مخطط الحكومة من أجل تقليل الفجوة الاستيرادية فى مصر
هانى جمعة
خطوات فعالة تقوم بها الحكومة من أجل تقليل الفجوة الاستيرادية فى مصر، وذلك من خلال إنشاء مصانع تحتاج إليها الدولة من أجل تخفيف العملة الصعبة التى تحمل على الفاتورة الاستيرادية من الخارج.
وفى هذا السياق صرح الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء أن الحكومة تعمل على تقليص الفجوة الاستيرادية، وذلك من خلال العمل على إنشاء مصانع لإنتاج الألبان المجففة، فضلاً عن إنشاء أكبر المصانع لإنتاج التكييفات المركزية الضخمة التى تلبى احتياجات المؤسسات الكبرى مثل المستشفيات والمولات التجارية وغيرها، نظرًا لأن هذا النوع من التكييفات له فاتورة استيرادية كبيرة جدًا.
وأضاف أن تقليص الفجوة الدولارية، كانت دائماً هى المرض المزمن للاقتصاد المصرى، ودائمًا ما كان إجمالى فاتورة الاستيراد الخاصة بمصر أكبر من الصادرات، أو مواردنا أقل من استهلاكنا فى العملة الصعبة، ونتيجة لذلك مصر تتعرض كل فترة لأزمة اقتصادية، ونضطر لاتخاذ إجراءات لتحرير سعر الصرف، ومن غير تحقيق التوازن فيما يخص مواردنا من العملة الصعبة والاستهلاك، سيظل هذا التحدى قائما، لذلك فإن شغلنا الشاغل هو تحقيق هدف أن تكون مواردنا تكفى مصروفاتنا خلال فترة زمنية فى حدود ٣ سنوات، مشيراً إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية التى تم تنفيذها مؤخراً والخطوات الأخيرة التى اتخذتها الدولة، والتى أسهمت بشكلٍ واضح فى عودة الإنتاج والتصدير، واختفاء الأزمة الاقتصادية الخانقة التى عانينا منها خلال السنة ونصف السنة الماضية.
وأوضح رئيس الوزراء، أنه إذا نحينا جانباً فاتورة المواد البترولية التى يتم استيرادها للوفاء باحتياجات الدولة، فنحن بالفعل نحقق توازناً فيما يخص مواردنا كدولة مقارنة بمصروفاتنا، ولكن تبقى معضلة فاتورة استيراد المواد البترولية، لافتاً إلى أن الحكومة وضعت خطة بمستهدفات وأرقام واضحة تستطيع من خلالها فى الفترة القادمة زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، وزيادة صادراتها وتقليل فاتورة الاستيراد من خلال حوكمة عملية الاستيراد، وبما يجنب مصر التعرض مرة أخرى لهذه النوعية من الهزات الاقتصادية، مشدداً على أهمية حديث الرئيس السيسى، رئيس الجمهورية، خلال افتتاح المشروعات الخاصة بجنوب الوادى وتوشكى، حيث تطرق إلى فاتورة ما تتحمله الدولة وفاتورة الدعم للمنتجات الرئيسية التى تحملتها الدولة على مدار الفترة الماضية، وأن هذا يقودنا إلى الحديث عن منظومة الدعم بصفة عامة، خاصة رغيف الخبز فى فترة ما قبل جائحة كورونا، حيث كان يدور حديث عن ضرورة التحرك فى سعر رغيف الخبز، وأننا كدولة أصبحت فاتورة الدعم للخبز لدينا كبيرة جدا، ولكن الخبز سيظلُ مدعوماً، ولكن لابد من تحرك يتناسب مع الزيادات الكبيرة التى تحدث.
واستعرض رئيس الوزراء ملامح تحرك الدولة فى هذا الملف، لافتاً إلى أن مصر تُنتج ١٠٠ مليار رغيف مُدعم سنوياً، تبيع الدولة الرغيف بـ ٥ قروش، ليكون إجمالى ما تتحصل عليه الدولة من هذه الكمية 5 مليارات جنيه فقط، موضحاً أن الدولة تُشجع استخدام القمح المُنتج محلياً، وتحفز الفلاح للمصرى على توريد القمح، لتقليل فاتورة الاستيراد وخفض الضغط على الدولار، وجزء من التحفيز أن الدولة تزيد بصورة كبيرة جداً سعر توريد أردب القمح، موضحاً أن السعر فى موازنة السنة المالية الماضية، كان مقرراً أن يكون ١١٠٠ جنيه للأردب، ولكن واجهنا ظروفا اقتصادية عالمية، وتضخما، وأسعارا مرتفعة للقمح العالمى، حيث كنا نستورد قمحا بنحو ٢٧٠ دولارا، قفز إلى ٥٤٩ دولارا عالمياً مع بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، وكانت فترات شديدة الصعوبة، ولذا اتخذنا قراراً بحافز استثنائى للتوريد، أضفنا من خلاله مبلغ 400 جنيه، لينتهى موسم العام الماضى بأن يكون سعر توريد أردب القمح 1500 جنيه.
