المصريون فقدوا 77% من قدراتهم الشرائية
مصطفى زكريا
لا حديث فى الشارع الآن يعلو فوق صوت الأسعار، والتى باتت كابوسا يؤرق حياة المواطنين، بعد أن سجلت أسعار السلع والبضائع أرقامًا فلكية على الرغم من المبادرات التى أعلنت عنها الحكومة فى وقت سابق كان الهدف منها تخفيف الأعباء المعيشية على المواطن ومنها مبادرات استطاعت بالفعل أن تُحكم سيطرتها على فوضى التسعير العشوائى الذى مارسة التجار خلال الفترة الماضية.
وحسب تقرير حديث نشرته "اقتصاد الشرق" فإن المصريون فقدوا 77% من قدراتهم الشرائية نتيجة الارتفاعات المتتالية فى الأسعار منذ تحرير سعر الصرف للمرة الأولى وحتى الآن، وفى ضوء الأرقام الرسمية التى استند إليها التقرير ارتفعت أسعار السلع التى كان المصريون يشترونها بـ100 جنيه فى عام 2014 إلى نحو 444 جنيهاً فى 2024، بحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء المركزى، ويعنى هذا أن أسعار السلع ارتفعت أكثر من 4.4 مرات خلال 10 سنوات.
وفى هذا السياق، قال محمود رشاد "خبير اقتصادى": سياسة تحرير سعر الصرف ومنذ تطبيقها واجهت تحديات خاصة فيما يتعلق بفترة وباء كورونا وسلسلة الأحداث العالمية التى تؤثر بشكل سلبى على حركة التجارة العالمية، وارتفاع أسعار شحن البضائع والحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، ونتيجة لتلك التداعيات الخطيرة كانت النتيجة التى وصلنا إليها الآن وتسعى الحكومة للخروج من الأزمة بكل ما أوتيت من قوة.
وأضاف، المبادرات التى أعلنت عنها الدولة مثل مبادرة "أهلا رمضان" وغيرها من المبادرات الوطنية وتوفير سيارات السلع الثابته والمتنقلة كانت وسيلة لاحتواء أزمة لفترة محددة وذلك بالتنسيق مع الأجهزة التنفيذية والبديل يجب أن يضمن الاستدامة فى تقديم رؤية لعلاج مشكلة الأسعار من خلال روشته تضم محاور للزراعة والصناعة وزيادة الصادرات عبر حزمة تشريعات يبحث عنها المستثمر وكذلك تمويلات تضمن معها تشغيل قطاع الصناعة والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
ويرى الخبراء أن استمرار ارتفاع الأسعار يرجع إلى ثلاثة أسباب منها، غياب الرقابة على الأسواق وجشع التجار، وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج والمواد الخام المستوردة من الخارج وطالبوا الحكومة بالتدخل فى الأمر، ومراقبة الأسواق، وفتح الاستيراد وتخفيف الأعباء عن التجار ودعمهم، بما يؤدى إلى خفض تكلفة السلع، وانخفاض أسعارها فى النهاية.
من جانبه، قال أحمد ذكى "باحث بالشأن الاقتصادى": ارتفاع الأسعار فى الأسواق بشكل عام له أكثر من عامل ولا يمكن أن نقول أو نحسب او نحدد مسألة انخفاض الأسعار أو أن نربطها بتوافر الدولار فى الاسواق، فهناك مثلا ارتفاع عناصر تكلفة المنتج نفسه سواء كان منتجا غذائيا أو غيره وأفضل حل نصل من خلاله للسعر المناسب هو زيادة المعروض من السلعة حتى تصل إلى المستهلك وكذلك زيادة عدد التجار وتوفير المعارض، كل ذلك سوف يجبر التاجر على تخفيض الأسعار، مشيرا إلى أن السلع الضرورية التى لا يمكن للمستهلك الاستغناء عنها لا بد أن تتدخل فيها الدولة وبقوة كمنافس قوى وتقدم منافذ عرض خاصة بها وتوفر السلع للمستهلك بجودة وسعر وخدمة جيدة وأعتقد أن المنافسة هى أفضل رادع لعملية غلاء الأسعار.
وعن فكرة نجاح الحكومة فى توفير عملات دولارية للمستوردين وانعكاس ذلك على عملية البيع والشراء للسلع الغذائية قال: بالطبع له تأثير إيجابى على الأسواق ويساهم فى وفرة السلع وهذا يؤدى إلى زيادة العرض وبالتالى ستكون هناك منافسة وسوف تقل الأسعار ولكن لا بد أن نوضح شيئا مهما وهو أنه فى المواد الغذائية هامش ربح التاجر دائما ما يكون بسيطا لأنها فى النهاية سلعة ليست بالمعمرة ففى هذه السلعة يعتمد التاجر على معدل دوران رأس ماله، لأنه يعتمد على أنه سيبيع أكبر قدر ممكن مع هامش ربح بسيط حتى يتمكن من إعادة عملية البيع والشراء، هذا التاجر يريد أن يعزز من قاعدة معاملاته، كما أن أغلب هذه السلع لا يتم تخزينها وبالتالى لا بد من بيعها.
وعن مسألة تفاوت الأسعار وإمكانية تنفيذ السعر الاسترشادى على السلع الغذائية كما أقرته الحكومة فى مارس الماضى وإمكانية تطبيقه، أوضح أن المنتج سوف يتم تسعيره طبقا لتكلفته فى العملية الإنتاجية فمن الممكن فى وقت لاحق أن تجد عناصر التكاليف ارتفعت وبالتالى لا بد من رفع سعر المنتج، وستجد اختلافا فى الأسعار نتيجة اختلاف السعر عند المستورد واختلاف سعر عناصر العملية الإنتاجية.