نكشف معاناة أصحاب الأمراض النادرة فى مصر
"معاناة لهم ولعائلاتهم" هكذا هو حال أصحاب الأمراض النادرة فى مصر ممن قُدر لهم الإصابة بالأمراض اليتيمة حسب وصف الخبراء، وهى أمراض تصيب شخصا من بين 2000 إلى 2500 شخص، وهى كثيرة ما بين أمراض تصيب الأعضاء الداخلية مثل "جوشير" الذى يتسبب فى التليف الكبدى والتهاب الطحال، و"العملقة" والتى تصيب بعض الأفراد نتيجة خلل هرمونى بما يؤدى لزيادة الحجم فى الأطراف والوجه، ويقدر الخبراء فى القطاع الطبى عدد الأمراض النادرة فى مصر حوالى 18 مرضا نادرا.
"الزمان" وفى السطور التالية، تلقى الضوء على معاناة أصحاب الأمراض النادرة حول ما يتعرضون له من أزمات على المستوى الرسمى من تجاهل قرارات العلاج على نفقة الدولة وعدم استطاعة الصحة الوفاء بقيمة العلاجات المطلوبة لهم، إلى جانب نظرة المجتمع وحالات التنمر التى يتعرضون لها.
أمراض نادرة ومعاناة العائلات
فى البداية، رصدنا حالة مصابة بمرض "جوشير" والذى بحث والداه عن علاج له لكن دون جدوى خاصة أن تكلفة العلاج تقدر بنحو مليون ونص المليون جنيه سنويًا وهو رقم صعب تدبيره فى ظل ظروف الوالد الصعبة والذى يعمل باليومية.
"بهاء العشرى" والد الطفل ذات الأربع سنوات "معاذ" والذى بعثه الله له فى سن متأخر بعد الخمسين على خمسة فتيات، فطالما بحث عن إنجاب الذكور، يقول: أسبوعيًا أسافر من الغربية إلى القاهرة بحثًا عن قرار لعلاج نجلى من جانب وزارة الصحة لكن دون جدوى، وللأسف تم تشخيصه بهذا المرض النادر والذى جاء نتيجة الحمل المتأخر حيث إن الزوجة أنجبته فى سن الـ44 ولم يكن لدينا أدنى معرفة بالمرض حتى ظهرت عليه بعض الأعراض ويؤدى هذا المرض إلى تآكل الطحال والكبد ولا يعيش الطفل بهذا المرض كثيرًا وينتهى الأمر بالوفاة.
وتابع، تركنا أمرنا إلى الله وليس لنا باب نطرقه إلا الدعاء بأن يخفف عن الطفل معاناته وأن يلهمنا الصبر.
من جانبه، يقول الدكتور وائل عمران "استشارى طب الأطفال: الأمراض النادرة هى تلك التى تصيب أقل من 200 ألف من السكان، أو هى تلك التى تصيب شخصا من بين 10 أشخاص مشيرًا إلى أن عدد المصابين بالأمراض النادرة فى مصر يصل لحوالى 15 ألف مريض.
وتابع، أسباب الإصابة بالأمراض النادرة كثيرة، منها ما هو مرتبط بارتفاع عمر الأب أو الأم أثناء فترة الإنجاب، إذ يتسبب ذلك فى إصابة الطفل المولود بمرض نادر يسمى "الأقزمة" أو اختلال الكروموسومات فضلًا عن وجود أمراض وراثية أخرى تصيب الأطفال خاصة "العظام" منها مرض جوشير أو الهيموفيليا والتى تصبح فيها عظام الأطفال مثل "الزجاج" يسهل كسرها، ويتراوح عدد الأمراض النادرة بين 16 و18 مرضا وراثيا ونادرا.
