«ميدرابيد».. عقار طبى ينافس المخدرات على الفتك بالصحة
على نحو مستمر تظهر فى سوق "المخدرات" أنواع وأصناف جديدة تؤدى فى مجموعها بالنهاية إلى الوفاة، ومع تضييق الخناق الأمنى على مصادر إنتاج وترويج المخدرات يكون البديل بعض العقاقير الطبية التى يكون تأثيرها أشد فتكًا من المخدرات التقليدية وذلك بحسب شهادة متخصصين فى علاج الإدمان، فعلى سبيل المثال لا الحصر تحول عقار "الترامادول" من عقار طبى يستخدم لتسكين الألم إلى أكثر أنواع العقاقير طلبًا فى السوق من جانب المدمنين وعلاجه يحتاج لشهور داخل المصحات، وعلى نفس الحال استمر سيناريو استخدام العقاقير الطبية فى الإدمان، ومؤخرًا رصدت "الزمان" لجوء بعض مدمنى المخدرات لأحد أنواع القطرات المستخدمة فى توسيع قاع العين أثناء العمليات الجراحية وتسمى "ميدرابيد" وبحسب خبراء فإن تأثير هذا النوع على الإنسان أشد من تأثير الهيروين.
عائدون من رحلة الإدمان
"كانت تجربة قاسية بكل تفاصيلها والحمد لله أنى تماثلت للشفاء" بتلك الكلمات بدأ "سعيد.م" 32 عاما، حديثه لـ"الزمان"، قائلاً: بدأت تجربتى مع الإدمان قبل خمسة أعوام وأثناء حضور فرح شعبى وعن طريق أصدقاء سوء أخبرونى بأن "نفس" واحد من سيجارة الحشيش لن يذهب عقلى وكان النفس الأول ولم يكن الأخير حيث بدأت رحلتى مع تناول عقاقير مختلفة بداية من الحشيش والأفيون وصولاً إلى الاستروكس، وخلال تلك الرحلة فقدت وظيفتى وعائلتى حيث هجرتنى زوجتى وأبنائى الاثنين ونبذنى أقاربى ولم يعد لى ملجأ سوى أصحاب السوء وذات مرة عرض علىّ صديق تناول جرعة من قطرة للعين تسمى "ميدرابيد" قبل عامين من الآن ووافقت رغبة منى فى تجربة هذا الصنف الجديد ظنًا منى بأن المسألة سوف تمر مرور الكرام وعلى إثر تلك الجرعة التى تناولتها عن طريق الإنف دخلت فى نوبة صرع وتشنجات وتم نقلى للمستشفى التى قامت بتحرير محضر حيث كانت بداية رحلتى للعلاج من الإدمان.
وعن تجربة "قطرة العين" وتأثيرها، يقول: بالنسبة للشخص الذى يتناول أول جرعة فى حياته من هذا النوع فإن لم تكن بالكم المناسب سوف تؤدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية ودوخة شديدة وضيق تنفس وتبدأ أعراض انسحاب الروح من الجسد وسكرات الموت وفى الغالب لا يموت الشخص ولكن يشعر بكل مراحل الموت وهى رغبة مجنونة يقدم عليها المدمنون خاصة أن إدمان هذا النوع من المخدرات يكون من نصيب أخطر أنواع المدمنين ممن يتعاطون الهيروين والكوكايين، وبفضل الله وفاعلى الخير بدأت رحلتى للعلاج من الإدمان.
"مدمن الميدرابيد ميت ميت".. بهذه الكلمات أكد "محمد.ف" 29 عاما، خطورة إدمان هذه القطرة، والذى تعافى من الإدمان، قائلاً: المدمنون الذين يتعاطون القطرة يكونون فى عداد الموتى، حيث إن أعراض انسحابها لمعظم المدمنين الذين كان يعرفهم الموت بعد 20 أو 25 يوما، موضحًا أن الأعراض التى تصاحب مدمن القطرة خلال فترة انسحابها من الجسم هى البرودة والسخونة المفاجئة للجسد، وأصوات غريبة عند النوم غير الطبيعية، صعوبة فى التنفس، نغزات فى القلب، مشيرًا إلى أنه فى دائرة معارفه توفى فى العام 2017 و2018 حوالى 25 شخصا من مدمنى القطرة، قبل أن يلجأ إلى مصحة لعلاج الإدمان طواعية للتخلص من هذا الكابوس الذى بدأ فى مرحلة متأخرة.
واستطرد، علاج مدمنى القطرة صعب فهى ذات تأثير أشد قوة من الهيروين وتمنح أحاسيس زائفة بالسعادة والشجاعة والرغبة فى الاستيقاظ لأيام.
