيها لرأب الصدع وإنهاء الانقسام لتقوية الموقف الفلسطيني، ومن ثم بحث سبل إعادة إعمار غزة والعودة للمفاوضات واستعادة المسار التفاوضي.
وأردفت: «مصر متمسكة بإنجاز المصالحة في أقرب وقت ممكن، انطلاقاً من إيمانها بضرورة وجود استراتيجية فلسطينية موحدة تدعم الموقف الفلسطيني في أي مسار سياسي، وبالنظر للتحركات المصرية الأخيرة بعد الحرب على غزة، يتضح أن ملف المصالحة يأتي على رأس أولويات السياسة المصرية».
وأكدت أن مصر، ستنجح في تعزيز التفاهمات بين الفصائل الفلسطينية، لما لها من ثقل سياسي وقدرة على كسب ثقة الفصائل المختلفة، وذلك لما تتبناه من سياسية متزنة تجاه القضية هدفها الرئيسي هو تحقيق المصلحة الوطنية، وإرساء الاستقرار في الأراضي الفلسطينية، فضلاً عن إصرارها على دعم الشعب الفلسطيني للحصول على كافة حقوقه المشروعة.
واختتمت: «لن تتوقف التحركات المصرية الهادفة لتحقيق المصالحة الفلسطينية في أقرب وقت ممكن خاصة في ظل وجود رغبة حقيقية لدى القيادة المصرية الراهنة في دفع عملية السلام و مساندة القضية بكل ما تملك مصر من قوة في وقت تستعيد فيه مصر مكانتها على المستوى الإقليمي والدولي، وهو ما يصب لا محالة في صالح القضية الفلسطينية».
ومن ناحيته، أوضح المحلل السياسي الفلسطيني المختص بالشأن الفلسطيني – الإسرائيلي، الدكتور عبد المُهدي مطاوع، لجريدة «الزمان»، إن تأجيل الحوار سببه هو الشروط الجديدة التي تحاول حركة «حماس» فرضها، وتهدف من خلال هذه الشروط إلى السيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية، اعتقادا منها أن هناك تغييرا حدث في موازين القوى بعد حرب غزة؛ لذلك آثرت مصر، أن تؤجل الحوار واستمرار الاتصالات بهدف تقريب وجهات النظر.
ويرى الدكتور مطاوع، أن هناك أيضا عوامل اخرى تتعلق بمحاور إقليمية ليست معنية الآن بنجاح الوحدة الفلسطينية ومصر، وربما استخدمت نفوذها لدى «حماس» والجهاد لإفشال الحوار قبل أن يبدأ.
وأضاف: «جاءت الوفود لتشكيل حكومة وحدة وطنية مقبولة عالميا من أجل الإشراف على الإعمار وتوحيد المؤسسات والتجهيز للانتخابات الفلسطينية»، مؤكدا أن الموضوع أعمق من مجرد إعمار.
وذكر أن «حماس» جاءت بجدول أعمال مختلف، وهو منظمة التحرير، وتشكيل مجلس وطني مؤقت، وقيادة مؤقتة، معتبرا: «أن نتائج المعركة تخولها السيطرة على القرار الفلسطيني ووضع الشروط».
وعن توقعه حول مسار المحادثات، يقول الدكتور مطاوع: «أعتقد أن حماس الآن لديها رغبة في الانتظار وإتمام صفقة الأسرى، وتعتقد أن الظروف مواتية لها، إذا أعتقدت أن الحوار سيتأجل لفترة ليست قريبة».
ومن جهتها، قالت الباحثة في الشأن الإسرائيلي، علياء الهواري، لجريدة «الزمان»، ليس هناك سبب واضح حول تأجيل الاجتماع، ولكن من الممكن أن يكون التأجيل بمثابة منح الفصائل مزيدا من الوقت للتشاور والوصول إلى تفاهمات حول خلافات مرتبطة بملفات جذرية، يعتبرها الفلسطينيون سبب كل ما يحدث من انقسامات.
وأشارت إلى أن هناك فريقا من الفصائل يرى أنه يجب البدء في حل المشكلات العاجلة، كإعادة الإعمار وملف الأسرى والحصار وبعدها وبتدرج يمكن النقاش حول وضعية منظمة التحرير الفلسطينية وملف الانتخابات.
كما ذكرت أن هناك بعض الفصائل تريد حواراً شاملاً، يرد الاعتبار لمنظمة التحرير، ككيان يمثل جميع الفلسطينيين، وتحت مظلتها السياسية الواسعة يمكن تخفيف بل كسر الحصار وإعادة الإعمار في قطاع غزة دون الخضوع لابتزاز أو مساومات أو شروط.
ولفتت إلى أن حركة «فتح» تريد اقتصار الحوارات فقط على تشكيل حكومة توافق وطني مقبولة دوليا تتولى مهمة إعادة الإعمار، في حين أن «حماس» وبعض القوى الأخرى تصر على أن تكون أولوية الحوار تفعيل وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية.