«الزمان» تحتفل بالذكرى الـ44 لنصر أكتوبر.. 4 قادة فى حرب العبور يروون كواليس معركة الكرامة
اللواء الشرقاوي: منعنا إسرائيل من احتلال بورفؤاد فى رأس العش
اللواء أبو الغيط: المظلات منعت تقدم العدو تجاه الإسماعيلية
اللواء أبو هشيمة: البدو دعمونا خلف خطوط قوات الاحتلال
اللواء مجدى شحاتة: الصاعقة آمنت عبور القوات البرية لشرق القناة
على مدى أربع ساعات متصلة، حاور محررو «الزمان» أربعة أبطال شاركوا فى حرب السادس من أكتوبر عام 1973، على هامش احتفال الصحيفة بالذكرى الرابعة والأربعين للنصر، هم اللواء سامح أبو هشيمة، المستشار العسكرى بأكاديمية ناصر العسكرية، واللواء محمد أبو الغيط، مدير كلية الضباط الاحتياط الأسبق، واللواء معتز الدمرداش، المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، واللواء مجدى شحاتة، المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية أيضًا، وجميعهم شاركوا فى حرب العاشر من رمضان، وكانت لهم إسهامات فعالة فى تحقيق النصر العظيم، إذ كشفوا كواليس «هزيمة 67» والدور الذى لعبته الدول العربية لمساندة مصر بعد النكسة واستعادة عافيتها، وكيفية تجاوز القوات المسلحة لمرحلة الانكسار واستعادة الروح القتالية، لتخوض معركة استعادة الأرض والكرامة بعد الإعداد للحرب وخوض حرب الاستنزاف حتى تم استعادة أرض الفيروز إلى حضن الوطن الأم .
لم نكن نحارب إسرائيل فقط بل حاربنا منْ وراء إسرائيل
فى البداية، أكد اللواء سامح أبو هشيمة، أن حرب 1967 كانت حربًا مباشرة مع القوى العظمى، ولم تكن مع إسرائيل وحدها، موضحًا أنها لم تكن تملك طائرات بعيدة المدى قادرة على الوصول لعمق الأراضى المصرية، ولكنها استعانت بطائرات أمريكية تحمل العلم الأمريكى فى ضربها، مما يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تدخلت تدخلًا مباشرًا فى الحرب، بهدف تحطيم الرئيس جمال عبدالناصر الذى نجح فعليًا فى تحقيق حلم المصريين بإنشاء السد العالى.
ولفت إلى أن القوى الكبرى سعت لتدمير محاولاته التى تستهدف النهوض بمصر اقتصاديًا وصناعيًا، مشيرًا إلى تحليل الكاتب البريطانى مايلز كوبلاند لفلسفة الحروب فى كتابه «لعبة الأمم» عن أسلوب القوى الكبرى لتحريك الخريطة السياسية للعالم، والتى تعتمد على دراسة المزاج النفسى للزعماء المستهدفين لإجبارهم على اتخاذ قرارات خاطئة .
وقال اللواء أبو هشيمة إن قواتنا فى سيناء كانت قد اتخذت وضعًا دفاعيًا للدفاع عنها، بهدف الضغط على إسرائيل بعد أن لاحظت مصر قيامها بحشد قواتها على الحدود السورية لإفشال مخططها من احتلال دمشق، مما أوقع القيادة السياسية فى عدة أخطاء بعد اتخاذها العديد من القرارات التى لم تراع فيها البعد العسكرى والاستراتيجى لأمريكا فى المنطقة، فقامت بطرد قوات الطوارئ الدولية من سيناء وأعلنت إغلاق مضيق باب المندب أمام حركة الملاحة العالمية مما أعطى للصهاينة المبرر لإعلان الحرب.
الدعم العربى لمصر أعاد لقواتها الثقة بالنفس
ويؤكد أحد قادة الصاعقة فى حرب العبور أن وقوف الدول العربية إلى جوار مصر فور هزيمة 67 ساعدها على القيام السريع من كبوتها، فقد تم عقد قمة عربية طارئة بالعاصمة السودانية الخرطوم رغم الخلافات بين الكثير من الدول يوم 29 أغسطس 67، أعلن خلالها الرئيس جمال عبدالناصر ثلاث لاءات «لا تفاوض ولا صلح ولا سلام مع إسرائيل»، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة مما يعد نقطة الانطلاق لتحرير الأرض.
أشار بطل الصاعقة، إلى قيام الرئيس الجزائرى هوارى بومدين، بمد مصر بطائرات مقاتلة فور انتهاء الحرب، وهى التى نفذت الاشتباك المركز مع الطيران الإسرائيلى يوم 24 يوليو 67، كما لعبت دورًا بارزًا فى إمداد الاتحاد السوفيتى بالسلاح خلال حرب أكتوبر، بالتوازى مع الدور الذى لعبه الفريق محمد فوزى الذى عينه الرئيس جمال عبدالناصر وزيرًا للحربية عقب هزيمة يونيو لإعادة الانضباط إلى القوات المسلحة المصرية، إذ كان مديرًا للكيلة الحربية ومشهودًا له بالصرامة والالتزام.