السوق السوداء
على الجانب الآخر، أفاد مصدر طبى –فضل عدم ذكر اسمه– هناك للأسف أصحاب نفوس ضعيفة يعملون داخل مستشفيات العيون يقومون بتسريب بعض من القطرات المستخدمة فى العمليات للسوق السوداء وبيعها بأسعار تصل إلى 1200 جنيه للعبوة الواحدة وذلك بعد تضييق الخناق على الصيدليات وتجريم تداول تلك القطرة خارج المستشفيات الحكومية والخاصة والاستخدام للأغراض الطبية الظاهرية فقط دون دخولها إلى جسم المريض عن طريق الفم والأنف.
وتابع، تشديد الرقابة على مخازن الأدوية بالمستشفيات مسألة غاية الأهمية حيث تعتبر مسألة استنفاد الأدوية من المخزن مرهونة بالورق فقط والصادر والوارد وربما يكون فى الواقع أمور أخرى مرتبطة بالتجارة غير المشروعة علمًا بأن سعرها داخل الحيز الحكومى لن يزيد فى أقصى تقدير عن 100 جنيه ولكن بالسوق السوداء تباع بأسعار فلكية.
وعن أضرارها، يقول الدكتور جلال السبكى "استشارى علاج الإدمان": تعتبر قطرة ميدرابيد وسيلة من وسائل الموت السريع، فبعد أن كان استخدام هذه القطرة مقصورا على الأغراض الطبية المتمثلة فى استرخاء عضلات العين، وتوسعة الحدقة حتى يتمكن الطبيب من فحص العين ورؤية الجزء الخلفى من العين، بات المدمنون يستخدمون هذه القطرة كمخدر قاتل عن طريق حقن هذه القطرة وأحياناً يتم خلطها بالهيروين مما يفصلهم عن الواقع ويغيب بهم عن الوعى ويؤدى بهم إلى الموت المفاجئ، ومن ينجو من الموت يعيش شبه إنسان مصاب بالجنون أو الشلل لأن تعاطى هذه القطرة يساعد فى نمو العديد من الفطريات على القلب مما يسبب جلطات سريعة ومن ثم الموت السريع، وللتخلص من إدمان هذا المخدر اللعين كل ما عليك هو امتلاك الإرادة والعزيمة الكاملة فى العلاج.
وأضاف، المشكلة الكبرى هى أن أكثر متعاطى تلك الأنواع من قطرة المخدرات هم من فئة الشباب والمراهقين ولكن بالرغم من سهولة الحصول على مصل تلك الأنواع من المخدرات إلا أن الخروج من هذا الطريق الوعر والعالم المظلم ليس بالأمر الهين على الإطلاق, ومن هنا فإن علاج إدمان قطرة العين ليس بالأمر الهين خاصة لو كان الأمر مرتبطا بتعاطى قطرة الإدمان مع غيرها من أنواع المخدرات كالهيروين أو الكوكايين أو مختلف أنواع المخدرات البودرة الفتاكة, ومن هنا يتطلب الأمر التواصل مع مراكز ومستشفيات علاج الإدمان المختصة.
من جانبه، يقول الدكتور أمير مجدى "صيدلى": وضع مثل هذا النوع من المخدرات على قائمة جدول المخدرات المحظور بيعه داخل الصيدليات إلا بواسطة روشتة طبيب هو بداية وقف هذا النوع وهو إجراء تقوم به وزارة الصحة بين كل فترة وأخرى، لكن للأسف يتم تسريب هذه النوعية من العقاقير من داخل مستشفيات حكومية وبعض الصيادلة وهو نفس سيناريو بيع الأدوية المخدرة مثل الترامادول والتامول، فهناك تجار لهذه النوعية من الأدوية ومن ثم هناك حاجة لمزيد من الرقابة الفاعلة على الصيدليات وعلى مخازن المستشفيات ومنح الضبطية القضائية لمسئولى التفتيش للقيام بدورهم على أكمل وجه.
وتابع، قطرة "ميدرابيد" وأنواع أخرى مثل قطرة "بلجيكا" جميعها تستخدم ومن خلال خلطها مع الهيروين كمخدر قوى يؤدى إلى ظهور فطريات على القلب ومن ثم حدوث جلطات والوفاة على الفور، مشيرًا إلى خطورة هذا النوع من الإدمان والذى علاجه بمثابة معجزة خاصة أن المتعاطين فى تلك الحالة يكونون قد وصلوا لمراحل متقدمة فى الإدمان ويكون المدمن مر بأنواع مختلفة من المخدرات.