الرئيس الجزائري: تنامي حدة الإرهاب في بعض المناطق الأفريقية الخطر الأبرز على أمن القارة
أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن تنامي حدة آفة الإرهاب في العديد من المناطق الأفريقية، وبالخصوص في منطقة الساحل والصحراء، أضحت تشكل الخطر الأبرز على أمن واستقرار القارة، مشيرًا إلى أن الجهود الأفريقية المبذولة بصفة جماعية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، على قدر أهميتها، تظل بحاجة إلى دعم ومساندة المجتمع الدولي.
جاء ذلك خلال كلمته حول النقاش الذي نظمه مجلس الأمن الدولي، اليوم بنيويورك حول مكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف المؤدي للإرهاب، من خلال تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات والآليات الإقليمية، بحضور رئيس جمهورية موزمبيق، ورئيس مجلس الأمن خلال هذا الشهر، فيليب نيوسيني، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد.
وأوضح تبون أن القارة الأفريقية باتت في العشرية الأخيرة أكثر تأثرًا من أي منطقة أخرى في العالم بهذه الآفة في ظل امتداد واتساع رقعتها الجغرافية إلى وجهات كانت تعتبر في مأمن من شر الإرهاب، ومنها موزمبيق الشقيقة، مجددًا التضامن التام مع هذه البلد والدعم الكامل للجهود المبذولة تحت قيادة رئيس موزمبيق لمواجهة هذا التهديد.
وأضاف أنه لا يخفى على أحد أن تنامي حدة هذه الآفة في العديد من المناطق الأفريقية، وبالخصوص في منطقة الساحل والصحراء، أضحت تشكل الخطر الأبرز على أمن واستقرار القارة، فضلاً عن تقويض جهود التنمية الاقتصادية وتجسيد أهداف أجندة 2063.
وأكد الرئيس الجزائري أن ما تواجهه أفريقيا هو تهديد عالمي لا يعترف بالحدود ولا يرتبط بأي دين أو عرق أو جنسية، نظرًا لما تم لمسه من تراجع اهتمام المجتمع الدولي بهذا الموضوع في سياق عالمي يتسم بالاضطراب والاستقطاب.
وأردف أن الجزائر، التي تمكنت في تسعينيات القرن الماضي من مواجهة ودحر شرور الإرهاب وسط غياب شبه كلي للدعم المادي والمعنوي المنتظر من المجتمع الدولي، تواصل اليوم بنفس الروح جهودها الرامية لمساندة أشقائها في جوارها المباشر على الصعيد القاري في حربهم ضد الإرهاب والتطرف العنيف، مسترشدة في ذلك بتجربتها المريرة والناجحة في ذات الوقت.
وتابع قائلاً إن المبادرة التي تقدمت بها الجزائر بهدف إضفاء ديناميكية جديدة على جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، والتي تمت المصادقة عليها شهر أكتوبر 2022 من قبل الدول الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية الـمشتركة (CEMOC) والتي تضم كلا من الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر، وتتمثل الأهداف الرئيسية لهذه المبادرة في إعادة تنشيط دور لجنة الأركان العملياتية المشتركة (CEMOC) من خلال تكييف مهامها وتنظيمها بالشكل الذي يسمح لها بمواكبة التحديات الراهنة، وتقديم مساهمة فعلية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
ونوه تبون إلى أنه على الصعيد القاري، وبحكم توليه بلاده مهام منسق الاتحاد الأفريقي للوقاية من هذه الآفة والتصدي لها، تواصل الجزائر مساعيها الرامية للمساهمة في تعزيز العمل الأفريقي المشترك في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، لاسيما عبر الـمساهمة في وضع خطة عمل جديدة للاتحاد الأفريقي في مجال مكافحة الإرهاب، وتفعيل الصندوق الإفريقي الخاص بمكافحة الإرهاب، ووضع قائمة أفريقية للأشخاص والـمجموعات والكيانات المتورطة في أعمال إرهابية؛ بما في ذلك المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وتجسيد مشروع الأمر بالقبض الأفريقي.
وأشار إلى أن الجزائر تواصل دعمها للآليات والوكالات الأفريقية المتخصصة في هذا المجال، خاصة المركز الأفريقي للدراسات والبحوث الـمتعلقة بالإرهاب (ACSRT)، وآلية الاتحاد الأفريقي للتعاون الشرطي (AFRIPOL)، وهما الآليتان اللتان تتشرف الجزائر باحتضان مقريهما، فضلاً عن لجنة أجهزة الأمن والاستخبارات الأفريقية (CISSA) الكائن مقرها بأديس أبابا.
وأوضح تبون أن الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول الأفريقية بصفة جماعية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، على قدر أهميتها، تظل بحاجة إلى دعم ومساندة المجتمع الدولي، مشيرا إلى أن قناعة بلاده تظل راسخة أنه في مواجهة تهديد عابر للحدود والأوطان، مثلما هو الحال بالنسبة لآفة الإرهاب، لابد من إعمال التضامن والتعاون الدوليين ضمن مقاربة شاملة تتجاوز علاج الأعراض لتنصب على الأسباب الجذرية لهذه الآفة والعوامل المغذية لها.
ودعا شركاء القارة الأفريقية الدوليين إلى العمل بصفة ثنائية وجماعية في إطار الأمم الـمتحدة على دعم الجهود الأفريقية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، لاسيما عبر السعي لتحقيق الأهداف التالية؛ وهي تعزيز قدرات الدول الأفريقية، ومنع استخدام أراضي الشركاء الدوليين كمنصات للتحريض أو دعم أنشطة إرهابية في دول أخرى، مع مضاعفة الجهود لتفادي الـمساهمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تمويل الإرهاب، ودعم الآليات والعمليات المشتركة المفوضة من قبل الاتحاد الأفريقي لمكافحة الإرهاب، خاصة عبر الفصل في مسألة تمويلها باللجوء إلى ميزانية الأمم المتحدة.
كما ثمن أهمية العمل على بلورة جيل جديد لعمليات حفظ السلام بحكم أن النموذج التقليدي لهذه العمليات لم يعد يتماشى مع الواقع والتهديدات الجديدة، لاسيما مواجهة الإرهاب والجريمة الـمنظمة، والاستثمار أكثر في التنمية الاقتصادية بالقارة الأفريقية، انطلاقا من التجارب الواقعية التي تثبت يوما بعد يوم أنه لا يمكن تحقيق استقرار مستدام دون تنمية مستدامة.