وأكد الدور الوطنى الذى لعبه بدو سيناء لإمداد قواتنا بمعلومات عن دروبها عن تسليح العدو، لافتًا إلى دعمها لقوات الصاعقة التى كلفت بتجميع معلومات عن سيناء، وذلك عبر إرسال هذه القوات مُتنكرين بزى البدو قاموا بجلب معلومات هائلة للقوات المسلحة ساعدتها على القيام بالعديد من العمليات داخل العمق الخاص بالعدو الإسرائيلى فى مقدمتهم اللواء محمد رشاد عمران واللواء جميل حماد الذين ساعدوا القيادة العامة للقوات المسلحة على الإلمام بكل صغيرة وكبيرة عن نقاط القوة والضعف للعدو الإسرائيلى.
الصاعقة أمنت عبور قواتنا للقناة
وأكد اللواء أركان مجدى شحاتة، المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، أن قوات الصاعقة لعبت دورًا رئيسيًا فى نجاح عملية العبور، إذ عبرت جوًا خلف خطوط العدو لمنع تقدم احتياطييه إلى خط المواجهة، فقد كان لديه نوعان من هذه القوات، الأول الاحتياطى القريب ويبعد عن القناة من 3 إلى 4 كيلو مترات، والبعيد يبتعد مسافة من 7 إلى 10 كيلو مترات عنها، وكلاهما أمكن شله حتى عبرت القوات البرية إلى القناة ونصبت رؤوس الكبارى التى استخدمت فى نقل الدبابات والمدفعية الثقيلة إلى شرق القناة.
وأضاف اللواء مجدى شحاتة، أن قواتنا واجهت العديد من التحديات لعبور قناة السويس، الأول أنابيب النابلم التى تم زرعها بطول القناة والتى كانت كافية لجعل القناة بركان نار، ونجحت الصاعقة فى غلقها يوم 5 أكتوبر، والساتر الترابى الذى تمكنوا من اختراقه عن طريق فكرة للرائد باقى عبدالشهيد من سلاح المهندسين باستخدام خراطيم المياه، لافتًا إلى دور الضربة الجوية فى شل حركة العدو وإرباكه وفقدانه القدرة على إدارة الحرب مدة 4 ساعات، بصورة ساعدت القوات المهاجمة على اقتحام خط بارليف .
وقال إن السرية الثالثة صاعقة التى كان يقودها تم الدفع بها فى اتجاه جنوب سيناء لتأمين الجيش الثالث من الجنوب عند مضيق رأس سدر، ونجحت فى تدمير القوات الإسرائيلية على الرغم من بعدها 150 كيلو مترًا عن أقرب وحدات مصرية، ومؤكدًا إطلاق السفير الإسرائيلى بألمانيا «حازق طوب سقار» لقب أسد الصحراء على أحد أبطالنا الذى قتل 22 إسرائيليًا ورفض الاستسلام مما أجبرهم على إطلاق أعيرة فى الهواء احترامًا لدوره البطولى فى مواجهة عدوه .
وقال إن سريته أحدثت يوم 9 أكتوبر شللًا تامًا فى قوات العدو باختراقها قاعدة إسرائيلية جنوب سيناء بأحد الجبال وتدمير أتوبيسين يقلان طياريين وملاحين جويين، ثم اشتبكت يوم 10 أكتوبر مع قوات العدو لمنعها من اختراق وادى فيران رغم محدودية الذخيرة والطعام المتاح لديها، كما نجحت فى وقف تقدم لواء ميكانيكى يوم 16 أكتوبر كان يستهدف الالتفاف حول الجيش الثالث الميدانى عند مضيق رأس سدر، إلى الحد الذى جعل الجانب الإسرائيلى يشترط على المفاوض المصرى سحب قوات الصاعقة من جنوب سيناء عقب وقف إطلاق النار .
ويشير شحاتة إلى رأى الجنرال ديفويه، أحد جنرالات الأمريكان بالحرب العالمية الثانية، أن المقاتل المصرى شرس ولديه قدرات عالية لاستيعاب التيكتيكات العالية للقتال ويتمتع بكفاءة عالية فى استيعاب التكنولوجيا الجديدة.
منع إسرائيل من احتلال بورفؤاد
ويتذكر اللواء معتز الشرقاوي، أحد أبطال الصاعقة المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، أن القوات المنسحبة فى يونيو 67 من سيناء تم تجميعها فى مدينة بورسعيد بمدرستى أشتوم الجميل وبورسعيد الثانوية، وتم تكليفنا بتجميع الجنود الشاردين ناحية بحيرة البردويل، وفى إحدى المرات رن جرس التليفون فرد القائد، وفجأة وقف قائد الكتيبة فقد كان الرئيس جمال عبدالناصر هو من يتحدث إليه .
