كارثة بالقليوبية..
المصريون يأكلون «سمن صناعى» مصنوع من عظام الحيوانات
استخدام «جوز الهند والزيت» كمكسبات طعم.. عبوات مجهولة المصدر بماركات وهمية
ومواطنو الصعيد أول الضحايا
100 طن يوميًا تخرج من مصانع طوخ وباسوس والجعافرة وكوم السمن
مصدر أمنى لـ«الزمان»:
قمنا بحملات أمنية وضبطنا مصنعًا بمدينة طوخ يحتوى على 80 طن سمن مجهز للتعبئة وجارٍ البحث عن مصانع أخرى
خبراء:
سرطان يتناوله المواطنون ومصانع بير السلم سر ابتلاء المصريين بأمراض خبيثة
تقاس أداء الحكومات بصحة المواطنين فى معظم دول العالم فلا مجال للاستهانة بصحة البشر، أما فى مصر حدث ولا حرج بعد أن تحولت مصانع بير السلم إلى واحدة من اقتصاديات الدولة الغير رسمية تنتج وتصدر سمومها للشعب، فتارة تنتج حفاضات الأطفال وتارة أخرى تنتج مواسير المياه من مواد مسرطنة، وأخيرًا دخلت تلك المصانع فى مجال صناعة الأطعمة فأصبح السرطان طعامًا نتناوله من الفم، بعد أن غابت الرقابة وغاب معها الضمير البشرى.
وفى السطور التالية، تستعرض «الزمان» منتجًا جديدًا لمصانع بير السلم بمثابة كارثة على صحة المستهلكين، إذ بدأت تلك المصانع قبل سنوات فى إنتاج «السمن الصناعى» الذى تلجأ إليه الأسر المصرية بدلًا من السمن الطبيعى على سبيل التوفير، فتحولت أجسادهم بفعل تلك المنتجات إلى حقول ترعى فيها الأمراض الخبيثة.
سمن بطعم «عظام الحيوانات»
البداية كانت مع أحد العاملين بإحدى الشركات المرخصة والتى تنتج السمن الصناعى بمواصفات وزارة الصحة ويدعى أمجد الديب، إذ تم الاستعانة به من قبل مصنع بير سلم بمدينة طوخ لتركيب معدات وآلات تصنيع السمن.
ويقول الديب لـ«الزمان»: لو كنت أعلم أن هذا المصنع غير مرخص وسيقوم بإنتاج السمن من عظام الحيوانات لما اشتركت معهم فى تلك الجريمة، ولكن فور علمى بذلك بعد عام من عمل المصنع وتصدير منتجاته لمحافظات الصعيد قمت بإبلاغ مديرية الأمن التى داهمت المكان.
وتابع أن ملخص عمل تلك المصانع هو القيام بإنتاج سمن صناعى مكون من عظام الحيوانات المطحونة المضاف إليها محسنات طعام وهى عبارة عن بيكربونات صوديوم يتم شراؤها من باب الخلق وداخل وعاء كبير يتم وضع تلك المادة مضاف إليها زيت طعام، والذى يتم شراؤه من المطاعم بعد أن تم استهلاكه أكثر من مرة، وهذه كارثة جديدة، كما يتم وضع كمية من جوز الهند لإضافة نكهة إلى السمن وبعد ذلك يتم ضرب كل هذه الكمية لساعات وفى النهاية تحصل على المنتج النهائى سمن صناعى لا تستطيع أن تفرق بينه وبين المنتجات التى تطبق مواصفات الجودة.
واستطرد الديب: بعد ذلك يتم وضع المنتج النهائى فى عبوات تحمل شعار المنتج واسمه ولصق العلامة التجارية عليها لإيهام المستهلك بأنه منتج مطابق للمواصفات، والتوزيع يكون بمحافظات الصعيد.
