«شعراوي» يستعرض التفاصيل الكاملة لمبادرة «حياة كريمة» كنموذج للتنمية وتكثيف الاستثمار الحكومي
شارك اللواء محمود شعراوي وزير التنمية المحلية، في جلسة التعاون والمساعدة الإنمائية (في عالم ما بعد الجائحة) على هامش المؤتمر السنوي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية بشرم الشيخ وذلك بحضور عدد من ممثلي الصناديق والمؤسسات الدولية والعربية وأنس أيسامي مدير البرامج القطرية بالبنك الإسلامي للتنمية والسيدة منى باكير مدير المكتب الإقليمي للبنك بالقاهرة.
وأعرب شعراوي عن سعادته بالمشاركة في الاجتماع والذي تستضيفه مدينة السلام (شرم الشيخ) والتي أصبحت قبلة هامة للمنتديات والمؤتمرات الدولية والإقليمية التي تناقش قضايا التنمية في العالم وتستعد بعد شهور قليلة لاستضافة قمة المناخ العالمي السابعة والعشرين والتي ستساهم مخرجاتها في انقاذ الانسانية من خطر التغيرات المناخية، وترسم خريطة للتعافي الأخضر المنشود.
وأكد "شعراوي" على تشرف وزارة التنمية المحلية المصرية بالرعاية والمشاركة في تنظيم هذه الحلقة النقاشية الهامة التي توفر فرصة مناسبة للحوار وتشارك التجارب الناجحة والخبرات الدولية المتعلقة "بفعالية المساعدات الانمائية في عالم ما بعد الجائحة"، لافتاً الي أنها تأتي في لحظة فارقة لمنطقتنا العربية والإسلامية والتي عانت كغيرها من تأثيرات جائحة كورونا وما صاحبها من أزمات اقتصادية واجتماعية، وضاعف من تأثيرها حالة عدم الاستقرار التي يشهدها العالم على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
وأشار وزير التنمية المحلية إلى إن خبرة مصر في التعامل مع التحديات التنموية كانت سابقة لجائحة كورونا، حيث التزمت الدولة المصرية في تجربتها بنهج قائم على الإصلاح الهيكلي للبنى الاقتصادية والاساسية، ومعالجة الاختلالات الجوهرية التي أدت لوجود مناطق وأقاليم تعاني من الفقر وتراجع فرص التنمية، وذلك في ضوء رؤية استراتيجية واضحة الملامح.
وأضاف اللواء محمود شعراوي أنه خلال العام المالي 2014-2015 تبنت مصر رؤية استراتيجية لتنمية المناطق المتأخرة تنمويا، وركزت هذه الاستراتيجية على صعيد مصر، والريف المصري في شمال وجنوب مصر، والمناطق الحدودية، مضيفاً : حيث كانت ترتفع في هذه المناطق معدلات الفقر متعدد الجوانب والأبعاد، وتنخفض مؤشرات جودة الحياة، وتتسم بانها مجتمعات طاردة للسكان وغير جاذبة للاستثمار.
وقال وزير التنمية المحلية إنه كان لزاماً أن تخوض الدولة المصرية غمار برنامج طموح للإصلاح الاقتصادي والمالي، واستطاعت أن تجتازه بنجاح وبشهادة المؤسسات الدولية والإقليمية، وهو ما مكنها من التحول نحو إصلاح الهياكل المؤسسية والبني المؤسسية والعمرانية وخلق بيئة جاذبة للاستثمار وداعمة للتنمية.
وأكد اللواء محمود شعراوي ان الدولة المصرية تبنت خلال الفترة من 2014 حتى الآن العديد من البرامج القومية التي تستهدف تعزيز الكرامة الإنسانية وإحداث نقلة نوعية مستدامة في مستوى جودة حياة المصريين.
وتابع الوزير: وقد شملت هذه البرامج تحديث شامل للبنية الأساسية وشبكات النقل واللوجستيات، إنشاء وتطوير العديد من المدن الجديدة وتنفيذ أكبر مشروع اسكان في تاريخ مصر، وانشاء عاصمة ادارية جديدة بالكامل، وتبني برنامج طموح للقضاء على العشوائيات، فضلاً عن البرامج التي تستهدف بناء الإنسان المصري من خلال منظومة للتأمين الصحي الشامل، مبادرات للقضاء على الأمراض السارية، استثمارات كبيرة في التعليم ما قبل الجامعي والجامعي، هذا بخلاف تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال برامج استصلاح الأراضي (الدلتا الجديدة – المليون ونصف فدان) تطوير المدن الصناعية وانشاء مجمعات صناعية، الاستفادة من ثروات مصر البترولية والتعدينية.