وقال له: يا سيادة الرائد لابد أن منع اليهود من دخول بور فؤاد بأى ثمن ورد قائد الكتيبة عليه وقال له: يا فندم بور فؤاد لن يتم أخذها إلا على جثثنا، وعلى الفور قمنا بعمل دوريات استطلاع، قابلنا خلاله مهندسًا من قناة السويس لم نره بعدها قال لنا: هناك طريق تم تمهيده شرق القناة يفصل بورفؤاد عن سهل الطينة يتراوح عرضه بين 30 و40 مترًا، فتحركت الكتيبة على دفعات لأن الطريق لا يسمح بالدخول لضيقه، كما أن تسليحنا كان خفيفًا كأى فصيلة من الصاعقة.
وتحركت الكتيبة بقيادة الملازم فتحى عبدالله، ومعاه رقيب الفصيلة حسنى السيد سلامة حتى وصلوا «راس العش» يوم 1 يوليه 1967 وفوجئنا بوجود 8 دبابات و11عربة مجنزرة تعاملنا معها، فقدنا خلالها 38 شهيدًا وقاموا بأسر 4 أفراد.
ولكنهم لم يستطيعوا دخول بور فؤاد، لأن دخولها كان يمكنهم من السيطرة التامة على شرق القناة وبالتالى المطالبة بمشاركة مصر فى إدارة قناة السويس وفتحها أمام الملاحة العالمية.
ويتحدث اللواء الشرقاوي عن بعض بطولات الصاعقة المصرية، فيشير إلى قيامه يوم 15 ديسمبر عام 1969 بالعبور إلى شرق القناة وقتل الجنرال جافتيس قائد الجبهة الإسرائيلية، وكانت أكبر عملية عسكرية فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى.
أشار الشرقاوي إلى تكريم الرئيس جمال عبدالناصر له عقب نجاح المهمة وحصوله على شهادة تقدير منه شخصيًا .
وقال إن الكتيبة 43 التى قام بقيادتها فى أثناء الحرب بالسويس أجبرت القائد الإسرائيلى شلومواردنست على الاستسلام الرسمى بحضور الصليب الأحمر، ومعه 6 ضباط وطبيب و29 صف ضابط وجنديًا، بعد أن بلغت خسائرهم 60 قتيلًا فى مواجهته بهم، وبموجب ذلك قاموا بإنزال العلم الإسرائيلى ورفع العلم المصرى وتقديم التحية للعلم المصرى فى منطقة لسان بورتوفيق شرق السويس.
الكفاءة القتالية للقوات المصرية فى الثغرة 3 أضعاف الإسرائيلية
ولفت اللواء أركان حرب محمد أبو الغيط، أحد أبطال اللواء 182 مظلات فى الحرب، عن أسباب حدوث الثغرة فى الحرب فيؤكد أن رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك جولدمائير اتصلت بوزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية هنرى كسينجر، مؤكدة له أن الكيان الإسرائيلى نفسه يتعرض للخطر فتدخلت الولايات المتحدة لاستعادة السيطرة على جبهات القتال بما يضمن قوة الموقف الإسرائيلى فى مفاوضات السلام المتوقعة بعد انتهاء الحرب .
وأضاف أبو الغيط أن الأقمار الصناعية الأمريكية حددت مناطق فاصلة بين قوات الجيشين الثانى والثالث الميدانيين يمكن التسلل من خلالها، إلى الضفة الغربية لقناة السويس ونجحت بالفعل فى العبور يوم 15 أكتوبر ليلًا، بهدف التقدم فى اتجاه الإسماعيلية، ومنها إلى بورسعيد بهدف تطويق قوات الجيش الثانى الميدانى، إلا أن مصر أرسلت اللواء 182 مظلات للتعامل معها، ونجحت بالفعل فى وقف تقدمها فاتجهت جنوبًا إلى السويس .
أكد اللواء أبو الغيط أن العدو كان محاصرًا من قوات الصاعقة والمظلات من كافة الاتجاهات، حتى إعلان وقف إطلاق النار الأول يوم 22 أكتوبر غير أن القوات الإسرائيلية استمرت فى العبور إلى غرب القناة بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية ولم تلتزم بقرار وقف إطلاق النار ثقة منها أن مصر لن تحاربها، مما أدى إلى تلك الزيادة الملحوظة فى التواجد الإسرائيلى غرب القناة، ومع ذلك كانت قوة الموقف الاستراتيجى لمصر 3 أضعاف قوة نظيره الإسرائيلى.
الجيل الرابع والخامس من الحروب الخطر الحقيقى على مصر
واتفق الحاضرون على خطورة حروب الجيل الرابع والخامس على الأجيال المقبلة، إذ أنهم يواجهون عدوًا مجهولًا، فهناك بعض العناصر المغرضة فى وسائل الإعلام لقتل الأمل لدى الشباب وتعظيم إنجازات الغير، يضاف إلى ذلك الأسمدة المتسببة فى الكثير من الأمراض، خاصة أمراض السرطان وكذلك انتشار أمراض الكبد وغيرها.