رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية: إثيوبيا تعمل على كسب الوقت في ملف سد النهضة
قال السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن إثيوبيا تعمل على كسب الوقت في ملف سد النهضة، وإن مصر تتحرك في هذا الملف بناء على المصلحة الوطنية والمصلحة الأفريقية.
وقال العرابي في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) "نحن نعتبر مسألة السد أمرا وجوديا يتعلق بوجود دولة"، مضيفا أن إثيوبيا بإصرارها على قفها "تخسر من سياستها".
وتوقع عدم توصل الطرفين لاتفاق خلال الشهور القليلة القادمة. وأضاف رئيس المجلس المصري و هيئة غير رسمية، "رغم تصميم إثيوبيا على سياسة كسب الوقت، تتحرك مصر في هذا الملف بناء على أمرين: المصلحة الوطنية، وكون إثيوبيا دولة أفريقية لا يمكن الدخول معها في نزاع، إلا نزاع سياسي قانوني".
كانت إثيوبيا قد بدأت تشييد سد النهضة عام 2011 في مشروع يتكلف مليارات الدولارات وتعتبره مصر تهديدا لحقوقها التاريخية في مياه النيل، بينما يخشى السودان من الأضرار البيئية والاقتصادية الناجمة عنه.
وتوقفت مفاوضات بين الدول الثلاث برعاية الاتحاد الأفريقي في أبريل 2021 بعد الإخفاق في التوصل لاتفاق، مما دعا مصر إلى اللجوء لمجلس الأمن الدولي للمطالبة بالضغط على إثيوبيا.
وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال لقاء جمعهما على هامش قمة دول جوار السودان في القاهرة الشهر الماضي عن الشروع في بدء المفاوضات من جديد مع تحديد مهلة أربعة شهور للوصول إلى اتفاق.
وقال العرابي، وهو وزير خارجية سابق، في حديثه مع وكالة أنباء العالم العربي "مصر مصممة على عدم خسارة حقوقها في مياه النيل عبر الطرق السياسية والقانونية، ونحن حتى الآن ناجحون في هذا الأمر، خاصة أن هناك رأيا عاما دوليا مؤيدا لمطالبنا ضد التحركات الإثيوبية".
وأكد "من يتوهم أنه قادر على الضغط على مصر عبر تهديد وجودها فهو واهم ونقول له: إن مصر قادرة على إدارة أمورها والخروج من أزماتها". وخلال المقابلة، قال العرابي إن مصر لا تحتاج إلى وساطة أو تدخل أطراف أخرى لعودة علاقاتها مع إيران، مشيرا إلى أن الاتصالات مع طهران موجودة لكن ليس بالضرورة أن يتم الإعلان عنها.
وأضاف "الموضوع أبسط من أن يتم تعقيده.
عودة العلاقات الكاملة مع طهران ستأتي، لكن مصر لها محدداتها ولا يُضغط عليها من أجل تغييرها".
واستطرد قائلا "العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران موجودة وقائمة ولم تنقطع، لكن محددات عودة العلاقات الكاملة بينهما لها طبيعة خاصة.
إيران دولة فاعلة في الإقليم، وأحيانا تكون فاعلة بضرر، وعودة العلاقات ترتبط بملفات أخرى مثل اليمن وسوريا ولبنان".
وشهدت العلاقات بين مصر وإيران توترا بعد اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وانقطعت العلاقات رسميا بعد توقيع مصر اتفاق سلام مع إسرائيل، لكن احتفظ البلدان ببعثة رعاية مصالح. وقال العرابي "مصر تأخذ في اعتبارها الأمن القومي العربي لعودة العلاقات مع طهران، ومن الصعب تحديد الإطار الزمني لعودة العلاقات، لكن من الممكن حدوث انفراجة في أي من القضايا السابقة تدفع الأمور إلى الأمام".
* تركيا وعن خطى المصالحة مع تركيا، قال إن مصر "تتحرك طبقا لمحددات خاصة بها مبنية على الأمن القومي المصري.
والعلاقات الاقتصادية والتجارية تسير بشكل جيد".
وكانت مصر وتركيا قد أعلنتا في يوليو تموز الماضي عن رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى السفراء بعد عشر سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية في أعقاب الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في 2013.
