النفط.. نقطة الضعف التي تستخدمها الدول ضد خصومها
تشهد أسعار النفط والغاز ارتفاعا ملحوظا منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في الـ24 من فبراير الماضي، حيث أعلنت الولايات المتحدة حظر الواردات من النفط والغاز الروسيين، مما أدى إلى زيادة سعر البرميل إلى 130 دولارا.
- أزمة النفط الأولى
ولكنها لم تكن أول أزمة للنفط يمر بها العالم، فكانت الأزمة الأولى في 15 أكتوبر عام 1973 عندما قام أعضاء منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول، التي تتألف من "الدول العربية أعضاء أوبك بالإضافة إلى مصر وسوريا"، لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في حرب 19،67 وأعلنت "أوبك"، أنها ستوقف إمدادات النفط الى الولايات المتحدة والبلدان الأخرى التي تؤيد إسرائيل في صراعها مع سوريا ومصر والعراق.
- الموقف الأمريكي من الصراع الروسي الأوكراني
حظر الرئيس الأمريكي جو بايدن، جميع واردات النفط والغاز الروسي، ردا على العمليات العسكرية لروسيا في أوكرانيا.
وأكد "بايدن"، أن الدعم القوي من الحزبين دفع نحو اتخاذ خطوة اعترف بأنها سترفع أسعار الطاقة الأمريكية.
وصرح خلال أحد المؤتمرات، قائلا: "نحن نحظر جميع واردات النفط والغاز الروسيين وهذا يعني أن النفط الروسي لن يكون مقبولا بعد الآن في الموانئ الأمريكية وسيوجه الشعب الأمريكي ضربة قوية أخرى لآلة الحرب (الرئيس الروسي فلاديمير)".
وأضاف: "أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها تسببت بالفعل في "حفرة" بالاقتصاد الروسي"، مشيرا إلى أن التحركات الأخيرة تمت بالتشاور الوثيق مع الحلفاء والشركاء في جميع أنحاء العالم.
- بريطانيا تتبع أمريكا وتحظر واردات النفط الروسية.
من جانبها أعلنت بريطانيا أيضا، بعد وقت قصير من تصريحات بايدن، أنها ستوقف استيراد النفط والغاز الروسي تدريجياً بحلول نهاية عام 2022.
- مقدار النفط بدولة روسيا
تعد روسيا ثالث أكبر بلد منتج للنفط في العالم، بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ومن بين 5 ملايين برميل من النفط تنتجها روسيا يوميا، يصدر أكثر من النصف إلى أوروبا.
- بالنسبة لبريطانيا، يمثل ذلك نحو 8% من احتياجها من المنتجات النفطية.
- أما الولايات المتحدة، فهي أقل اعتمادا على موارد الطاقة الروسية، إذ لم تستورد إلا 3% من نفطها من روسيا في عام2020.
- تأثير حظر النفط الروسي على العالم
يعد قطاع الطاقة في روسيا مفتاحًا لاقتصادها، من خلال حظر واردات النفط يضر البيت الأبيض بروسيا في منطقة تم تجاهلها في المجموعة الأولية من العقوبات الانتقامية التي فرضتها الولايات المتحدة.
ويقطع حظر النفط الخام واحدة من أكبر العلاقات المتبقية التي تربط بين الاقتصادين الأمريكي والروسي.
وتعتمد روسيا بشدة على شركاتها النفطية لتمويل حكومتها وجيشها، وتعتمد الولايات المتحدة على النفط الروسي، إلى حد ما ، للحفاظ على استقرار إمدادات البنزين لديها.
وإذا اتبعت الدول الأخرى خطى الولايات المتحدة، فإن تجارة النفط الروسية الضخمة ستعاني من انخفاض كبير في الطلب..
- تأثير حظر النفط الروسي على مصر
صرح ياسر عمر وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بأن استمرار ارتفاع أسعار النفط عالميًا سيؤثر سلبًا على الموازنة العامة، غير أنه قلل من استمرار هذا التأثير مع توقعه بتسوية الولايات المتحدة الأمريكية وإيران للخلافات بينهما، والسماح بدخول النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية مما يزيد من المعروض.
وأضاف عمر، أنه من الصعب التكهن بمدى تأثير ارتفاع أسعار النفط عالميا على الموازنة المصرية، نظرا لتذبذب أسعار النفط عالميا، فمنذ عام وصل سعر النفط قرب 40 دولار في حين يتداول حاليا بأكثر من 96 دولار، مما يصعب من التكهن باستمرار هذه الزيادة.
