هل تنتهي الحياة في اوروبا قريبًا؟ وتكون المنطقة العربية ملاذ امن للغرب بسبب التغيرات المناخية
يبدوا أن صرخات كوكب الأرض من خطر الانبعاثات الضارة للبيئة لم تكن مسموعة لدي قادة وحكام أوروبا وهو ما دفع بالطبيعة الي حدوث تغيرات مناخية نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري وعلي مدار سنوات ماضية انتشرت الحرائق في غابات اوروبا مخلفة وراءها مشاهد الدمار والخراب في كل مكان فضًلا عن الجفاف الذي ضرب مناطق اخري، ومع اشتداد المعركة في اوروبا بين المعسكر الروسي من جانب والاوكراني المدعوم من الولايات المتحدة من جانب اخر وحدوث أزمة غذاء عالمية، هو ما ينذر بقرب انتهاء الحياة داخل اوروبا.
التغيرات المناخية وتهديد مظاهر الحياة
تدمر موجة الحر التى تضرب أوروبا منذ أيام بسبب كتلة من الهواء الدافئ من الصحراء والتى اتجهت بالفعل إلى فرنسا والمملكة المتحدة وتسببت فى أضرار بالغة من حرائق ووفيات فى البرتغال وإسبانيا.
ولكن كما لو لم يكن هذا كافيا لأوروبا، فقد انضم الجفاف إلى موجة الحر الشديدة والحرائق التى تتعرض لها القارة العجوز ، ودمر المحاصيل بينما لا يزال ملايين الأطنان من الحبوب غير قادرة على مغادرة أوكرانيا بسبب الحرب الروسية ، مما أثار مخاوف بشأن التهديد الذى يواجه الامدادات الغذائية فى العالم.
حر شديد فى أوروبا
قالت صحيفة "لا راثون" الإسبانية إن أكثر من 20 مليون طن من القمح محجوب فى أوكرانيا، وتضع الامدادات الغذائية فى العالم تحت ضغط لكن موجة الحر فى أوروبا تزيد من سوء الصورة الحالية.
أضر الجفاف والحرارة المطولان بمحاصيل القمح فى فرنسا، أكبر مصدر للحبوب فى الاتحاد الأوروبى ورابع أكبر دولة فى العالم، حيث قالت وزارة الزراعة أن إنتاج البلاد سينخفض بنسبة 7.2 %هذا العام مقارنة بالعام الماضى 2021.
وقالت الوزارة، التى تشعر بالقلق من أن الحرارة الزائدة تدمر المحاصيل، حصد المزارعون الفرنسيون القمح فى وقت أبكر من المعتاد وكان محصوله أقل من المتوقع، وفقا للصحيفة.
من جهتها، خفض الاتحاد الأوروبى، الذى ينتج 17.6 % من القمح العالمى، تقديراته لمحصول القمح بمقدار 5 ملايين طن.
حتى قبل أن تبدأ المحاصيل الأوروبية فى الذبول بسبب الحر، كانت أزمة الغذاء حادة جزئيًا بسبب الغزو الروسى لأوكرانيا. كما تم تسجيل المحاصيل المحترقة فى هذا البلد.
أما فى إيطاليا، فقد حذر وزير الزراعة الإيطالى ستيفانو باتوانيلى، البرلمان من أن ثلث الإنتاج الزراعى الإيطالى عرضة للخطر بسبب الجفاف وفقر البنية التحتية المائية، وقد يتفاقم الوضع فى السنوات المقبلة.
وقدم باتوانيلى أحدث بيانات خرجت بها مؤسسات الأبحاث الحكومية والتى أظهرت أن إيطاليا فقدت 19 % من مواردها المائية المتاحة من 1991-2020 مقارنة بفترة 1921-1950، وأن العقود المقبلة قد تشهد انخفاضات أكبر تصل إلى 40%.
وكانت الحكومة قد أعلنت حالة الطوارئ فى عدد من المناطق الشمالية بسبب الجفاف المطول وموجة الحر المصاحبة له التى جففت نهر بو، وهو شريان مهم للرى فى أنحاء منطقة شمال ووسط إيطاليا التى تعد منتجة رئيسية للفاكهة والخضروات والحبوب.
الاتحاد الأوروبى
ويناقش وزراء الزراعة والثروة السمكية فى الاتحاد الأوروبى (EU) فى بروكسل تأثير الجفاف على إنتاج الحبوب والأغذية الأخرى، فى هذا الاجتماع، ستشرح إسبانيا عواقب موجات الحرارة الأخيرة على إنتاج الحبوب، والتى ستكون 15٪ أقل من متوسط الحصاد على الرغم من التوقعات الأولية الجيدة. سيقدم السبعة والعشرون ملخصًا لوضع محاصيلهم لتحليل حالة سوق الحبوب على المستوى الأوروبى والنظر فى التدابير الممكنة
وحذر باحثون فى المفوضية الأوروبية، من أن نحو نصف أراضى الاتحاد الأوروبى حاليا مهددة بخطر الجفاف، فى الوقت الذى يعانى فيه جنوب غرب أوروبا من الجفاف جراء موجة الحر الشديدة.
وأصدر مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية، تقرير له عن الجفاف فى أوروبا، وقال أن 46 % من أراضى الاتحاد الأوروبى تعرضت لمستوى التحذير من الجفاف، بجانب 11% فى مستوى التأهب لخطر الجفاف، فى الوقت الذى تعانى فيه محاصيل بالفعل من نقص المياه.
يأتى هذا فى الوقت الذى تتواصل فيه موجة الحر الخانقة فى عدد من دول أوروبا الغربية متسببة فى حرائق غابات مدمرة.