الأحكام القضائية للحصول على العلاج
"لجأنا لمجلس الدولة للحصول على حكم بعلاج ابنتى على نفقة الدولة" عبارة بدأ بها المهندس صبرى أبوغنيم حديثه، مؤكدًا أن مجلس الدولة يصدر أحكاما لصالح الأطفال المصابين بأمراض نادرة وغير مدرج لهم علاج لدى هيئة التأمين الصحى، مشيرًا إلى أن أزمة طفلته بدأت قبل العام 2016 أى قبل تعويم الجنيه ومع حصوله على حكم قضائى بتوفير الدواء المناسب لحالة ابنتى المريضة بمرض نادر ظهرت أزمة ارتفاع أسعار الأدوية نتيجة ارتفاع سعر الدولار.
ويحكى والد "مصطفى" والذى يعمل لدى وزارة الرى، أنه بدأ المعاناة مع مرض طفله منذ بداية ولادته، فلم يكن يعرف نوع مرضه، ووجد صعوبة فى التشخيص أو فى الوصول لطبيب معالج سواء بعيادات خاصة أو مستشفيات حكومية، وبعد أعوام علم نوع مرضه من خلال عيادات الأمراض الوراثية، ثم وجد صعوبة فى توفير العلاج، إلا بعد رفع دعوى قضائية وبالفعل قام برفع دعوى قضائية بالقضاء الإدارى بالمنصورة، ضد رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين الصحى ومدير فرع الهيئة بالمنصورة، وصدر الحكم بأحقيته بعلاج طفله على نفقة الدولة على مدى الحياة.
من جانبه، يقول الدكتور أكرم عمر "استشارى أمراض المناعة": الأمراض الوراثية، تعتبر جينات وراثية والسبب الرئيس فيه هو زواج الأقارب، وهى عبارة عن خلل فى التمثيل الغذائى، وهناك ما يقرب من 60 ألف طفل مصاب بتلك الأمراض وحذرنا من زواج الأقارب الذى بلغت نسبته 31% من زيجات المصريين، خاصة أن مرضى "التمثيل الغذائى" خارج إطار منظومة العلاج على نفقة الدولة، مشيرًا إلى أن عدد الأمراض النادرة فى مصر حوالى 18 مرضا نادرا، فمن بين 15 ألف طفل يُصاب طفل بمرض نادر، وأشهرها جوشير والهيموفيليا والألبينو أو مرض متلازمة مرفأ هاربور "قصور نمو العظام"، 80% من الأمراض النادرة وراثية، 65% منها تصيب الأطفال، والأمراض الوراثية قرابة 4 آلاف مرض.
وتابع، لا توجد فى سجلات الحكومة أى إحصائيات رسمية تتضمن عدد المصابين بمرض التمثيل الغذائى على مستوى الجمهورية، كما لا توجد مراكز بحثية معنية بالتصدى لتنامى تلك الظاهرة، فضلًا عن أن الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة الصحة تتنصل من علاجه.
وحول طرق حل أزمة الأمراض النادرة، تقول الدكتورة منال فاروق "استشارى طب الأطفال": يعد بناء الوعى بالأمراض النادرة أمرًا مهمًا للغاية، لأن 1 من كل 20 شخصًا سيعيش مع مرض نادر فى يوم ما، وليس هذا فحسب بل إن الأصعب عدم وجود علاج لغالبية هذه الأمراض، ولذا لا بد من تشجيع الباحثين وصناع القرار على تلبية احتياجات أولئك الذين يعيشون مع أمراض نادرة، خاصة أن أكثر من 300 مليون شخص يعيشون مع واحد أو أكثر من الأمراض النادرة التى تخطى عددها 6 آلاف حتى الآن، ويدعم كل منهم العائلة والأصدقاء وفريق من مقدمى الرعاية الذين يشكلون مجتمع الأمراض النادرة.
وتابعت، فى مصر اتخذت الدولة إجراءات لتجريم عملية التنمر على أصحاب الإعاقة ولا بد من تعميمها على أصحاب الأمراض النادرة لمنع التنمر عليهم، كذلك لا بد من توعية المواطنين بضرورة تجنب بعض الممارسات التى تزيد من تلك الأمراض، كما يجب على الدولة زيادة قيمة الإنفاق على المرضى أصحاب تلك الأمراض من خلال دعوة المجتمع المدنى وجمعيات حقوق الإنسان للتبرع لصالح هؤلاء الأطفال.