رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

عليّ بين الفرح العظيم والحزن الأليم 


الحب أعظم كلمة في الوجود.. والله لا أبالغ عندما أقول ذلك!!... فأنا أرى أنه بالحب قامت السماوات والأرض!!.. 
 هل كنتم تتصورون يومًا أن الحياة يمكن أن تستمر دون حب؟؟!!.. دون وفاء؟؟!!.. دون وئام؟؟!!.. دون إخلاص؟؟!!.. دون تضحية؟؟!!.. ... دون مشقة؟؟!!.. دون نماء؟؟ 
 الحب يا ســادة... كلمة تجعل كل شيء جميل وتزيل كل قبيح.. كلمة تجعل الوجدان يعيش حالة من المديح.. كلمة تشبه في جمالها رمضان لحظة الإفطار ووقت صلاة التراويح... 
 الحب يا ســادة... كلمة لا تحتاج إلى تفسير أو توضيح.. كلمة ثابتة لا تهتز ولا تتغير مع أمواج الأيام أو رغم عنف الريح.. 
 الحب يا ســادة... كلمة مادامت لله فهي تسليح.. وبذكر الله ورسوله هي تسبيح... وبمساعدة الناس لا تجعل أحدًا جريحًا..
 الحب يا ســادة... كلمة تقال بالتصريح .. لا نلجأ فيها لتلميح.. لتبقى أبد الدهر هي أصل كل عزيز نورها مشع في كل آيات الحق كالمصابيح.. 
هذا الحب.. الذي ذكر في القرآن الكريم أكثر من ١٦٠٠ مرة.... في مواضع كثيرة ومتعددة.. يأتي مقترنًا بحب الله.. مقترنًا بحب رسوله.. مقترنًا بحب المخلصين الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل دين الله الصحيح.. 
إذ يقول الله سبحانه وتعالى:
 «لا تقم فيه أبدًا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين» سورة التوبة.. 
 «إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين» سورة يوسف.
 «وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبًا إنا لنراها في ضلال مبين» سورة يوسف ...
 «الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجًا أولئك في ضلال بعيد» سورة إبراهيم.. 
 حقًا جزء من الإيمان.. فالحب يزيد به الإيمان وينقص!!!... ألم ينشد ويندد الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» في أحاديث كثيرة بالحب... فها هو يقول «صلوات ربي وسلامه عليه»: 
 «لا يُؤمن أحدُكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه مِنْ والده وولدِهِ والنَّاس أجمعين»....
«لا يؤمن أحدكم حتى يجب لأخيه ما يجب لنفسه » ....
 هذا الحب... الذي كان مطلع قصائد شعراء الجاهلية.. كل منهم يبكي على ليلاه.. فها هو ابن زهير يتغزل بـسعاد... 
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ مـُتَيّـــــَمٌ إِثـــرَها لَــم يُفــدَ مَكبــــولُ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا إِلّا أَغـَـنُّ غَضيــضُ الطَـرفِ مَكحــــــولُ
هَيفـــاءُ مُقبــِلَةً عَجزاءُ مُدبـــِرَةً لا يُـشـتَـكى قِـصَــرٌ مِنها وَلا طــــــــولُ
تَجلو عــــَوارِضَ ذي ظـــــــَلمٍ إِذا اِبتَــسمَت كَـأَنّـَهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعـــلولُ

هذا كله من أجل الحب... مئات الآيات.. والأحاديث.. والأشعار.. كل هذا الحب.. من أجل أن أبدأ رواية حب لا يعادله حب.. بعد حب رسول الله للسيدتين الطاهرتين.. السيدة خديجة وعائشة أم المؤمنين... رواية عشق لا يعادلها عشق.. رواية شوق لا يعادلها شوق.. رواية مودة ورحمة لا يعادلها مودة... وكأنها تحاول أن يتخلد فيها قمة المشاعر الإنسانية.. والعاطفة البشرية المستقاة من حب ورحمة وألفة ومودة رسول الله للسيدتين الطاهرتين.. السيدة خديجة وعائشة «رضي الله عنهما»... رسالة حب نبتت في خير نبت في أعظم أرض في قلب رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم».. لتكون أرض غناء يسفر عنها وليد جميل.. رواية تغلبت في حبها على أعظم قصص الحب من بعد.. بل إنها الحكمة... حكمة باركتها السماء ... بزواج عليّ من الزهراء!!... 