وأوضح وزير التنمية المحلية أنه ذات السياق التنموي المبني على فكرة العدالة والكرامة الذي تبنته الدولة المصرية سعياً لتأسيس جمهوريتها الجديدة فقد تبنت الحكومة برامج ومشروعات قومية متعددة على مراحلها وتعاقبها تعمل على تحسين جودة حياة المواطن والارتقاء بمنظومة الخدمات المحلية والبنية الأساسية.
وأشار الوزير إلى أنه منذ عام 2016 وقعت الحكومة المصرية وبالتعاون مع البنك الدولي اتفاقية برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر والذي يُعد أحد الآليات التنفيذية لبرنامج الحكومة المصرية الخاص بتنمية المناطق المتأخرة تنموياً، مشيراً الى أن البرنامج يوفر نموذجاً للتنمية المحلية المتكاملة قابلاً للتكرار في المحافظات الأخرى في صعيد مصر.
وقال اللواء محمود شعراوي إن البرنامج يعد ثمرة جهود الحكومة المصرية التي ترى بعين الواقع أن صعيد مصر الذي أهمل طويلاً هو أحد أهم ركائز التنمية بمصر الحديثة، مضيفا: لذا فقد أولته الحكومة اهتماماً كبيراً في ضوء التوجهات القومية، ولوضع نموذج تنموي جديد يُدعم تطبيق اللامركزية وتنمية قدرات الإدارة المحلية فيما يخص إعداد خطط التنمية المحلية منبثقة من مشاركة مجتمعية حقيقية تعكس الاحتياجات المحلية، تُحقق الرؤية الشاملة لتنمية مصر 2030 من خلال الميزات النسبية لكل محافظة... والذي استهدف اثنتين من أفقر محافظات مصر وهما سوهاج وقنا، بغرض بناء نموذج للتنمية الشاملة القائمة على تعزيز تنافسية المحافظات وتمكينها من قيادة عملية التنمية الاقتصادية وتقديم خدمات البنية الاساسية عالية الجودة وتعظيم الاستفادة من الميزات التنافسية بهذه المحافظات.
وأكد شعراوي أن البرنامج ساهم في خفض معدلات الفقر في محافظتي سوهاج وقنا وخفض معدلات الهجرة الداخلية وخلق عشرات الالاف من فرص العمل ورفع معدلات الاشغال في المناطق الصناعية وتحسين مستوى البنية الأساسية وتحسين نظم تقديم الخدمات ، فضلًا عن تطبيق وتجربة حزمة من الممارسات الجيدة للإدارة المحلية التي أصبحت جاهزة للتعميم في باقي المحافظات خلال المرحلة المقبلة.
وأكد شعراوي أن دعم القيادة السياسية والحكومة المصرية لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر ساهم في انعكاس تلك النجاحات والانجازات التي تحققت على تحقيق طفرة في أداء الإدارة المحلية، وتبني المحافظين والإدارة المحلية على كافة مستوياتها للإصلاحات الهيكلية والمؤسسية والتخطيطية.
وأضاف شعراوي أن الحكومة المصرية بدأت في عام 2017 تنفيذ المشروع التجريبي للقرى الأكثر احتياجاً بإجمالي 208 قرية، ثم أعقب ذلك تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسي في بداية عام 2019 للحكومة والمجتمع المدني بتبني مرحلة تمهيدية للمبادرة لتوفير حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجا وبإجمالي 375 قرية.
وأضاف الوزير: ترجمت الحكومة التكليف الرئاسي بالعمل على مستوى القرى التي يزيد فيها معدل الفقر عن 70%، ونجحت في إطار شراكتها مع المجتمع المدني في تنفيذ عدد كبير من المشروعات التنموية أدت لتحسن ملموس في جودة حياة مواطني القرى المستهدفة في 375 تجمعا ريفيا على مدار العامين الماليين 2019-2020– 2020-2021.
وأشار وزير التنمية المحلية إلى أن مبادرة حياة كريمة بدأت في مطلع عام 2019 عقب نجاح مصر في اجتياز برنامجها الطموح للإصلاح الاقتصادي بدعم من المؤسسات الدولية، حيث رأت القيادة السياسية أن المواطن المصري كان "البطل الحقيقي" الذي ساهم في نجاح إجراءات هذا الإصلاح، ومن الحتمي أن يجني ثماره.
