”الوطني للدراسات” و”تريندز للبحوث” يتوقعان تغييرات ملحوظة في معدل وجغرافيا العمليات الإرهابية
نظم المركز الوطني للدارسات بمشاركة مركز تريندز للبحوث والاستشارات جلسة حوارية تحت عنوان: "اتجاهات التطرف والإرهاب عالمياً في العام 2022"، وقد بدأت الجلسة التي هي أولى الأنشطة المشتركة بين الجانبين بكلمة لرئيس المركز الوطني اللواء أحمد الشهابي؛ رحب خلالها بأخيه سعادة الدكتور محمد عبد الله العلي والوفد المرافق، وذلك قبل أن يهديه درع المركز، من ناحيته قام الدكتور عبد الله العلي بالتأكيد على أهمية استمرار التعاون بين المركزين، كما قدم "العلي" درع تريندز للبحوث والاستشارات ومجموعة من إصدارات المركز إلى الشهابي.
ومع بدء الجلسة الحوارية التي أدارها المدير التنفيذي للمركز الوطني للدارسات هاني الأعصر، قال دكتور فتوح هيكل، رئيس قطاع البحث العلمي في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، إننا نتحدث عن ظاهرة لها عدد من المحددات، منها محددات داخلية مرتبطة بالحواضن المحلية للفكر المتطرف والسلوك الإرهابي التي يبنشط فيها، نتيجة أزمات سياسية تستغلها جماعات متطرفة أو نتيجة أفكار متطرفة وتفسير مغلوط نتيجة إيديلوجيات دينية أو غير دينية.
وأضاف هيكل "لو الحواضن موجودة فالظاهرة الإرهابية تزيد، بينما لو تراجعت هذه الحواضن نستطيع الحديث عن تراجع الإرهاب"، كما لفت النظر إلى التحركات التي تقودها مصر والسعودية والإمارات لمواجهة الفكر المتطرف، والتي تعطي مؤشر إيجابي، لكن في المقابل أشار إلى حصول التنظيمات المتطرفة على دعم خارجي فيما بعد 2011، موضحًا دور قوى خارجية وإقليمية مثل مثل قطر وتركيا وإيران.
وأوضح حدوث تراجع في الدعم المباشر لهذه التنظيمات من جانب قطر وتركيا نتيجة موائمات سياسية ومباحثات تقارب، وقال "لو استمرت الموائمات يتراجع الدعم لكن لو توترت الأمور مرة أخرى سيعود الدعم المباشر للتنظيمات الإرهابية"، وبناءاً عليه فقد توقع "هيكل" أن يتراجع معدل العمليات في النطاقات التي تنشط بها التنظيمات المدعومة من قطر وتركيا، ويتزايد في نطاقات آخرى جراء بعض التغييرات التي طرأت على المشهد الإقليمي كصعود طالبان وغيرها.
وبشأن إمكانية تأثير انقسامات جماعة الإخوان المسلمين على العمليات الإرهابية، استبعد اللواء أحمد الشهابي، لجوء جبهتي الإخوان المسلمين المنقسمة إلى أعمال عنف في المستقبل القريب ، وقال "لا أعتقد أن الصراع يؤدي لتفشي العنف خاصة أن الجهود الأمنية وما تنطوي عليه من جمع معلومات وتحليلها تؤدي للنتائج الإيجابية التي نراها والتي كان أخرها القبض على أحد عناصر الإخوان الإرهابية، كما توقع استمرار الانقسام داخل الجماعة لفترة غير قصيرة.
فيما تحدث أشرف ميلاد، مدير وحدة المشروعات والتدريب في المركز الوطني للدراسات عن زيادة الهجرة غير النظامية خلال عام 2021، نتيجة الانسحاب المفاجئ المربك من أفغانستان. وبشأن مشاركة المهاجرين في عمليات إرهابية في الدول الغربية، لفت ميلاد على إحصائية أمريكية في الفترة من عام 1975 حتى 2015، كشفت أن 88% من العمليات شارك فيها مهاجرين أو أشخاص دخلوا البلاد بتأشيرات سياحية، بخلاف دور الجيل الثاني من المهاجرين في العمليات الإرهابية في بريطانيا في 2005.
بينما لفت فهد المهري، مدير إدارة الباروميتر العالمي في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، إلى تأثير فيروس كورونا على الظاهرة الإرهابية، وقال إن تركيز الحكومات على أولوية جائحة كورونا خفض ميزانيات مواجهة الجماعات الإرهابية، موضحًا أن الأولويات في الفترة الحالية أصبحت مختلفة، وبناءاً عليه فقد توقع زيادة معدلات العمليات الإرهابية. وذلك قبل أن يلفت النظر لأثر التغييرات المناخية على الظاهرة الإرهابية مستشهداً بواقعة سيطرة التنظيمات الإرهابية في تشاد على موارد المياه بعد جفاف إحدى البحيرات.