 فحب عليّ لفاطمة رضوان الله عليهما.. والله إنه لأعظم من حب قيس لليلى.. والزهير لسعاد.. وروميو لجوليت.. إنه الحب الصافي.. الحب الذي لا يعرف إلا النقاء... حب الود.. حب الصفاء.... 
 وقبل أن نقترب أكثر من قصة الحب الأكبر... دعونا نتناول الحب بصفة عامة لبيت نبي الأمة... فحب آل البيت هو أمر من الله عز وجل لا يقبل النقاش ولا الجدال.... 
 فلقد أمر الله سبحانه وتعالى... وأوصى رسوله الكريم «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» بحب أهل البيت... لأنهم غصون هذه الدوحة المباركة... التي أصلها في الأرض.. وفرعها في السماء ... والتي اصطفاها الله تعالى من بين خلقه .... واصطنعها على عينه .... فبلغت أوج الكمال في الروح والجسد ... وفي السر والعلن .... وذلك لأنها بضاعة أشرف الخلق... وأكرم الأنبياء الذي يقول متحدثا بنعمة الله عليه... وإحسانه إليه... «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم»..... 
 هكذا فإن مقام أهل البيت من مقام الرسول «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم».. فهم في كل عصر وزمان خير الناس وخيرهم بيوتًا... لأن الله اختار نبيه من خير البيوت وأشرفها.... هذا فضلًا عن أن حكمة الله في خلقه.. ورحمته بعباده... اقتضت أن تستمر بأهل البيت ذرية سيد المرسلين «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم».. إلى يوم الدين ... تشع بضيائها على العالمين وترشد بهدايتها الضالين... ومن ثم فإن التاريخ لم يعرف أهل بيت أحبهم الناس من قوميات ومذاهب شتى كآل البيت ... أحبوهم أحياءً وأمواتًا....

يا آل بيت رسول الله حبكم ُ .... فرض ٌمن الله في القـــرآن أنزله ُ
يكفيكم ُ من عظيم الفخرِ أنكم ُ ... من لم يصل عليكم لا صلاة له 

أما أنــا فأقول: 
أيـــا آل البيـت فضـلكم ... على سائر الخلق شرع ودين 
ألا يكفي نسب الرسول لكـم ... فالصلاة عليكم فرض ويقين 

ومن لم يصل عليكم لا صلاة له... هذا هو قدركم... هذا هو فرض حبكم... هذا هو مقامكم... هذا هو علو مكانكم... هذا هو أنتم يا آل بيت النبي... والله ثم والله لا يكفيكم هذه الكلمات القلائل.. لأشهد لكم.. ولن أترككم بل إنني سأقترب من قصة الحب التي هي جزء منكم... قصة حب وزواج الطاهـــرة فاطمــــة الغراء ابنتكم..... 
 يروى أنه في السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة تزوج عليّ بن أبي طالب «رضي الله عنه» فاطمة بنت رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وبَنىَ بها... وقد ذكر البخاري أن ذلك كان بعد غزوة بدرٍ بقليل...
 وكان الزواج في صدر الإسلام وفي هدي النبي سيد الأنام لا مغالاة فيه في المهور... ولا إرهاق في سبيل إعداد الجهاز كما هو حال الكثير من الناس اليوم... وإنما الحال سماحة وبساطة وتيسير.... وتعاون في سبيل الحياة الزوجية الكريمة....
