الرئيس الفرنسي يبدأ زيارة للجزائر غدا.. ما أهداف الزيارة؟
تنطلق زيارة رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، غدًا الخميس، حيث من المقرر أن تركز على الشباب والمستقبل، وبهدف إعادة بناء العلاقات بين البلدين، التي تتميز بالهيمنة. مستعمرة باريس، وفقا لما أوردته وكالة نوفا الإيطالية للأنباء نقلا عن الإليزيه.
وتأتي رحلة ماكرون إلى الجزائر في ذروة سباق الدول الأوروبية نحو تنويع جبهات إمدادات الطاقة وبعد ما يزيد قليلاً عن شهر من زيارة رئيس الوزراء ماريو دراغي إلى الجزائر العاصمة، حيث تم تعزيز التعاون الثنائي مع روما.
وساعدت القيادة الجزائرية الحالية بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، الذي ذهب إلى إيطاليا في مايو الماضي، على تعميق الروابط بين البلدين المتوسطيين.
ومن المقرر أن يزور ماكرون، لدى وصوله الجزائر غدا، نصب الشهداء مع نظيره تبون الذي نظم مأدبة عشاء رسمية على شرفه، خلال الزيارة التي سوف تستغرق 3 أيام وتشهد زيارة الرئيس الفرنسي لوهران غربي البلاد، على رأس وفد فرنسي مكون من 90 شخصًا، من بينهم سبعة وزراء، من بينهم رئيس قسم الإقتصاد برونو لو مير.
ومن المقرر أن يحضر كذلك وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانين ووزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا وبعض البرلمانيين والحاخام الأكبر في فرنسا حاييم كورسيا الذي تنحدر عائلته من أصول جزائرية.
وغدا هي الزيارة الثانية لماكرون للجزائر منذ 2017، العام الذي انتخب فيه رئيسا. وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن الهدف من الزيارة "وضع أساس لإعادة بناء وتطوير" العلاقة بين باريس والجزائر.
وتدهورت العلاقات الثنائية بين البلدين، خلال الولاية الرئاسية الأولى لماكرون، بعد أن شكك الأخير في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار، والتي وصلت ذروتها بسحب السفير الجزائري من باريس لمدة ثلاثة أشهر في خريف 2021 وحظر التحليق فوق الأجواء الجزائرية للمقاتلات الفرنسية المنخرطة في منطقة الساحل. وبالتوازي مع التباعد بين الجزائر وباريس، اقتربت رئاسة تبون أكثر من روما.
وفي هذا الصدد، قال بريك الله حبيب، الأستاذ في المركز الجامعي بتندوف، لـ"نوفا": إن "هناك إجماع كبير في العلاقات الثنائية بين الجزائر وإيطاليا حول الرؤى الإقتصادية والدبلوماسية والسياسية، والنتائج الإيجابية التي سجلها الجانبان في مختلف المجالات، لا سيما في المجال الإقتصادي والمحروقات: النفط والغاز، دفعت العديد من جيران إيطاليا إلى إعادة النظر في علاقات دبلوماسييها مع الجزائر".
وأضاف حبيب: "في ظل التحولات الكبيرة التي يمر بها العالم في النظام المالي العالمي، تسارعت هذه التحولات والجميع يعلم أن الجزائر أصبحت لاعباً قوياً على الساحة الإقتصادية الدولية، خاصة بعد الأحداث العالمية الأخيرة".
وتكهن حبيب بأن زيارة ماكرون للجزائر، برفقة وفد كبير رفيع المستوى، "تهدف بشكل أساسي إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية وكسب أكبر عدد ممكن من الإتفاقيات الإقتصادية بين الجانبين"، مضيفا: "أرى أن العلاقات الدبلوماسية الجزائرية أصبحت موضع تنافس شديد بين مختلف الدول الأوروبية للتغلب على الأزمة الإقتصادية في مجال المحروقات وهذا تحد لدولة محورية في شمال إفريقيا".
لا تزال تداعيات الإستعمار الفرنسي للجزائر حاضرة في ذاكرة الجزائر، لذلك يعتزم ماكرون "مواصلة تهدئة الذاكرة"، لكن "هذا ليس الهدف الأساسي لهذه الزيارة"، وفقا للإليزيه، الذي أشار إلى أن الرئيس الفرنسي سوف يتوجه إلى مقبرة سان أوجين بالجزائر العاصمة حيث دُفن العديد من الفرنسيين المولودين في الجزائر.
وفي هذا الصدد، قال النائب الجزائري عبد الوهاب اليعقوبي لـ"نوفا" إنه "من مصلحة البلدين بناء علاقات ثنائية متوازنة"، مشددا على ضرورة "طي صفحة الخلافات بين البلدين".
وموضوع الذاكرة له أهمية كبيرة بالنسبة للجزائر، فقد قال زعيم الكتلة البرلمانية لجبهة التحرير الوطني سيد أحمد تماري، لـ "نوفا": إن الجزائر تريد أيضا إصلاح ملف الذاكرة، داعيا فرنسا إلى خلق مناخ من الثقة بين البلدين لبناء العلاقات التي تراعي مصالح الشعبين على أساس احترام السيادة الجزائرية.
أخيرًا، من القضايا الأخرى التي تقع في قلب المحادثات بين ماكرون ونظيره الجزائري قرار باريس في عام 2021 خفض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى النصف، بعد أن رفضت الجزائر التعاون في قضية طرد سبعة آلاف مهاجر غير نظامي.