أزمة السودان تعصف بخريطة الاستقرار الداخلي
طالبت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج الفريق عبدالفتاح البرهان قائد الجيش السودانى هذا الأسبوع بإعادة الانتقال الديمقراطى للسلطة إلى مسارها الصحيح، بعودة الدكتور عبدالله حمدوك إلى منصبه رئيسا للوزراء، كما طالبوه بإعادة الوثيقة الدستورية، كأساس للتباحث حول كيفية تحقيق شراكة مدنية عسكرية وحكومة انتقالية بقيادة حمدوك.
وحذر سفراء الدول الثلاث خلال اجتماعهم بالبرهان من الإجراءات الأحادية فى إشارة إلى إطاحة الجيش بالسلطة المدنية، كما دعوا إلى الإفراج الفورى عن المعتقلين السياسيين الذين تم اعتقالهم بعد 25 أكتوبر الماضى ورفع حالة الطوارئ، وإنهاء العنف ضد المتظاهرين، مؤكدين أن تنفيذ هذه المطالب من شأنه أن يعكس تعهدا بالبقاء على المسار الصحيح نحو انتخابات حرة نزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.
فى سياق متصل شكل قائد جيش السودان عبدالفتاح البرهان، لجنة لمراجعة واستلام الأموال المستردة فى السودان بواسطة لجنة إزالة التمكين، كما التقى برئيس البعثة الأممية المتكاملة للمساعدة فى الانتقال فى السودان (يونيتامس)، فولكر بيترس.
وأكد الجانبان على أهمية استمرار الحوار والتشاور مع القوى السياسية المختلفة وصولا إلى اتفاق حول هياكل السلطة الانتقالية لضمان إنجاح الفترة الانتقالية وتشكيل حكومة مدنية منتخبة بواسطة الشعب السودانى، وذكر فولكر أنه سيجرى لقاءات مع كافة القوى السياسية من أجل تقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف.
من جانبه أعلن وزير المالية السودانى زعيم حركة العدل والمساواة الدكتور جبريل إبراهيم محمد الثلاثاء أنه سيتم توسيع المشاركة السياسية وتشكيل حكومة تكنوقراط فى السودان، موضحا أن الجيش اضطر للتدخل بعد أن تعرض الأمن القومى السودانى للخطر، لافتا إلى أن رئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك قدم مطالب غير واقعية فى مفاوضات إنهاء الجمود السياسى.
ومن المقرر أن يبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى أزمة السودان فى بروكسل، الاثنين المقبل، وكشف مصدر دبلوماسى استعداد الاتحاد لاستخدام وسائل ضغط مالية على قادة فى الجيش، وعلى الصعيد الداخلى، أصدرت محكمة الخرطوم حكمها ضد 4 شركات اتصالات عاملة فى السودان وألزمتها بإعادة خدمات الإنترنت بعد انقطاع دام 15 يوما، وجاء الحكم على إثر شكوى قضائية تقدمت بها جمعية حماية المستهلك أكدت خلالها تضرر مصالح المواطنين جراء انقطاع الاتصالات بعد أحداث 25 أكتوبر الماضى.
وقال ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل إن السودان يعيش حاليا فى مفترق طرق حيث تسعى دول إقليمية ودولية خاصة الولايات المتحدة الامريكية إلى عودة عبدالله حمدوك صاحب الجنسية البريطانية إلى رئاسة مجلس الوزراء، موضحا أن ما يحدث فى السودان جزء من مخطط تقسيم الوطن العربى إلى دويلات.
أوضح لـ"الزمان" أن حكومة الحزب الديمقراطى الأمريكية بقيادة جون بايدن تعتبر امتدادا لسياسية الرئيس الأسبق أوباما الذى رفع شعار الفوضى الخلاقة لتدمير الدول من داخلها، فمن المؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين وبعض القوى الأجنبية هى التى تقف وراء المظاهرات فى السودان والتى سمحت بالضغوط الأجنبية على المجلس العسكرى.
أكد رئيس حزب الجيل أن الفريق البرهان واعٍ لما يراد بالسودان ويسعى لأن يفلت بالبلاد من محاولة تقسيمها إلى دويلات، لافتا إلى أن السودان هو العمق الجنوبى لمصر وأن أى زعزعة للاستقرار فيه من شأنها زعزعة الاستقرار فى مصر، كما أن ما يحدث من اضطرابات ليس بعيدا عن مفاوضات سد النهضة.
شدد الشهابى على إدراك القيادة السياسية المصرية لخطورة التحديات التى تواجه المنطقة وتسعى لحلها بمهارة حتى لا يجد المخطط الغربى موضع قدم له فى السودان، لافتا إلى أن مصر لم توقع على البيان الذى أصدرته أمريكا وبريطانيا، فيما وقعت عليه كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية دون مبرر واضح منهما.
فى سياق متصل توقع الدكتور أحمد عبدالدايم أستاذ التاريخ الحديث بكلية الدراسات الأفريقية جامعة القاهرة أن الوساطة التى تقوم بها جامعة الدول العربية تؤكد قرب التوصل لاتفاق بين المجلس العسكرى والمدنيين، فى إشارة منه إلى تصريحات السفير حسام زكى ممثل الجامعة فى المفاوضات.
وقال إن الجانبين العسكرى والمدنى يتجهان نحو اتفاق يتضمن تشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين بعيدا عن الأحزاب السياسية، يعقبها تعيين ولاة الولايات والنيابة العامة والمجلس القضائى ثم تشكيل مفوضية الانتخابات.
أشار إلى أن أهم نقطة خلافية هى تشكيل حكومة مدنية على أن يكون رأى المجلس السيادى استشاريا، لافتا إلى إعلان البرهان عن قرب تشكيل مجلس تشريعى من 300 عضو من الشباب على أن يمثلوا كافة التيارات السياسية، تمهيدا لإعداد دستور دائم للبلاد.