قمة الجزائر العربية.. معانِ من الماضي ودلالات من الحاضر
تنعقد القمة العربية في دورتها 31 في الجزائر العاصمة في الأول من نوفمبر، وهي القمة الرابعة التي تستضيفها الجزائر، فماذا عن سابقاتها وعن أهم ما صدر حينها من قرارات تاريخية.
للجزائر في الأساس الكثير مما تتميز به، فهي في الوجدان العربي، كبلد قدم تضحيات جسيمة لنيل استقلاله، ودفع أثمانا باهظة لتحقيق ذلك. إنها بلد المليون شهيد، وهي عبارة على ثقلها لا تعكس إلا القليل مما دُفع لتتخلص الجزائر من احتلال دام 132 عاما.
وبالنسبة لما يميز هذه القمة لملوك ورؤساء الدول العربية في الظروف الحالية، للحاضر الجزائري، فيمكن الإشارة إلى أن الرئيس عبد المجيد تبون، رئيس الدورة الحالية للجامعة العربية كان انتخب لرئاسة الجزائر منذ فترة قصيرة وكان ذلك في أكتوبر عام 2019.
وبشأن القمم العربية السابقة التي عقدت بالجزائر، كان أولها في 26 نوفمبر عام 1973، وترتيبها السادس تاريخيا.
تلك القمة العربية انتظمت في فترة رئاسة الراحل هواري بومدين، وتضمن بيانها الختامي مسألة هامة من شقين، حيث اشترطت الدول العربية انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك القدس واستعادة الحقوق الفلسطينية مقابل السلام، وفي نفس الوقت جرى الاتفاق على تقديم جميع أنواع الدعم المالي والعسكري للجبهتين المصرية والسورية، وأيضا مواصلة استخدام سلاح النفط ورفع الحظر عن الدول التي تؤيد القضية الفلسطينية، والتي كانت تعد آنذاك "قضية العرب المركزية".
القمة العربية الثانية التي جرت في بلد المليون شهيد، وكانت غير عادية وطارئة، التأمت بدعوة من الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد في الفترة من 7 إلى 9 يونيو 1988 وذلك لمناقشة "مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإدانة الاعتداء الأمريكي على ليبيا".
وتلخصت قرارات تلك الدورة الاستثنائية للجامعة العربية في التالي:
- دعم الانتفاضة الشعبية الفلسطينية، وتعزيز فعاليتها وضمان استمراريتها.
- المطالبة بعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط تحت إشراف الأمم المتحدة.
- تجديد التزام المؤتمر بتطبيق أحكام مقاطعة إسرائيل.
- إدانة السياسة الأمريكية المشجعة لإسرائيل في مواصلة عدوانها وانتهاكاتها.
- الوقوف إلى جانب لبنان في إزالة الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان.
- تجديد التضامن الكامل مع العراق والوقوف معه في حربه ضد إيران.
- إدانة الاعتداء الأميركي على ليبيا، وتأييده لسيادة ليبيا على خليج سرت.
- إدانة الإرهاب الدولي والممارسات العنصرية.
- الاهتمام بالانفراج الدولي المتمثل في البدء بنزع تدريجي للأسلحة النووية.
واحتضنت الجزائر قمة عربية ثالثة، عقدت في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة خلال الفترة من 22 إلى 23 مارس عام 2005، وتميزت هذه القمة بمشاركة العاهل المغربي الملك محمد السادس.
ومن أهم ما صدر عنها من قرارات، تجديد الجامعة العربية الالتزام بمبادرة السلام العربية "باعتبارها المشروع العربي لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة"، والتشديد على أن عملية السلام تقوم على أساس الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ولاسيما القرارين 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مؤتمر مدريد.
وأكدت هذه القمة في بيانها الختامي أيضا التضامن المطلق مع سوريا إزاء ما يسمى "قانون محاسبة سوريا" واعتباره تجاوزا لمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
ويمكن القول إن أحد أبرز الأحداث المرتبطة بالجزائر العاصمة عربيا، يتمثل في إعلان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات "وثيقة الاستقلال" من الجزائر في 15 نوفمبر 1988، ونصت على "قيام الدولة الفلسطينية المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف".
علاوة على ذلك، للجزائر تاريخ حافل وأدوار مهمة في التاريخ العربي المعاصر، وربما يكون دورها الكبير في الوساطة بين العراق وإيران أثناء الحرب الضروس بين الجارتين، مثالا ساطعا على ذلك.
تنعقد القمة العربية الـ 31 في الجزائر، وهي تدخل بيتا عرفته وأرضا مرت بها من قبل، إلا أن الظروف الإقليمية والدولية الحالية أكثر تعقيدا وتوترا مما كان عليه الحال من قبل. وهذا بلا شك سيلقي الكثير من الظلال الثقيلة على هذا الحدث العربي البارز.