بالإضافة إلى ذلك، توفى ما لا يقل عن 1027 شخصًا لأسباب عزاها الخبراء إلى ارتفاع درجات الحرارة المرتبطة بتغير المناخ، وفى المقدمة تأتى البرتغال وإسبانيا، حيث يوجد العدد الأكبر من الوفيات.
وسجلت البرتغال وإسبانيا فقط الخميس الماضى حوالى 440 حالة وفاة، وحتى السبت الماضى، وفقًا للأرقام الصادرة عن معهد كارلوس الثالث الصحى، الذى يسجل الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة يوميًا، كان هناك 360 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة فى إسبانيا، ونُسبت 237 حالة وفاة إلى ارتفاع درجات الحرارة من 10 إلى 14 يوليو، مقارنة بـ 25 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة فى الأيام الخمسة السابقة.
وهناك فى إسبانيا ما يقرب من 20 حريقًا من حرائق الغابات لا يزال نشطًا وخرج عن السيطرة فى أجزاء مختلفة من البلاد، من الجنوب إلى الشمال.
وأجبرت النيران على إخلاء ما يزيد قليلاً عن 3000 شخص، ثم تمكن 2000 شخص من العودة إلى منازلهم، وقالت وزيرة الزراعة الأندلسية كارمن كريسبو " رجال الاطفاء لم تتوقف عن العمل لمكافحة الحرائق طوال الليل".
كما واصلت فرنسا محاولات السيطرة على الحرائق المدمرة، التى نجمت عن موجة الحر التى قد تحطم الأرقام القياسية لدرجات الحرارة فى الأيام المقبلة.
وشهدت فرنسا المزيد من طائرات رش المياه ومئات من رجال الإطفاء لمكافحة الحرائق التى أججتها الرياح القوية والحارة، فى خضم موجة حر حارقة فى معظم أنحاء أوروبا، ما جعل السلطات تعلن عن خطط لإخلاء المزيد من البلدات وتشريد 3500 شخص معرضين لخطر الوقوع فى مسار النيران.
موت اوروبا
سيتأثر شخصان من أصل ثلاثة أشخاص يعيشون في أوروبا بالموجات الحرارية، والفيضانات الساحلية، وغيرها من الكوارث الطبيعية، التي ترتبط بالاحترار العالمي وتغيرات المناخ، بحسب دراسة نُشرت في مجلة "لانسيت" للصحة، إذ سيتعرض 350 مليون شخص في 31 بلداً لخطر متزايد لحالات الوفاة والمشاكل الصحية.
وأشارت الدراسة إلى أن التغييرات المناخية الأوروبية قد تتسبب في مقتل 152 ألف شخص، بحلول نهاية القرن الحالي، وستتضاعف أعداد الوفيات بنسبة 50 مرة، إذا لم تؤخذ التدابير الوقائية اللازمة.
وأوضحت نتائج الدراسة أن نسبة الوفيات المرتبطة بالطقس قد تبلغ 99 في المائة في المستقبل، وذلك بسبب الموجات الحرارية. وسيؤدي هذا إلى تزايد أمراض القلب، والأوعية الدموية، والسكتة الدماغية، وأمراض الجهاز التنفسي.
ويعتبر الأستاذ في قسم جامعة جورجيا، أندرو غروندشتاين، أنه ينبغي النظر إلى هذه الآثار المدمرة، وخصوصاً أنها من المرجح أن تتسبب بـ700 حالة وفاة سنوياً في جنوب أوروبا، بينما سيتأثر شخص واحد من بين كل ثلاثة أشخاص سنوياً في شمال أوروبا.
وسيرتفع عدد حالات الوفاة المرتبطة بالفيضانات الساحلية ليبلغ معدل يتراوح بين 6 و233 حالة وفاة، وذلك بحلول نهاية القرن الحالي. كما سيقلل الجفاف من كمية المياه اللازمة لإنتاج الأغذية والاحتياجات الأساسية.
وقال جيوفاني فورزيري، من مركز البحوث المشتركة التابعة للمفوضية الأوروبية، إن "نسبة المخاطر المترتبة على السكان ستبلغ 90 في المائة، وذلك بسبب التغير المناخي،" مضيفاً أن "النسبة المتبقية ستمثل التغييرات السكانية، مثل النمو والهجرة والتحضر."
وتمكن الباحثون من تحديد 7 فئات للكوارث الجوية التي ترتبط بصحة الإنسان المتدهورة، مثل موجات الحرارة، والموجات الباردة، والحرائق البرية، والجفاف، والفيضانات الساحلية، والعواصف الرملية.
ورغم أن موجات البرد ستقل بسبب درجة الحرارة المرتفعة، إلا أن هذا لن يعوض عن الوفيات الناجمة عن موجات الحرارة والفيضانات الساحلية، والنهرية، وحرائق الغابات.
ومن المهم أخذ التدابير اللازمة للحد من هذه الكوارث الجوية، حيث أوضح فورزيري إن "طريقة استخدام الأراضي وتخطيط المدن يمكن أن يشكلا دوراً مهماً فى تحقيق مجتمع سليم ومرن ومحايد الكربون،" مستدركاً أن" منع الزحف العمراني والاعتماد على السيارات يعتبران من الاستراتيجيات التي ستحد من استهلاك الطاقة وانبعاثات الغازات الدفيئة.
ويُذكر، أن الدراسة مولتها المفوضية الأوروبية، وأجراها باحثون من ذوي الخبرة في علوم المناخ والجغرافيا البشرية في مركز البحوث المشترك.