من جهته قال دكتور خالد عبد الحميد، مدير إدارة الإسلام السياسي في مركز تريندز للبحوث والاستشارات إن الانقسام داخل جماعة الإخوان المسلمين سيكون له تداعيات، قد قد يدفع بعض جماعات الإرهاب للجوء للعنف بعد فشل الجماعة في السلطة بعد وصلوها لها بالطرق السلمية، أو لجوء بعض الجماعات لاستخدام العنف بغرض زعزعة استقرار الدول العربية وأضاف "وارد أن الجماعة تلجأ للسلاح، لاستعادة نفوذها".
فيما قال محمد خيال، الباحث في المركز الوطني للدراسات إن الانقسام في جماعة الإخوان لا يمكن أن يكون سبب لزيادة العمليات الإرهابية، مضيفًا "الجبهتان المتنازعتان على قيادة الجماعة ولائهم للغرب الذي يرفض العمليات الإرهابية"، مشيراً إلى أن الانقسام الأول بدأ نتيجة رفض عمليات العنف من جانب عدد من أعضاء التنظيم الدولي على رأسهم إبراهيم منير، خوفًا من رد الفعل الأوربي الذي قد يؤدي إلى تصنيفهم جماعة إرهابية .
من جهته قال عبد الله مترف، رئيس وحدة الشؤون الإيرانية والتركية بمركز تريندز، "نحن نشهد مخاض نظام دولي جديد، وأفضل المحللين في حيرة مما قد يحدث". وفيما يتعلق بوضع التظيمات الإرهابية في المنطقة، قال مترف "إن الانسحاب الأمريكي أدى لزعزعة النظام الدولي، اتخاذ مثل هذه القرارات الكبيرة دون الرجوع للحلفاء في الغرب أو المنطقة خطير".
وأضاف "نحن أمام فاعلين جدد مثل الصين، والاتفاق الإبراهيمي أعطى دوافع لتحرك التنظيمات المتطرفة، بخلاف وجود نظام إيراني مارق"، لكن في الوقت نفسه شدد مترف على أن التكتل العربي في المنطقة يزيد الخناق على التنظيمات الإرهابية.
وبشأن الهجمات التي تم شنها على الإمارات قال مترف أصابع الاتهام في الإمارات تتجه مباشرة للحوثي، لكن لا يمكن له أن يتخذ قرار مثل هذا دون العودة لطهران". وتوقع تصاعد العمليات التي تشنها تنظيمات إرهابية في العراق واليمن وقال "لكنه لن يكون على المستوى المحلي، سيكون عابر للحدود".
محمد السالمي، باحث رئيسي ومدير إدارة التدريب في مركز تريندز قال إن صعود طالبان قلل من قيمة التحالفات الدولية والاستراتيجية. فيما لفت إلى تطور الوضع في اليمت وقال "صار صواريخ باليستية بعيدة المدى تستهدف السعودية بشكل كبير لكني أراه الرمق الأخير لو انطقع الإمداد العسكري من إيران ستتوقف الحركات الإرهابية الخارجية".
من جهته نبه بهاء عياد الباحث بالمركز الوطني للدراسات إلى دور بعض المتغيرات في الأعمال الإرهابية، منها الهجمات السيبرانية، والتهديدات المرتبطة بالأمن. وقال عياد إن الإرهاب البحري والإلكتروني فضائين غير تقليديين لانتشار العمليات الإرهابية التي تقف ورائها دول من خلال فاعلين غير تقليديين في هذا النشاط، وأشار أيضًا إلى الشركات الأمنية الخاصة التي تمارس أعمال عنف أو تتجاوز القانون.
فيما وجه المدير التنفيذي للمركز الوطني للدراسات كلمة ختامية لخص خلالها ما جاء في الجلسة مشيراً إلى أن التطورات التي طرأت على المشهدين الإقليمي والدولي سوف تؤثر بشكل واضح على جغرافيا الإرهاب ومعدل العمليات التي سيشهدها عام 2022، وبخاصة في أوروبا التي قد تتعرض لمزيد من العمليات بأيدي الذئاب المنفردة والتي ترتبط طردياً مع زيادة عدد اللاجئين إليها والذي بلغ عددهم خلال 2021 نحو 200 ألف مهاجر، مختتماً كلامه بتحذير واضح من الزيادة المتوقعة التي قد تطرأ على ظاهرة الإرهاب البحري والتي اعتبرها الأعصر وسيلة مثالية للإبتزاز الدولي تلجأ إليها بعض الدول الراعية والداعمة للإرهاب.