 وقد حث النبي «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» على تيسير الزواج وعدم المغالاة في المهر.. ففي «الصحيحين» أن النبيَّ «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» قال لرجلٍ: (تَزْوَّجْ ولو بخاتمٍ مِن حديد).... ولو كانت المغالاة في المهور مَكْرُمَة لكان أولى بها رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» وابنته فاطمة «رضي الله عنها»....
 وهذا هو الدرس الأول... وهو كيف ينبغي أن يتعامل الأب مع زواج ابنته؟؟!!!... ماذا ينبغي عليه أن يفعل تجاه من يتقدم لابنته؟؟!!... هل يغالي في المهر؟؟؟!!!... هل يشق على شباب أمته؟؟!!... ومن تقدم لطلب الزواج من ابنته!!!... وكأنه نوع من العقاب!!!... أم أنه يخفف عليه.. ويطلب منه في حدود المستطاع من غير إفراط ولا تفريط... 
 أما عن موضوعنا ... عن قصتنا.. قصة خِطبة وزواج «عليّ» من «فاطمة» (رضي الله عنهما).... فقد ذُكِرَت في كتب الحديث والسِّيَر والتراجم.... وقد رواها ابن كثير في السيرة النبوية... والبيهقي في الدلائل ....
 عن عليّ «رضي الله عنه» قال: (خطبت فاطمة من رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» .. فقالت مولاة لي: هل علمت أن فاطمة خُطِبَت من رسول الله؟ 
قلت: لا.... 
قالت: فقد خطبت... فما يمنعك أن تأتي رسول الله فيزوجك بها؟ 
فقلت: أو عندي شيء أتزوج به؟ ... 
فقالت: إنك إن جئتَ رسول الله «صلى الله عليه وسلم» زوّجك... 
 فو الله ما زالت تُرجّيني حتى دخلت على رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» فلما أن قعدت بين يديه أُفْحِمْتُ... فوالله ما استطعت أن أتكلم جلالة وهيبة.. 
 فقال رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم»: (ما جاء بك، ألك حاجة؟) فسكتّ...
فقال: (لعلك جئت تخطب فاطمة؟) ... 
فقلت: نعم!!!....
فقال: (وهل عندك من شيء تستحلها به؟)...
فقلت: لا والله يا رسول الله!!!..
فقال: (ما فعلت درع سلحتكها؟).. 
 قلت: فوالذي نفس «عليّ» بيده إنها لحُطَمِيَّة ما قيمتها أربعة دراهم... فقلت عندي...
 فقال: (قد زوجتكها) فبعث إليها بها... فاستحلّها بها.. فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله «صلى الله عليه وسلم».... 
 وهنا نتعلم الدرس الثاني... وهو المكاشفة والوضوح.. حوار حقًا كان لابد أن يسجل... لابد أن يعرفه بل ويعيه كل من كان له «قلب أو ألقى السمع وهو شهيد»... فلا يجب على الشاب أن يخجل من حقيقة وضعه أو من حالته.. هو فقط يستعين بالله ويطلب منه التوفيق.. فما توفيق الشخص إلا بالله... فما توفيق الشخص إلا بطلب العون من الله... الذي لا يغفل ولا ينام... 
فلتقل ما تقل عزيزي القارئ.... 
 ولكن الله عز وجل كان له حكمة خاصة.... فيا لحكمة السماء... من زواج عليّ من الزهراء... ياااااااه الله عليهما..... 
 يااااه الله ... هكذا هي قصة الحب ... هكذا هي رواية العشق... هكذا هي حكاية الشوق.... 
 رواية في حبها غلبت قيس وليلي.. روميو وجوليت.. بن كعب وسعاد.. وغيرهم.... 
 هكذا هي فاطمة الزوجة .. التي كانت خير زوجة.. التي هي خير امرأة لخير زوج.... 