وعن الكميات التى تنتجها تلك المصانع، أكد الديب أن المصانع تختلف فى حجم إنتاجها اليومى على حسب المعدات التى تمتلكها فهناك مصانع تستخدم أوانى صغيرة لا تستوعب سوى بضعة كيلوهات، وهناك مصانع تمتلك معدات كالموجودة فى المصانع الكبيرة فتنتج أطنانًا، وفى النهاية متوسط إنتاج تلك المصانع مجتمعة تقريبًا 100 طن.
طوخ عاصمة السمن الصناعى «مجهول المصدر»
وأكد مصدر أمنى لـ«الزمان» أن مدينة طوخ هى العاصمة التى خرجت منها تلك المصانع، فكانت أول ضبطية قامت بها مديرية الأمن بالتنسيق مع مباحث التموين ومديرية الصحة بالقليوبية من داخل تلك المدينة، إذ ضبطنا المصنع بعد بلاغ بوجود منتج سمن نباتى يحمل اسم «روعة»، وبالبحث وجدنا أنه غير مسجل.
وتابع المصدر: أنه تم ضبط 3 ماكينات تعبئة 2 كيلوجرام و3 كيلوجرام و11 كيلوجراما وغلاية وكمبروسر هواء وثلاجة تبريد كبيرة الحجم و2 تنك زيت فارغ سعة التنك 10 أطنان و4 تنكات سمن صناعى سعة التنك 20 طنًا بإجمالى وزن 80 طنًا و300 عبوة صفيح فارغة لزوم التعبئة و5000 كرتونة فارغة و200 كرتونة بكل كرتونة عدد 6 برطمانات سمنة زنة البرطمان 2 كيلوجرام بإجمالى 400 و2 طن و2000 علبة سمنة زنة العلبة 11 كيلوجرامًا بإجمالى وزن 22 طنًا، وعلب سمن زنة العلبة 11 كيلوجرامًا بإجمالى وزن 22 طنًا، وجارٍ التفتيش على بقية المصانع الموجودة فى ذات الحزام السكانى والمناطق القريبة.
سرطان فى جوف المصريين
من جانبه، استنكر الدكتور بسام محمد، استشارى الجهاز الهضمى، ما تقوم به مصانع بير السلم وطريقة تصنيع السمن الصناعى، قائلًا: للأسف غياب الضمير والرقابة ساهم بشكل كبير فى انتشار مثل هذه المصانع التى تقتل المصريين وتطعمهم السرطان بالملعقة على شكل سائل أو صلب، وما تقوم به مصانع السمن الصناعى الغير مرخصة من استخدام عظام الحيوانات المطحونة مضاف إليها بعض النكهات هو كارثة تستدعى تدخل الأجهزة المعنية وتطبيق أقصى عقوبة على المتهمين.
وتابع بسام: السرطان ليس له سبب محدد وهذا هو المعروف على مستوى العالم ولكن داخل مصر أستطيع أن أضع يدى على أسباب هذا المرض الخبيث وعلى رأسها تلك المصانع التى تنتج ما يحلو لها طالما لا توجد رقابة، فخلط زيوت الطعام المستعملة من قبل والتى لا تصلح للاستهلاك الآدمى بالأساس وإضافة محسنات طعام وعظام حيوانات مطحونة سيكون تأثيرها السلبى على حياة الإنسان أبعد مما نتخيلة كأطباء.
فيما أكد المستشار أسامة الرخ، المحامى بالنقض والإدارية العليا، أن قانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة 41 المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 حدد حالات الغش وعددها فى الحالات التالية: ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه، حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها، ونوع البضاعة أو أصلها أو مصدرها فى الأحوال التى يعتبر فيها - بموجب الاتفاق أو العرف- النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشًا إلى البضاعة سببًا أساسيًا فى التعاقد، عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحداى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة المشار إليها فى الفقرة السابقة أو شرع فى ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة.
وتابع الرخ: «فى حالة مصانع بير السلم وغش السمن الصناعى بما يؤثر على صحة المواطنين فلابد من تغليظ العقوبات أكثر من ذلك».