وأوضح وزير التنمية المحلية أنه في نهاية عام 2020 واسترشاداً بالنجاحات التي تحققت في المرحلة الأولي بمبادرة "حياة كريمة" وجه الرئيس السيسي نحو تبني برنامج متكامل وغير مسبوق لتطوير الريف المصري بالكامل من خلال نهج شامل يتضمن توفير كافة خدمات البنية الأساسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية فضلا عن مد مظلة الرعاية والحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجا داخل كل قرية.
وقال الوزير إن مبادرة حياة كريمة تزامنت مع ظهور جائحة كورونا وهنا تبرز ملامح التجربة المصرية في التعامل مع التحديات التنموية في سياق هذه الجائحة التي اجبرت كثير من دول العالم على الإغلاق وتخفيض الإنفاق الاستثماري والاستسلام لموجة " انكماشية واضحة"، الا أن رؤية مصر كانت تنحاز لتوجه آخر، وهو تعظيم الانفاق الاستثماري في المناطق الاكثر فقرا وحرمانا.
وأكد وزير التنمية المحلية أن أهمية "حياة كريمة" ينبع من تركيزها على القطاع الاكبر من المجتمع المصري وهو سكان الريف الذين يبلغ عددهم حوالي 58 مليون مواطن يمثلون قرابة 56% من سكان مصر، مشيراً إلي أن البرنامج يعد هو أول وأكبر برنامج من نوعه لتطوير الريف المصري بالكامل على مدار التاريخ المصري الحديث، فضلاً عن إنه واحد من أكبر البرامج التنموية في العالم قياسا لعدد المستفيدين المباشرين منه، والي نطاقه الجغرافي الذي يغطي نحو 4500 قرية مصرية موزعة على 22 محافظة، وإلي شمول تدخلاته التي تضمن كافة قطاعات التنمية، فضلا عن الموازنة المرصودة لتنفيذه والتي قد تتخطي تريليون جنيه مصري اي نحو 60 مليار دولار.
وقال شعراوي إن مبادرة حياة كريمة تهدف في جوهرها الي تعزيز الاستقرار المجتمعي من خلال الارتقاء بمستوى حياة المواطنين في القرى الأكثر فقرا ورفع مستوى رضاهم عن الخدمات التي تقدمها الدولة وزيادة شعورهم المستمر بالتحسن في مستوى معيشتهم.
وأضاف شعراوي أنه في ضوء التوجيه الرئاسي فقد بادرت الحكومة المصرية بتصميم تدخلات البرنامج بحيث تتعامل مع كافة جوانب الفقر وأبعاده بموازنة استثمارية تقدر بحوالي تريليون جنيه خلال فترة زمنية من 3 إلى 4 سنوات، وعرض وزير التنمية المحلية التدخلات التي سيتم القيام بها:
1- تدخلات تستهدف توفير ورفع كفاءة خدمات البنية الأساسية وتشمل تغطية القرى المصرية بخدمات مياه الشرب والصرف الصحي بنسبة 100%، ومد شبكات الغاز الطبيعي ورفع كفاءة خطوط الاتصالات وخدمات الكهرباء، رصف الطرق الرئيسية وتثبيت الشوارع الفرعية الصغيرة، تبطين الترع والمجاري المائية وتحسين خدمات إدارة المخلفات.
2- تدخلات تستهدف توفير ورفع كفاءة خدمات التنمية الاجتماعية من خلال إنشاء مدارس جديدة ورفع كفاءة المدارس القائمة، تطوير الوحدات والمراكز الصحية والمستشفيات وفقا لنموذج التامين الصحي الشامل، رفع كفاءة الخدمات الشبابية والمنشأت الرياضية.
3- تدخلات التنمية الاقتصادية من خلال رفع مستوى الدخل الحقيقي لسكان الريف وتوفير فرص عمل مؤقتة ودائمة عن طريق التوسع في المشروعات الإنشائية كثيفة العمالة وتشغيل المقاولين المحليين وإقامة المجمعات الحرفية والصناعية والأسواق الحضارية والتوسع في دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، فضلا عن ترسيخ الاعتماد على المنتجات الوطنية في توريد المستلزمات المطلوبة لهذه المشروعات بما يساعد على توطين الصناعات ومضاعفة خطوط الانتاج وزيادة الطلب على العمالة، كما يتضمن هذا المحور تطوير نظم الري وإنشاء ورفع كفاءة الخدمات الداعمة للاقتصاد المحلي كالوحدات البيطرية والمجازر ومجمعات الالبان .
