تل أبيب تتنكر للوصاية الهاشمية..
إسرائيل تسقط المجتمع الدولي بـ«معركة التبجح والانتهاكات»
صرح رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت، مطلع الأسبوع، بأن القرارات المتعلقة بالمسجد الأقصى ومدينة القدس، سيتم اتخاذها من قبل إسرائيل، التي اعتبرها صاحبة السيادة على المدينة المحتلة، بغض النظر عن أي اعتبارات خارجية، وهو أول قرار رسمي عملي ضد الوصاية الهاشمية الأردنية.
ومن جانبه، أكد وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني محمد الخلايلة، الثلاثاء، أن الوصاية الهاشمية على المقدسات والأوقاف الإسلامية والمسيحية قائمة وستبقى قائمة، وأن المسجد الأقصى حق خالص للمسلمين ولا يشاركهم فيه أحد، والإشراف على المسجد الأقصى والمقدسات حق خالص لوزارة الأوقاف بالتنسيق مع دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس الشريف.
وفي هذا الصدد، توقعت الباحثة في الشأن الإسرائيلي، علياء الهواري، أن يدخل الأردن في صدام كبير مع إسرائيل، خاصة بعد رد الفعل الأردني، مؤكدة في الوقت ذاته أنه لا يوجد شيء على الساحة الآن يمكن أن نحدد من خلاله.
هذا، وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، هذه التصريحات، واعتبرتها كاذبة وغير قانونية وامتدادا للعدوان الإسرائيلي على شعب فلسطين وحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، وتطاولا فجا على القانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها، كما تعتبرها جزءا لا يتجزأ من حملة إسرائيل الرسمية التضليلية للمجتمع الدولي وقلبا لحقائق التاريخ والجغرافيا والصراع.
وبدورها، رفضت الرئاسة الفلسطينية تصريحات بينيت بشكل قاطع، مؤكدة أن قرار عصبة الأمم لعام 1930 حسب لجنة شو، ينص على أن ملكية المسجد الأقصى المبارك وحائط البراق والساحة المقابلة له تعود للمسلمين وحدهم.
كما أعلنت الجامعة الدول العربية، استهجانها التام ورفضها الشديد لهذه التصريحات أو أي مواقف إسرائيلية من شأنها محاولة تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم للقدس أو محاولة انتهاك الوضع القائم بالمسجد الأقصى المبارك، الذي يقصر حق الصلاة للمسلمين فقط.
• اعتلال عربي
وفي السياق ذاته، يقول الكاتب الصحفي والناشط الفلسطيني أحمد أبو رتيمة لـ«الزمان»، إن سياسات الاحتلال العدوانية الخارجة عن القانون والأعراف، هي سياسات ثابتة منذ اليوم الأول لتأسيسها، والقدس هي عنوان لهذا لصراع وللعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني.
وأضاف أبو أرتيمة: «هذا العدوان ليس على الشعب الفلسطيني فقط، بل على الشعوب العربية وعلى الأمة الإسلامية كلها؛ لذلك الاحتلال لديه شعور بالغرور وبالتفوق على محيطه الإقليمي».
ويرى الكاتب الفلسطيني، أنه في ظل حالة الاعتلال والضعف العربي وضعف التنسيق، وما أظهرته الأشهر الأخيرة من ضعف ردود الفعل العربية والإقليمية على الاعتداءات الصهيونية الاحتلالية السافرة بحق المسجد الأقصى، هو ما شجع الاحتلال أن يتمادى في سياساته.
وأكد أبو أرتيمة، أن تصريحات بينيت، تعد تتويجا لهذا التمادي؛ لأنه لايشعر بضغط عربي حقيقي عليه ولا بحالة ضغط تلزمه، لافتا إلى أن دولة الاحتلال ليست قوية بل تستقوي بضعف العرب وبتفرقهم واعتلالهم.
وأشار إلى أن الهبّة الفلسطينية وسلسلة المقاومة الفلسطينية التي حدثت في شهر مايو من العام الماضي، كانت قادرة على إيقاف مخططات الاحتلال في تهديد حي الشيخ جراح وفي إيقاف مسيرة الأعلام، متسائلا: «فكيف لو كان هناك مواقف تنسيقية قوية بين الدول العربية؟ لما كنا سمعنا بمثل هذا التصريح».
ويرى الناشط الفلسطيني، أن هذا التصريح هو إدانة لحالة الضعف العربي، معللا أن حالة الضعف هي التي تشجع الاحتلال على التمادي والغرور، مؤكدا أنه بمجرد أن يكون هناك مواقف قوية من ضغوط سياسية واقتصادية، وإيقاف التطبيع مع هذا الاحتلال سنجد تراجعا واضحا في مواقفه.
وذكر أن المجتمع الدولي والدول الغريبة بالأخص هي من أنشأت إسرائيل، واصفا إسرائيل بأنها مستعمرة غربية، وبالتالي تعبر عن مصالح هذه الدول وعن أطماع هذه الدول.
وتابع: «القضية لا تخضع لاستجداء تعاطفا من هؤلاء أو مطالبتهم بأن يجبروا إسرائيل على الانصياع للقانون الدولي لأن وجود إسرائيل في حد ذاته خروج عن القانون الدولي، وخارج عن حقوق الإنسان، لأن وجودها قائم على تهجير الشعب الفلسطيني وعلى احتلال أراضيه بغير حق».
وتوقع أبو أرتيمة، حدوث مزيدا من الانتهاكات، مشيرا إلى أن الطريقة الوحيدة لوقف هذه الانتهاكات هو أن يكون هناك تنسيق عربي قائم على أساس مراعاة المصالح العربية المشتركة ومقاطعة هذه الدولة الاحتلالية الاستعمارية.
• تهويد المدينة القديمة
ومن جانبها، ترى علياء الهواري، أنه وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في القدس والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، فإن هناك محاولات إسرائيلية لتغيير الوضع التاريخي في المدينة القديمة، لا سيما فيما يتعلق بالوصاية الهاشمية الأردنية على المقدسات الدينية.
وأضافت الهواري: «القدس عاصمة فلسطين، والاحتلال يعلم ذلك ولكنه يحاول تغيير الوضع بشتى الطرق، والقول بأنها عاصمتهم مجرد كلام على الورق ولا حق لهم في التنفيذ».
والجدير بالذكر أنه ولأول مرة منذ توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994 يتحدث رئيس وزراء إسرائيلي عن الأردن في ملف القدس باعتباره طرفا أجنبيا.