كما قال عمر، إن صادرات مصر من الغاز الطبيعي في تزايد منذ عام 2018، حيث تحولت مصر منذ هذا العام من دولة مستوردة للغاز إلى مصدرة، ويتوقع أن يرتفع الإقبال على الغاز المصري لتعويض نقص إمداد الغاز الروسي لأوروبا حال تزايد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا، وقد تصل إلى أسعار الغاز إلى أرقام قياسيه.
والجدير بالذكر أن صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال بلغت 3.9 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة نمو 550%، وذلك من إجمالي 12.9 مليار دولار صادرات بترولية العام الماضي، بحسب بيانات رسمية.
- بدائل الغاز الروسي
يقول الكثير من محللين سياسات الطاقة إنه سيكون من الأيسر العثور على بدائل للنفط والغاز، كون روسيا ليست أكبر مصدري النفط إلى الاتحاد الأوروبي، صحيح ان جزءا من إمدادات النفط يأتي من روسيا، ولكن هناك العديد من الشحنات التي تأتي من مصادر أخرى.
وتطالب الولايات المتحدة السعودية برفع إنتاجها من النفط ولكن السعوديين سبق لهم أن رفضوا الطلبات الأمريكية المتكررة لرفع الإنتاج من أجل خفض الأسعار.
ومن المعروف أن السعودية هي أكبر دولة منتجة للنفط في منظمة أوبك، التي تنتج الدول الأعضاء فيها نحو 60% من النفط الخام المتداول في الأسواق العالمية لذا "الأوبك" لها دور محوري في تحديد أسعار النفط عالميا.
- أبرز العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا
عمد القادة الغربيون إلى تجميد أصول البنك المركزي الروسي، مما حد من قدرته على الوصول إلى 630 مليار دولار من احتياطاته.
ومنعت بريطانيا، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة المواطنين والشركات لديها من إجراء أي تعاملات مالية مع البنك المركزي الروسي أو وزارة المالية الروسية أو صندوق الثروة السيادي الروسي.
وتضمنت العقوبات إبعاد بعض البنوك الروسية عن نظام سويفت الذي يسمح بتحويل الأموال بشكل سهل بين الدول المختلفة، وهو الأمر الذي سيعيق قدرة روسيا على الحصول على عائدات بيع نفطها وغازها.
كما فرضت بريطانيا عدة عقوبات إضافية على موسكو من بينها:
- استبعاد كبرى البنوك الروسية من النظام المالي البريطاني
- تجميد أصول كافة البنوك الروسية.
- إصدار قوانين لمنع الشركات والحكومة الروسية من الحصول على أموال من الأسواق البريطانية.
- وضع حد أقصى للمبالغ المالية التي يمكن للروس إيداعها في البنوك البريطانية.
وبدوره أعلن الاتحاد الأوروبي، عن فرض عقوبات تستهدف 70% من السوق المصرفية الروسية وكبريات الشركات المملوكة للدولة الروسية.
- عقوبات على الشخصيات العامة
استهدفت العقوبات الغربية أيضا عددا من الشخصيات البارزين في روسيا، على رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، الذي تم تجميد أصوله في الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، علاوة على حظر سفرهما إلى الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، استهدفت الولايات المتحدة أصول 8 آخرين من الأوليغارش والمسؤولين الروس، بما في ذلك رجل الأعمال أليشر عثمانوف.
- عقوبات الشركات العالمية
أما بالنسبة للشركات فقد أوقف عدد متزايد من الشركات العالمية بما في ذلك ماكدونالدز وكوكا كولا وستاربكس خدماتها في روسيا.
وأيضا أوقفت مجموعة يونفيرسال للموسيقى، عملياتها وأغلقت مكاتبها في روسيا.
كما أعلنت كل من أبل ونتفليكس وزارا ومذركير واتش آند إم وجاغوار ولاندروفر تعليق أنشطتها في روسيا.
وأكدت 3 من أكبر 4 شركات محاسبة في العالم إنه لن يكون لها بعد الآن شركاء في روسيا، في حين أعلنت شركة المحاماة الرائدة فريش فيلدز أنها لن تعمل بعد الآن مع أي عملاء مرتبطين بالدولة الروسية.