4- التدخلات التي تستهدف الفئات الأكثر احتياجا داخل القرى المستهدفة: وهي تدخلات تركز على الفئات الأولى بالرعاية كتوفير مساكن بديلة أو رفع كفاءة المساكن القائمة للأسر التي تعيش في منازل غير لائقة، توفير الحماية والرعاية الاجتماعية والصحية للفئات المستحقة، توفير المساعدات الاجتماعية وسلة الغذاء الأساسية بشكل مستمر.
5- وأخيراً تدخلات تستهدف تطوير الادارة المحلية ورفع قدراتها على تحقيق استدامة التنمية وتقديم الخدمات بجودة عالية وفي إطار يشارك فيه المواطنين بفاعلية تخطيطا وتصميما وتنفيذا، ويتضمن هذا المحور إنشاء وتشغيل مجمعات الخدمات الحكومية الإجرائية ومجمعات الخدمات الزراعية، والتي ستعد نقلة جوهرية في سياق تطوير الخدمات الحكومية الموجهة للمواطنين وقطاع الأعمال.
وأشار وزير التنمية المحلية إلى أن بلادنا غنية بالفرص التنموية والاقتصادية الواعدة التي نحتاج الي استكشافها سنوياً والعمل على تنميتها وحسن استغلالها في إطار اقليمي شامل وهو ما سيساعد على خلق المزيد من فرص العمل والحد من الفقر ومواجهة تيارات الهجرة غير المخططة ويحول محافظات الصعيد الي مناطق جذب وليس مناطق طرد كما كان في السابق.
وقال شعراوي إننا نعمل سوياً بكل مؤسسات الدولة المركزية والمحلية على ايجاد منصة تشاركية تضم اليات الادارة المحلية والجهات المركزية ذات الصلة ومؤسسات القطاع الخاص بهدف التعريف بالفرص الاقتصادية والميزات النسبية والبناء عليها واتخاذ الاجراءات اللازمة للترويج لها محليا وعالميا.
وأوضح شعراوي إن مبادرة حياة كريمة لم تكن لتتحول الى واقع يجري تنفيذه ونجني ثماره، لولا وضع الآليات المؤسسية التي تؤكد على اعتبارها أولوية سياسية للدولة المصرية، حيث يجري تنفيذها تحت الرعاية المباشرة لرئيس الجمهورية ومن خلال لجنة وزارية عليا يرأسها رئيس مجلس الوزراء فضلا عن أربع مجموعات عمل وزارية رفيعة المستوى، واستعرض الوزير مجموعات الأمل المختلفة وهي:
1- مجموعة العمل المعنية بمشروعات ومرافق البنية الاساسية والخدمات الاجتماعية: وتنسق اعمالها وزارة التنمية المحلية.
2- مجموعة العمل المعنية بمشروعات التنمية الاقتصادية: وتنسق أعمالها وزارة الصناعة ممثلة في جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
3- مجموعة العمل المعنية بتدخلات الحماية والرعاية الاجتماعية: وتنسق اعمالها وزارة التضامن الاجتماعي وتضم منظمات المجتمع المدني.
4- مجموعة عمل المؤشرات التخطيطية والمكانية: وتترأسها وزارة التخطيط وتضم معها وزارة التنمية المحلية وهيئة التخطيط العمراني.
وأضاف وزير التنمية المحلية إننا نسعى معاً للاستفادة من استثمارات وجهود الحكومة والإنجازات التي تحققت خلال السنوات السبع الماضية... والتي ساهمت في خلق بنية اساسية قوية قادرة على خدمة الاستثمار وتمكين القطاع الخاص... العمل على وضع آليات تشريعية ومؤسسية ممكنة لجذب القطاع الخاص والمستثمرين وتيسير إجراءات الاستثمار وتخلق حوافز غير مسبوقة للمستثمرين.
وأكد وزير التنمية المحلية أن الحكومة تسعى في إطار التكليف الرئاسي والحكومي بإتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحشد وتعبئة مشاركة الجهات المركزية والمستثمرين ومجتمع الاعمال في المؤتمر لضمان الوصول لأفضل ترويج ممكن للفرص الاقتصادية الواعدة بكل محافظة من محافظات الصعيد.
كما أكد الوزير على أهمية الشراكة والتعاون والتنسيق بين كافة الجهات المركزية وتيسير كافة الإجراءات من جانب المحافظات ومتابعة التحديد الجيد للفرص الاستثمارية وتشبيك والترابط الإقليمي والمحلي.