 لا أعتقد أن هناك زوجة بهذه المواصفات.. نعم أقول ذلك وأنا امرأة تعرف كيف تفكر النساء .. وماذا تفعل؟؟!!... 
 فاطمة كانت وستظل أسطورة تدرس في كيف تكون الزوجة وكيف تتصرف مع زوجها .. 
 أتعرفون ماذا فعلت الزهرة؟!!... لم تفعل سوى أنها طبقت وصايا وسنة الرسول الكريم.. حين كانت خير النساء .. من إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك... 
 كانت خير النساء حين كانت زوجة صالحة أعانت زوجها على نصف دينه... 
 كانت خير النساء .. عندما كانت خير متاع الدنيا.. وهل هناك من خير أكثر من امرأة صالحة!!!!....
 سلام من الله على الإمام عليّ وزوجه البتول... سلام من الله لا يعادله سلام إلى الأشخاص العدول.. سلام من الله على آل بيته أصحاب القبول... اللهم صلي وسلم وبارك على آل الحبيب المصطفى.... 

هكذا عاش عليّ عليَّا .. وقد لامست يداه السموات السبع.. اشتم رائحة الجنة بقربه من رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» مرتين .. مرة حين رباه رسول الله .. محبة فيه وعرفانًا بجميل عمه أبو طالب ومن قبل أمه التي كانت في مقام أم ثانية له وهي السيدة «فاطمة بنت أسد»... التي كانت ترعاه مراعاة الأم لابنها.. ومرة ثانية حين اشتد القرب والاقتراب.. حين تزوج من أم أبيها قرة عين النبي فاطمة الزهراء.. ذلك القدر العالي والمكان الرفيع.. والمكانة التي لا يعادلها ولا يدانيها.. زوج ابنه رسول الله.. أم سيدا شباب أهل الجنة.. ليعيش في عز ورخاء وعظمة ما بعدها!!.. 
 كان علي عالي القدر في السماء حين شاركه في تربية أبنائه الأغرين الحسن والحسين والعقيلة زينب .. الجد العظيم نبي الإسلام محمد رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم».. ليكون علي غاليًا عند رسول الله.. وهكذا عند أمة رسول الله.. ليشاركه عن قرب أغلى لحظات حياته في الصلاة والصيام والقيام.. وليكون أغلى الشرف العظيم لعلي.. ذرية النبي من ذرية عليّ.. وذلك مصداقًا لقوله تعالى: «ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» سورة آل عمران.. 
 ولكن ورغم كل لحظات الشرف والسعادة والعلو والارتفاع الذي عاشه الإمام عليّ.. ما كان من الدنيا إلا أن تساعده على تثبيت عقيدته وتعميق مشاعر الإيمان لتكون مشاعل من التقوى لا تنطفئ أبدًا مهما مر عليها من الزمان!!!.. مهما ورى جسده الغالي الثرى!!.. 
 نعيش معه في أيام من حياته وسطور وصفحات كم هي مضيئة مشرقة لنا .. ولكن كم كانت هي حزينه له.. لتزيد من زهده في الدنيا وإعراضه عنها.. ليظل دومًا حكيمًا وهو ينقل لنا خلاصة الدنيا في عقله وبين نبضات قلبه تلك الدنيا التي تصاغرت وتقزمت يوم رحيل الرءوف الرحيم.. نبي الرسالة.. مؤدي الأمانة.. ناصح الأمة.. وكاشف الأمة.. الذي تركها على المحجة البيضاء.. فما كان أقسى على ولي المتقين وإمام العادلين.. إلا أن يقوم بغسل رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم».. 
 أكتب إليكم.. ولا أدري كيف استطاع أن يقوم بهذا العمل العظيم الجليل بعد أن كان طلبًا ووصيةً وأمانةً من رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم».. إلى الصديق الغالي أبو بكر.. أن الذي يغسله ويكفنه ... إنما كان هذا العلي العظيم حين سأل الصديق رسول الله باكيًا .. يا نبي الله من الذي يغسلك؟؟!!.. فقال النبي: رجال من أهل بيتي الأدنى فالأدنى .. يقصد عليًّا.. 
