الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

بيزنس ”تدوير الطعام” سرطان يسرى فى عروق المواطنين

أثارت قضية مصنع "جبنة دهانات الحوائط" بمدينة تلا بالمنوفية الرأى العام مرة أخرى وأعادت فى أذهان المواطنين والمسئولين على حد سواء الحديث مرة أخرى عن خطورة مصانع بير السلم وتمكن أصحابها من اختراق الأسواق بمنتجات مجهولة الصنع تحمل أسماء علامات تجارية غير مسجلة لدى وزارة الصحة وبأسعار مخفضة بما سمح لها بالانتشار.

مافيا "بير السلم" تمكنت وفى السنوات الأخيرة من إعادة تعبئة منتجات منتهية الصلاحية وإعادة تدوير أغذية فاسدة ويتم توريدها من الفنادق لتصنيعها كأعلاف للماشية ليتم تدويرها لتصبح أغذية للاستهلاك البشرى، وقد وجدت تلك المنتجات طريقها نحو الأسواق، ومن خلال عمليات التتبع يمكن رصد أكثر من 100 صنف بالسوق تم تصنيعه بطريقة بير السلم ومنها على سبيل المثال لا الحصر لحوم مصنعة مثل "البرجر والبيف والسلمون.. إلخ، من اللحوم المصنعة" والتى تحمل أسماء لمنتجات مجهولة المصدر.

"الزمان" تدق ناقوس الخطر، وذلك فى ضوء معلومات حصلنا عليها من متخصصين وخبراء وشهود عيان على عمليات التصنيع والتى تتم داخل مصانع اتخذت من الظهير الصحراوى لبعض المحافظات ملاذا آمنا حتى تكون بعيدة عن عيون الأمن.

"وائل على" تاجر جملة للمواد الغذائية، يدلى بشهادة حول عمليات إعادة تدوير الغذاء، قائلاً: فنادق بالقاهرة تقوم ببيع بقايا الطعام لمصانع إنتاج الأعلاف الحيوانية وبعض هذه المصانع تقوم بتسريب جزء من هذه الصفقات التى يحصلون عليها مرة فى الأسبوع وبكميات ضخمة إلى السوق مرة أخرى من خلال "عمال الفرز" والمسئولين عن فرز بقايا اللحوم وفصلها عن بقايا الغذاء الأخرى، ليتم تعبئة بقايا اللحوم داخل كراتين محكمة الغلق وإرسالها لآخرين لتبدأ مهمة تصنيع تلك اللحوم مرة أخرى على شكل "برجر" ومنتجات أخرى للحوم المصنعة وإرسالها من جديد إلى السوق.

وتابع، يمكن القياس على اللحوم المصنعة عشرات وربما مئات المنتجات الأخرى والتى تحمل علامات تجارية وأسماء قريبة لحد كبير مع منتجات مشهورة ومعروفة وبعض التجار معدومى الضمير يقومون بالترويج لتلك المنتجات وحجز أرفف بالمحال التجارية المملوكة لهم لفرد تلك المنتجات وبيعها للمستهلك.

يلتقط "حمادة صبحى" طرف الحديث، والذى يعمل مهندس جودة بواحدة من مصانع إنتاج السلع الغذائية، قائلاً: إعادة تدوير الأغذية أمر ليس بالجديد ومتعارف عليه منذ سنوات وقد سبق وقام جهاز حماية المستهلك برصد مئات القضايا والتى تورط بها عصابات تقوم بتزوير تاريخ الصلاحية على المنتجات المنتهى صلاحيتها وإعادة ضخها إلى السوق وتستطيع ملاحظة تلك المنتجات على أرصفة محطة مترو "البحوث" القريبة من منطقة الدقى وفى العتبة ومناطق بمصر القديمة والهرم وفيصل، والمقارنة بين تلك المنتجات والمنتجات السليمة المسموح استهلاكها بشريًا أمر سهل ويمكن ملاحظة الأمر بالعين المجردة، حيث يعتلى العفن وثقوب سوداء تلك المنتجات وذات رائحة نفاذة وتكون هذه الرائحة هى مواد كيميائية محظور تداولها إلا بكميات محددة فى عمليات التصنيع المشروعة لكن فى هذه المنتجات يتم إضافتها بكثرة لتعطى نكهات طبيعية تشوش عقل المستهلك حول مدى سلامة المنتج وتدفعه للشراء.

وأضاف، إلى جانب المواد الغذائية هناك زيت الطعام والذى يتم جمعه من المطاعم والمنازل بسعر 5 جنيهات للكيلو ويتم إعادة تدويره مرة أخرى وبيعه للمستهلك بأسعار متدنية أقل من السعر السوقى بجنيه وذلك لضمان التسويق.

وفى رحلة البحث عن كيفية التصنيع، يقول "م.ع" والذى عمل فى وقت سابق داخل مصنع لإنتاج المواد الغذائية بطريقة بير السلم: 90% من محال بيع السلع الغذائية وسلاسل الماركت الكبيرة يكون لديها كل فترة كمية من السلع منتهية الصلاحية وهناك طريقان للتخلص من تلك المنتجات، الأول إعادتها للمصنع والذى يتولى مسئولية إعدامها حفاظًا على اسمه وعلاقته بالتاجر الذى يروج منتجة ومنها الشركات التى تقوم بتصنيع "الباتيه" ومدة صلاحيته لا تزيد عن أسبوع، الطريق الثانى بيع تلك المنتجات بأسعار متدنية للغاية لصالح تجار جمع المنتجات منتهية الصلاحية بدعوى إطعامها للماشية على خلاف الحقيقة، ومن هنا تبدأ عملية إعادة التدوير حيث يتم تفريغ تلك المنتجات من العبوات الأصلية وتصنيع عبوات أخرى تحمل نفس الاسم وربما أسماء مختلفة وطبع تاريخ صلاحية جديد.

وتابع، بالنسبة لمنتجات اللحوم المصنعة يتم إعادة التدوير عبر الأطعمة الواردة من بقايا طعام الفنادق وبعض اللحوم غير الصالحة للاستهلاك البشرى ويتم فرمها وتشكيلها حسب رغبة صاحب المصنع، ومنها مثلاً منتج "اللانشون" ومنتجات أخرى تكون اللحمة مكونا رئيسيا بها.

وعن عملية البيع والتسويق، يقول "م.ع": التسويق هى أبسط حلقة حيث يتم التعاقد مسبقًا مع الأسواق الشعبية وبعض التجار على شراء المنتج مقابل سداد ثمنه بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بعد إتمام عملية البيع بالسوق وفى الغالب يتم توزيع تلك المنتجات فى الأقاليم البعيدة عن القاهرة.

رقابة غائبة

وفى هذا السياق، قال المستشار أسامة الرخ "محام بالنقض والإدارية العليا": حدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، ونص القانون على "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق.

وتابع، حدد القانون حالات الغش فى ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها، نوع البضاعة أو منشأها أو أصلها أو مصدرها فى الأحوال التى يعتبر فيها بموجب الاتفاق أو العرف النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سببا أساسيا فى التعاقد، عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها تكون العقوبة هى الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت أو شرع فى ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة.

وأضاف، تعديل القانون خاصة مع الوضع الراهن وانتشار الأغذية الفاسدة على هذا النطاق الواسع هو عملية حتمية لا بد منها فمثل العقوبات الواردة غير رادعة ويجب أن تصل العقوبة إلى السجن المشدد خاصة أن تلك المنتجات تهدد صحة وسلامة المواطنين وتؤدى بهم إلى أمراض خبيثة بالمدى الطويل.

click here click here click here nawy nawy nawy