وتسارعت وتيرة تطبيع العلاقات بين البلدين بعد مصافحة بين الرئيسين المصري والتركي في العاصمة القطرية الدوحة في أثناء حضورهما افتتاح كأس العالم لكرة القدم في نوفمبر تشرين الثاني الماضي. لكن هذه الوتيرة عادت للتباطؤ مرة أخرى، وخَفُت الحديث عن زيارة للرئيس المصري إلى تركيا كانت وسائل إعلام تركية قد تحدثت عنها وذكرت أنها مقررة في 27 يوليو تموز الماضي. وقال العرابي "الملفات المتشابكة الكبيرة بين البلدين تحتاج لبعض الوقت، ولا يمكن الحديث عن قمة بين الرئيسين دون تسوية أغلبية هذه الملفات".
* الساحة الإقليمية والدولية وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية والدولية وتأثيرها على دور مصر الفاعل، قال العرابي "دور أي دولة يرتبط بالمحيط الذي تعيش فيه والظروف العالمية... دورك مرتبط بالواقع السياسي في أي منطقة تريد القيام فيها بدور".
ومضى قائلا "الدور المصري في هذا التوقيت هو رفع علم السلام والتنمية والاستقرار، وتقوم السياسة الخارجية لمصر في محيطها الإقليمي وعلاقاتها الدولية على ثلاث ركائز هي: السلام والاستقرار والتنمية".
وأقر العرابي بأن الأزمة الاقتصادية كان لها تأثير على الدور المصري، لكنه شدد على أن الاستقرار السياسي والأمني هما المفتاح الرئيسي للقيام بدور في المحيط الإقليمي والدولي. وقال "الدور ينبع من الداخل.
استقرار مصر هو المفتاح الرئيسي لدورها ويمنحها القوة ليكون لها دور إقليميا وعالميا". وأردف "في النهاية لا زالت مصر تتمتع باستقلاليتها، حتى الآن مصر ترفض الدخول في لعبة إقامة قواعد عسكرية على أراضيها من أجل مساعدات مالية".
وتابع "مصر تسير في سياستها الخارجية بسياسة أخلاقية... في عالم تحكمه المصالح".
وعن طلب مصر الانضمام إلى تكتل بريكس والذي تحدث عنه السفير الروسي بالقاهرة جورجي بوريسنكو في يونيو حزيران الماضي، قال العرابي "تملك مصر حظوظا كبيرة للانضمام، خاصة أن هناك شهية متزايدة من دول كبرى في التجمع لضم أعضاء جدد".
وأضاف "أعتقد أن مصر لها أولوية بسبب تأثيرها السياسي وموقعها الإقليمي حيث تملك من المقومات الاقتصادية التي تستطيع من خلالها أن تواكب دول المجموعة". ومن المقرر أن يعقد التكتل اجتماع قمة في جنوب أفريقيا غدا الثلاثاء ولمدة ثلاثة أيام.
* السودان حول الأزمة في السودان، قال العرابي "للمرة الأولى في تاريخ السودان يصل إلى هذه النقطة الحرجة. نحن أمام وضع جديد تماما، وللأسف الأفق لا يحمل أية بوادر إيجابية للحل".
وأضاف "هناك أطراف إقليمية ودولية تتدخل في أزمة السودان وهو ما زاد من تعقيدها. هذه الأطراف تريد إبقاء المعادلة على ما هي عليه الآن دون تغيير، في حين أنه يجب أن تتغير معادلة القوة الموجودة على الأرض لوقف الحرب".
وقال إنه يمكن العمل على تقليل الأضرار في المرحلة المقبلة، لكن تبقى الأولوية بالنسبة لمصر وقف الحرب.
وعن انعكاسات طول أمد الحرب على مصر قال "ستكون هناك تأثيرات أمنية وسياسية واقتصادية للوضع في السودان على مصر، خاصة في ظل دخول مئات الآلاف من اللاجئين، وتأثيرات على ملف سد النهضة، بخلاف احتمال انتشار الجماعات الإرهابية".
وأضاف "نحن على مسافة واحدة من الطرفين، لكن في النهاية لا بد أن يكون هناك طرف سيتحمل المسؤولية".
واندلع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل نيسان، وتشهد العاصمة الخرطوم معارك يومية على نحو ينذر بحرب أهلية طويلة الأمد، خصوصا مع اندلاع صراع آخر بدوافع عرقية في إقليم دارفور غرب البلاد. واستضافت مصر الشهر الماضي مؤتمرا للدول المجاورة للسودان لبحث سبل إنهاء الأزمة وضع آليات بمشاركة دول الجوار لتسوية الأزمة سلميا بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى.