«أبو حبيبة» خمسينى يتحدى الظروف بـ«عربية حلويات شرقية»
حركات أرجل سريعة، وزحام شديد، وباعة جائلون كُثر يتجولون مُنادين على بضائعهم، تتعالى أصواتهم وتختلط بـ"كلكسات" السيارات المارة بميدان العتبة، تتوسطهم عربية بيضاء خشيبة، بها ألوان مختلفة من الحلويات الشرقية، زوارها قلة قليلة من زبائن جيرانها من "فرشات" الملابس، فاعتمادها فى الأساس على العاملين بالسوق.
وبجانب العربة وقف حلوانى بسيط، يُغطى الحلوى بأكياس بلاستيكية، ويتفنن فى رصها بشكل هرمى، آملًا فى أن تجذب الزبائن الذين قلت زيارتهم بعد أن ارتفعت الأسعار فى الفترة الأخيرة، وأصبحت حالتهم المعيشية صعبة، بحسب رواية "أبو حبيبة" الرجل الخمسينى صاحب العربة لـ"الزمان"، قائلًا: "الناس بتاكل من الزبالة.. هتأكل حلويات؟".
فارتفاع أسعار السكر كانت أزمة كبيرة لـ«أبو حبيبة»، الذى تعتمد حلواه بشكل أساسى عليه، والذى يحاول شراءها بأقل ثمن ما دفعه إلى الذهاب لمنطقة النهضة التى يتوفر فيها السكر بـ9 جنيهات للكليوجرام فى عربات تخصصها القوات المسلحة لمحاربة الغلاء، فى الوقت الذى وفرته السيارات نفسها المتواجدة فى ميدان العتبة بـ11 جنيهًا، وفشل فى شرائها: "الناس كانت بتموّت بعض عليه.. اضطريت أشترى من السوق السوداء بـأسعار تبدأ من 15 حتى 17 جنيها للكيلو".
دائمًا ما يضع "أبو حبيبه" أبناءه فى الاعتبار الأول وخاصة وأنه ينتظر مولوده الخامس الذى سيصل خلال شهور قليلة، وأكثر ما يؤلمه هو مرض ابنته «فاطمة» التى تُعانى من وجود ثقبين فى القلب وتحتاج إلى دعامة، كما أنه يبذل ما يستطيع من جهد حتى يوفر تكاليف الدراسة للأبناء "مصفى ومحمد وحبيبة"، أما «فاطمة» ذات الثلاث سنوات فعلاجها الأهم: "ربنا مبينساش حد.. كلهم فى مدارس ومحتاجين فلوس".
إجراءات تقشفية يحاول "أبو حبيبة" اتخذها بعد ارتفاع الأسعار، وقوفه بالميدان أمام المسرح القومى أمر يزعجه بشكل شخصى ولكنه يرى أن ظروف البلد هى ما وضعته فى ذلك، قائلًا: "مش عاجبنى الوقفة دى عاوزين مكان نقف فيه، قالولنا روحوا الترجمان، ولما روحنا ملقناش حاجة ومشينا.. قالولنا روحوا بابور الثلج فى شارع الجلاء ونفس الحكاية"، فضلًا عن أن مسئولى الحى دائمًا ما يزورون الميدان".