 ولا أدري ماذا كان حال عليّ .. وهو يفارق رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» جثة هامدة في غرفة مغلقة بلا حراك بعد أن توقفت أنفاسه.. وسكت لسانه الشريف؟؟.. بعد أن سكنت نبضات قلبه.. ولم يسمع حوله في تلك الغرفة المغلقة صوت الحزن وصوت الخوف.. والأنين العظيم بعد رحيل وفراغ الدنيا .. بعد رحيل رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم».. بعد أن حرك نور الله على الأرض .. بعد أن حرك الرحمة في قلوب الخلق.. بعد أن أمات الوحشية والبربربة فأحيا ضمائر الإنسانية التي كانت كالرعد.. برحيله كما لو كانت حلاك الظلمة وعودة البرد.. 
 نعم كان يبكي عليه وهو يرتعد ببرودة فائقة.. بعد أن تعرى ظهره بموت رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم»... ليتمكن منه ذلك البرد وتلك الرعشة.. التي تصيبنا بعد موت الأبوين ورحيلهما عن الدنيا.. فماذا حال علي أمام رسول الله في هذه اللحظة المؤلمة!!. في هذا الحدث الجلل بهذا الفراق الصعب.. 
أسأل الله العلي القدير أن يجزيه عن هذه اللحظة.. 
 أسأل الله العلي العظيم أن يجزيه عنا خير الجزاء العظيم من غسله للجسد الشريف وتهيئته للقبر «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم»..
 لا أدري بم غسله؟؟!!.. كيف كان حاله؟؟!!.. هل غسله بماء كان متاحًا بين يديه؟؟!!.. أم أنه غسله يدموع عينيه!!!.. التي بالتأكيد لم تتوقف طوال غسله لوحشة هذا الفراق الأليم.. 
 كيف للحظة الحزن هذه!!.. ألا يكون لها أثر بالغ في حكمة الإمام عليّ وهو يرى الدنيا على حقيقتها.. مع رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» .. كيف لا ينبذها؟؟!!.. كيف لا يمقتها؟؟!!.. كيف لا يكون لنا ناصحًا أمينًا؟؟!!.. وهو يترك لنا ماهيتها بين أيدينا!!!.. في كل لفظ تركه لنا.. في كل وصية أودعنا إياها!!.. 
 فأي دنيا بعد رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» تكون!!.. بعد أن كانت؟؟.. فمن يعيش بعده!!.. وكيف له أن يعيش إلا طائرًا جريحًا مهما كان قويًا جميلًا؟؟.. غصنًا ذابلًا مهما كان ضاربًا بجذوره في الأرض.. مرتفعًا عاليًا!!!.. 
 عاش الإمام عليّ بعد رسول الله حزينًا .. نعم متألمًا .. نعم لقد كان رحيل رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» نقطة تحول خطيرة في حياة الإمام عليّ لتزيد من حكمته وورعه وزهده!!!.. 
 ليترك لنا تلك العبرة من الزمان والأيام تلك العظة من الحياة التي لشدة صدقها كم توجعنا!!!!... وكلما نسمعها منه!!!... كأنه لا يزال يعيش معنا.. فتنبض قلوبنا بكلماته تتألم مواجعنا لصراخه لأنه صراخنا.. حين نشعر بمشاركته.. نعم كما لو كان معنا يواسينا ويطارح أحزاننا!!.. 
 ولا أدري مجرد تسطير الكلمات آلمني وكيف لي أن أتخيل استمرار الإمام علي في الحياة بعد فراق رسول الله «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم».. فما باله هو كيف استمر وكيف كانت أيامه بعد هذا الفراق الصعب؟؟!!!.. هذا ما سوف أعده لكم!!!!...

موضوعات متعلقة