استمرار المظاهرات المطالبة برحيل العسكر من المشهد السياسي السوداني
توافد آلاف المحتجين السودانيين إلى شوارع العاصمة الخرطوم وغيرها من المدن هذا الاسبوع، للمطالبة بالحكم المدني، وشهدت شوارع الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري انتشارا كثيفا لقوات الجيش والدعم السريع، في ظل انحسار ملحوظ لقوات الشرطة التي قتل منها ضابط كبير في الاحتجاجات الأخيرة.
وأطلق ناشطون على هذه التظاهرات اسم "مليونية 24 يناير، وكانت مظاهرات "واد مدني" في وسط السودان هي الأكبر على الإطلاق في تاريخ المدينة، إذ جاءت في أعقاب حالة من الغضب الشعبي بعد وفاة شاب متأثرا بإصابته بالرصاص الحي في احتجاجات الاسبوع الماضي.
ويطالب المشاركون في الاحتجاجات بمحاكمة المسؤولين عن قتل 73 متظاهرا في البلاد، خلال الأشهر الثلاث الماضية، واقصاء العسكريين عن المشهد السياسي وأعلنت لجنة أمن ولاية العاصمة السودانية قبيل الاحتجاجات أن جسور الخرطوم ستبقى مفتوحة، فضلا عن عدم قطع الإنترنت، حسبما أوردت وكالة الأنباء الرسمية السودانية "سونا.
وأشارت اللجنة إلى صدور توجيهات لقوات الأمن بضبط النفس خلال الاحتجاجات، وهذه أول مرة تصدر فيها مثل هذه التوجيهات، وتأتي هذه الاحتجاجات الجديدة في وقت يتأزم فيه المشهد السياسي في البلاد، فالأزمة السياسية تراوح مكانها، منذ أن اتخذ الجيش سلسلة قرارات في أواخر أكتوبر الماضي، ولم تفلح محاولات الوساطة في ردم الهوة بين الأطراف السياسية في السودان.
وقال الدكتور زكي البحيري ، خبير الدراسات الأفريقية وحوض النيل،و الأستاذ بجامعة المنصورة ان الشعب السوداني يأس من قدرة العسكريين علي ادارة شؤون البلاد، بعد ان فشل الفريق ابراهيم عبود خلال الفترة التي تولي فيها رئاسة الجمهورية بين عامي 1958و1964، ومن بعده الرئيس جعفر نميري بين عامي 1969 و1985، واخيرا الفريق عمر البشير بين عامي 1989 و2019 في تحقيق الرخاء الاقتصادي.
أوضح لـ الزمان" ان السودان دولة مترامية الأطراف حيث تقدر مساحتها بنحو مليون و900 الف كيلو متر مربع ولابد من جيش قوي لحماية حدودها مع جيرانها، مشيرا الي استعادته مليوني فدان من أراضي "الفشقه" من المليشيات الاثيوبية بعد الثورة.
واضاف الدكتور زكي ان الاحزاب السياسية فشلت هي الأخرى في ادارة شؤون البلاد بعد ثورة 1964 وحتي 1969 كما فشلت مرة اخري بين عامي 1986 وحتي عام 1989، مما جعل الشعب نفسه رافضا للطرفين.
اكد الخبير الاستراتيجي ان الحل الوحيد امام الشعب هو التوصل لصيغة تفاهم بين القوي السياسية واعطاء فرصة للحكومة التي شكلها الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي كي تثبت وجودها لحين الوصول لانتخابات برلمانية.
وحول موقف القوي الكبرى من احداث السودان لفت الدكتور زكي الي ان امريكا دائما ما ترفع شعار الفوضى الخلاقة وتريد ضرب الجيش حتي تملي عليه ارادتها، والثورات الشعبية غالبا ما تحكمها الغوغائية دون النظر للمصلحة العليا للبلاد.
حذر الخبير الاستراتيجي من تعرض البلاد لمجاعة حيث دخلت المظاهرات شهرها الثالث توقف خلالها العمل والانتاج تماما، محذرا من استمرار الضغط علي العسكريين بصورة قد تجبرهم علي التفريط في المصلحة العليا للبلاد تحت ضغط الشارع.
في سياق متصل قال الدكتور احمد عبد الدايم استاذ التاريخ الحديث بكلية الدراسات الافريقية جامعة القاهرة، ان تشكيل الحكومة الجديدة جاء بضغوط اجنبية بعد رفض الدول العربية والاوربية والولايات المتحدة الامريكية تقديم اي معونات للسودان.
وحول اعلان اسماء الوزراء دون الاعلان عن اسم رئيس الوزراء لفت الخبير الاستراتيجي الي احتمال ان يراسها الفريق عبد الفتاح البرهان نظرا لرفض الشخصيات السياسية القبول بهذا التكليف في ظل المظاهرات المنتشرة بالشوارع.
أشار الدكتور عبد الدايم الي تأييد القضاة ووكلاء النيابة للمظاهرات بعد ارتفاع اعداد القتلى بين المتظاهرين ، دون وجود اليه واضحة للتفاوض ين القوي السياسية مشيرا الي ان كل فصيل يبحث عن مصلحته الشخصية دون النظر للمصلحة العليا للبلاد.
وحول احتمال تعرض السودان للانهيار اكد الدكتور عبد الدايم ان ذلك يضرب الامن القومي لمصر ولدول الجوار في مقتل، مطالبا كل دول الجوار بسرعة التحرك لمنع انهيار السودان، وتقديم بعض المساعدات للمضارين والعمل علي دعم حكومة التكنوقراط التي تم تشكيلها.
والاهم محاولة اقناع الشباب والقوي السياسية بوقف المظاهرات مؤقتا لحين استكمال مؤسسات الدولة حتي يبدا التجهيز الجدي للانتخابات العامة علي اسس قانونية ثابته ووقتها يتم اختيار الحكومة الجديدة بواسطة صناديق الاقتراع.