وأكمل رئيس الوزراء: هذا العام بدأنا فى خطة الموازنة بسعر توريد 1250 جنيها كمقترح من وزارة المالية طبقًا للأسعار والمستهدفات، وقبل بداية موسم الزراعة وبهدف التحفيز أعلنا عن زيادة سعر التوريد للأردب إلى 1600 جنيه، مع إعادة النظر قبل موسم الحصاد والاسترشاد بالأسعار العالمية، وذلك لأن كل هدفنا هو تشجيع الفلاح على التوريد للدولة لما يمثله هذا الأمر من أهمية، حيث يمثل إجمالى ما يتم توريده مابين 35% إلى 40% تقريبًا من احتياجات القمح للخبز المدعم فقط، وليس الخبز العادى، ثم رفعنا سعر التوريد من 1600 إلى 2000 جنيه، وبذلك نكون رفعنا السعر من 1250 جنيها إلى 2000 جنيه، ونحن الآن فى نهاية موسم الحصاد وأرقام التوريد جيدة جدًا، حيث يصل ما دفعته وزارة المالية حتى فاتورة الأمس ما يقارب 40 مليار جنيه، هذا بخلاف القمح الذى يتم استيراده بالدولار لاستكمال احتياجات منظومة الخبز، وبالتالى نحن نتحدث عن حجم دعم لرغيف الخبز يتخطى 100 مليار جنيه، ليصل إلى 110 أو 115 مليار جنيه دعما حقيقيا لرغيف الخبز، وبالتالى كانت الدولة حريصة خلال الفترة الماضية فى خضم الأزمة غير المسبوقة على عدم تحميل أعباء إضافية على المواطن، وبالتالى تحملت الدولة كل هذه الأعباء.
وشدد رئيس مجلس الوزراء على أن الدولة حريصة على أن تتحمل جانبا كبيرا من العبء، ولكن لا يمكنها تحمل ذلك للأبد، وبالتالى كان ضرورياً الحديث عن أهمية أن يحدث تحرك فى سعر الخبز، من أجل تقليل الحجم الرهيب للدعم فى هذا القطاع وحده، مؤكداً أن الخبز سيظل مدعوماً بصورة كبيرة جداً، ولكن لا بد أن ننتبه إلى أن طاقة الدولة لن تتحمل الطفرات الكبيرة التى تحدث، فمنذ سنة كان المفترض توريد القمح بـ ١١٠٠ جنيه للأردب، واليوم أصبح الرقم ٢٠٠٠ جنيه، وهذا ما يرتبط بالقمح الذى تحصل عليه الدولة من السوق المحلية فقط، مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية طلب التحدث بشكل أوسع فى هذه القضية، وقد تحدث وزيرا الكهرباء والبترول على مدار اليومين الماضيين، موضحاً أن إنتاج الكهرباء يعتمد بصورة أساسية على الوقود التقليدى، وهو الغاز الطبيعى والمازوت، ومعه الطاقة الجديدة والمتجددة، ولدينا منها حصة ثابتة من السد العالى، كانت تمثل فى وقت ما الغالبية العظمى من احتياجات مصر، إلا أنه نظراً للنمو السكانى والعمرانى أصبحت تمثل أقل بكثير من ١٠٪ من إنتاج مصر من الطاقة الجديدة، حيث اتجهت الدولة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ولديها خطط كبيرة فى هذا المجال.
وأشار إلى أن الدولة لم تتمكن من التوسع فى ملف الطاقة المتجددة خلال السنوات الماضية، نظراً لتكلفة الإنتاج المرتفعة، إلى جانب أن هذه المشروعات ينفذها القطاع الخاص، باستثمارات خارجية، ويطلب من الدولة دفع مقابل هذه الخدمة بالدولار، ولذا كانت الدولة حريصة على ألا تنجرف فى مشروعات تحملها فاتورة كبيرة، لافتاً إلى أنه مع انخفاض الأسعار حالياً، توسعت الدولة فى توقيع العقود فى قطاع الطاقة المتجددة، إلا أن أى مشروع يتم توقيع عقوده الآن يتطلب عامين أو ثلاثة أعوام ليدخل حيز التشغيل والإنتاج الفعلى، كما تناول رئيس الوزراء مسألة أسعار المحروقات التى تدخل فى إنتاج الكهرباء، حيث ذكر أن مصر لديها حجم محدد من المواد البترولية والغاز الطبيعى، وأكثر من ٦٠% من الغاز الطبيعى الذى تنتجه مصر يذهب لاستهلاك الكهرباء، لافتاً إلى أن تكلفة استخراج الغاز الطبيعى دون حساب أى أعباء أخرى يكلف الدولة حوالى ٤.٢٥ دولار للوحدة، ويتم إعطاؤه لوزارة الكهرباء لاستخدامه فى محطات الكهرباء بسعر ٣ دولارات للوحدة.
وأضاف أن توليد الكهرباء يحتاج أيضاً إلى مازوت وكميات أخرى من الغاز حتى يمكن الوفاء باحتياجات الدولة التى تزيد كل عام، فكل عام هناك نسبة نمو سكانى كبيرة، والنمو السكانى يتم ترجمته إلى وحدات سكنية لتوفير السكن الملائم للمواطنين، كما يتم ترجمته إلى زيادة عدد المصانع لتوفير فرص عمل مناسبة للمواطنين، فضلاً عن إنشاء مناطق ومدن جديدة لاستيعاب هذه الزيادة السكنية، واستهلاكنا من الكهرباء يزيد ولا يقل ولا يثبُت، وبالتالى فإن فاتورة احتياج الكهرباء من المواد البترولية تزيد كل عام، وتحاول الحكومة تسريع الخطى من خلال استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة لتعويض نقص الطاقة، وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدى، حيث إن العالم كله متجه حاليا إلى مصادر الطاقة النظيفة، مشيراً إلى أن مشروع إنشاء المحطة النووية فى الضبعة، يهدف فى الأساس إلى زيادة إمكانات مصر من الطاقة النظيفة لتدخل ضمن باقة مصادر الطاقة فى مصر.