الآيات القرآنية والصلبان المسيحية.. قصة مصلية واحدة؟؟.. نسدل الستار عن أغرب قصة في التاريخ
«الرفاعى» مسجد بنى نزرًا للخديوى إسماعيل
«الرفاعى» نكشف قصة آخر مسجد بنى قبل الجمهورية
الآيات القرآنية والصلبان المسيحية على جدار أحد المساجد الإسلامية
«الرفاعى» من أعرق المساجد المصرية، شيد عام 1329 هجريًا 1911 ميلادية، يقع مواجهًا لمسجد السلطان حسن بمنطقة القلعة بمصر القديمة، فهو أحد المعالم الأثرية الإسلامية الجميلة ويقوم بدور دينى واجتماعى وسياحى مهم فى العالم الإسلامى.
نسب إلى الإمام أحمد الرفاعى، الذى ولد بالحجاز وانتقل إلى العراق ثم استقر بمصر، ويذهل زواره بالتفاصيل الدقيقة فى الزخارف على الحوائط الخارجية والعمدان العملاقة عند البوابة الخارجية .
«خوشيار هانم» والدة الخديوى إسماعيل، أصرت على بناء هذا المسجد، وبنى فى أربعين عامًا على شكل مستطيل بمساحة 6500 متر مربع، منها 1767 مترا مربعا للصلاة .
يقع «الرفاعى» بمنطقة الخليفة فى القاهرة، أمام قلعة صلاح الدين الأيوبى، بجوار مسجد السلطان حسن، وسط مجموعة كبيرة من الآثار التى تؤرخ للعصور الإسلامية لمصر .
أسباب إصرار والدة الخديوى على بنائه
يرجع السبب فى ذلك إلى أن مسجد الرفاعى يحتوى على العديد من مقابر أكثر أفراد الأسر الحاكمة فى مصر، وقيل إن «خوشيار» نذرت لله نذرًا أنه إذا مرت الظروف الصعبة التى تمر بالبلاد حينها، فستبنى مسجدًا وحدث بالفعل، وأتت بأكبر مهندسى مصر لتصميمه وهو حسين فهمى باشا.
بنى المسجد على الطراز المملوكى السائد وقت البناء، ويشبه المبانى فى أوروبا واستيراد مواد البناء المستخدمة من أوروبا .
«الرفاعى» آخر مسجد فى مصر على طراز واسع النطاق قبل إعلان الجمهورية، شارك فيه المهندسون المعماريون لوضع تصميمه.
وقد كان من أوائل مهندسى المشروع حسين فهمى باشا الأمير بالأسرة الحاكمة، وآخرهم ماكس هيزر باشا مهندس معمارى نمساوى الجنسية، اشتهر بعمله فى لجنة الحفاظ على التراث، ومسئوليتها الحفاظ الآثار الإسلامية.
و«السلطان حسن» و«الرفاعى» مسجدان لعصر واحد بنيا فى القرن الرابع عشر.
ورغم استخدام عناصر زخرفية إسلامية لزخرفة المسجد إلا أن أسلوب تصميمه اعتمد على التماثل والتناسق يشبه بدرجة كبيرة العمارة الأوروبية السائدة فى ذلك الوقت.
وانتهى بناؤه 1911 ميلاديًا، وفتح لصلاة الجمعة فى عام 1912 ميلاديًا .
حقيقة أغرب حكاية فى تاريخ مصر «الهلال والصليب» فى مصلية واحدة
مسجد الرفاعى يجمع بين الصلبان المسيحية والآيات القرآنية، وهذا ما تجده عند دخولك إلى الساحة الكبيرة له وتنظر للأعلى ستجد صلبانا مسيحية، وهو ما يثير الدهشة كيف لمسجد أن يكون به صلبان مسيحية؟.
وسألت المقيمين فى المسجد فقال «أ.م»، إنه تصرف خبيث وماكر، من المهندس النمساوى ومساعده الإيطالى اللذين أشرفا على بناء المسجد.
ورأى آخرون أن هذا رمز للتسامح الدينى يرجع لعصر بنائه، وموضحين أن هذه زخارف تزين واجهة المساجد.
وفى الحقيقة ما ينبغى لك عند رؤية هذا المنظر الخلاب أن تبدى إعجابك فقط.
ولن تتوقف الدهشة إلى هذا الحد بل تتزايد إذا رأيت ضريح «جنانيار هانم» زوجة الخديوى إسماعيل، المصمم على طراز العمارة المسيحية، ويعلوه صليب وأسفله آيات قرآنية، هذا ما دفع «الزمان» لسؤال أحد مفتشى الآثار المشرفين على المسجد عن هذا المزج الغريب.
وأوضح المفتش لـ«الزمان» أن الخديوى إسماعيل هو من صمم على بناء المسجد على هذا الطراز، وقام بتكليف المهندس «النمساوى» بهذا، وعندما سأل الخديوى فى ذلك الوقت عن سبب المزج قال «لكى يكون هناك تسامح دينى».
وبرر ذلك لأنه كان يحب الغرب ويحلم أن تكون مصر قطعة أوروبية، ولم يستبعد أن يكون قد وافق على وضع الصلبان.
وبينت الدكتورة سعاد ماهر أستاذة الآثار الإسلامية، فى موسوعتها «مساجد مصر وأولياؤها الصالحون»، أن المسجد لم ينسب لـ«خوشيار»، رغم أنها صاحبة فكرة إنشائه، وإنما سمى «الرفاعى».
واستندت «ماهر» فى ذلك إلى المؤرخ تقى الدين المقريزى، الذى كتب أن موقع المسجد كان يشغله مسجد صغير من العصر الفاطمى لذخيرة الملك جعفر متولى والى القاهرة، وكانت هناك زاوية صغيرة عرفت باسم «الزاوية البيضاء» أو «الزاوية الرفاعية»، كانت الزاوية مقرًا لشيوخ الطريقة الرفاعية، وبعد موتهم ألحقت بها قبورهم، وحين شرعت «والدة إسماعيل» فى بناء المسجد، خصصت بعض القبور لنقل رفات المشايخ، لكن العامة لم يعرفوا المسجد باسمها وعرفوه بـ«الرفاعى» .
وأضافت أستاذة الآثار أن بناء المسجد توقف عام 1885م، بعد أن ارتفع مترين عن الأرض بسبب وفاة «خوشيار هانم»، وظل العمل متوقفًا مدة ربع قرن، إلى أن جاء الخديوى عباس حلمى الثانى عام 1905م، وأمر «أحمد خيرى» باشا مدير الأوقاف الخصوصية لإتمام المسجد، ثم إلى «هزتر باشا».
«الزمان» تسأل الزائرين
سأل محرر «الزمان»، أحد الزائرين للمسجد عن سبب زيارته، فأجاب بأنه يشعر بالراحة النفسية والطمأنينة داخله، وكيف لا وهو أحد المعالم الأثرية جمالًا وأكثرها بريقًا ولمعانًا، واستطرد حديثه بأنه يأتى إلى هذا المكان وينسى كل شيء ويقضى وقته تأملًا وتفكيرًا فى الكون، مضيفًا أن ما المسجد هو النظام والهدوء والأمان .
ومن باريس إلى القاهرة جاء «ليمان» الذى أكد لـ«الزمان» أنه يحب مصر كثيرًا، ويقضى إجازته فى الأماكن الأثرية والتاريخية فى «أم الدينا» وواصل أنه يزور مصر كل عام لتمتع شعبها بالطيبة، وكرم أهلها، ومساعدتهم لنا، وفى نهاية حديثه تمنى زيارة مصر كل وقت وحين.