هوس «التاتو الصناعي» يهدد الفتيات بالسرطان
النقش الشعبى ينتشر بين بأسعار من 5 إلى 10 جنيهات
مصنوع من خامات مجهولة وصبغات محظورة دوليًا
مراكز تجميل تروجه بديلاً لـ "الوشم" لسهولة لصقه وإزالته
منتجات غذائية تستخدمه على سبيل الدعاية بين طلاب المدارس
خبراء: يسبب تقرحات جلدية وشيخوخة ويحفز نمو الخلايا السرطانية.. وغياب الرقابة على مراكز التجميل يعزز انتشارها
أدى هوس الفتيات وعشقهن لعمل "تاتو" مجاراة للموضة فى إصابتهن بأمراض جلدية مزمنة، وذلك على خلفية المواد مجهولة المصدر والصبغات المحظورة دوليًا والتى دخلت فى مكونات التاتو الصناعى والذى يتم لصقه على الجلد مباشرة ويستمر لعدة أيام قبل أن يختفى بعد أن يمتصه الجلد، ليسرى داخل الجسم، ونظرًا لانتشاره بشكل مخيف بين الفتيات.
وتوصلت "الزمان" مع متخصصين ورصد حالات تضررت من استعمال هذا المنتج، بعد أن تحول إلى بيزنس كبير تديره مراكز تجميل معروفة ومشهورة وقد استغلت شهرتها فى ترويج تلك المنتجات.
الدكتور فؤاد باسل استشارى الجلدية بجامعة عين شمس، يوضح الأضرار التى تحدث نتيجة استعمال هذا المنتج، قائلاً: "لاحظت مؤخرًا داخل العيادة الخاصة زيارات متكررة لفتيات فى عمر العشرين ما بين 21 إلى 25 يعانون من طفح جلدى وظهور بؤر حمراء اللون وحك شديد بالجلد نتيجة ارتكاريا، وبتوقيع الكشف الظاهرى وسؤال المريضة تبين استعمالها تاتو صناعى اشترته لتوها من إحدى مراكز التجميل لحضور مناسبة ما، ورغم اشتراط مركز التجميل ضرورة إزالة هذا الملصق الصناعى بعد 5 ساعات فقط من وضعه إلا أن بعض الفتيات تمادوا فى الوقت ووضعوه لأيام، فكانت النتيجة ظهور تلك التقرحات الجلدية.
وأضاف، أن وضع تاتو فى فصل الشتاء يختلف عن فصل الصيف، ففى الأخير ونتيجة العرق تحدث عملية إذابة للصبغة وتذوب مع مسام الجلد فينتج عن ذلك حك للجلد وتورم وانتفاخ وعلى المدى الطويل ربما تصاب الفتاة بسرطان الجلد خاصة إن تلك الصبغات محرمة دوليًا وكانت تستعمل فى الجلود وتم حذرها داخل مصر ولكن تستورد من الخارج بشكل غير قانونى، وفى حالة فصل الشتاء ربما يحدث التهاب بسيط، وفى كلتا الحالتين لا ننصح باستعماله مطلقًا، علمًا بأنه يسبب أيضًا تغيير لون الجلد بعد أن تقوم المسام بامتصاص الصبغة فيتغير لون الجلد إلى اللون البنى الداكن، مما يتطلب فيما بعد جلسات ليزر لتفتيح البشرة وهى مكلفة جدًا.
واستطرد، بسؤال الحالات التى وقعت عليها الكشف الطبى عرفت أن مصادر الحصول على هذا التاتو الصناعى، إما مراكز التجميل أو محلات بيع العطور وسعر الواحدة تتراوح من 5 إلى 10 وأحيانًا 15 جنيها، حسب الشكل والحجم، ونتيجة ارتفاع سعر الوشم وهو أكثر أمانًا تلجأ الفتيات إلى هذا الوشم السريع.
ويتفق معه الدكتور هانى الناظر استشارى الأمراض الجلدية، قائلاً إنه حذر ولا زال يحذر من رسم الحناء والتاتو الصناعى والتى تصيب مستخدميها بحساسية شديدة جدًا قد لا تظهر مع الاستخدام للمرة الأولى بسبب تغيير مكان التاتو ولكن حال تكرار وضعه بنفس المكان تحدث الكارثة التى نخشاها، حيث تتسبب فى حساسية مزمنة وإكزيما، فضلاً عن حقن التاتو فى حالات أخرى والتى يسبب نقل الفيروسات بين الشباب.
ونصح الفتيات، بعدم استعمال التاتو الصناعى مطلقًا، لما له من أضرار جانبية كثيرة نحن فى غنى عنها، وعلاجها يكبد المريض الكثير من المال.
فيما أشار الدكتور محمد عبدالغنى استشارى الأمراض الجلدية جامعة المنوفية، إلى خطورة التاتو الصناعى، قائلاً إن التشوهات الجلدية والحساسية يمكن علاجها لكن دخول المريض فى دوامة الإكزيما وسرطان الجلد من الأمور بالغة الخطورة والسبب يعود إلى المبالغة فى استعمال تلك الرسومات حتى تبدوا الفتاة أكثر جاذبية وهو اعتقاد خاطئ السبب فى انتشاره الدراما والفيديو كليب الذى تظهر فيه الفتيات برسومات وشم وحناء وتاتو صناعى.
وأضاف، أن هناك كارثة أخرى أكثر خطورة تتمثل فى لجوء شركات تبيع مواد غذائية وتصنيعها إلى وضع تاتو عبارة عن رسومات لشخصيات كرتونية داخل الأكياس فيقوم الطفل بشراء هذا المنتج دون غيره لوضع الملصق على يديه فإذا لم يتعرض لضرر بسبب المواد الغذائية يتعرض لضرر جراء هذه الرسومات الخطيرة.
ولفت استشارى الأمراض الجلدية، إلى أنه يتم استعمال صبغات محظورة دوليًا لتصنيع التاتو ومنها، صبغة الكربون النباتى e153، كارمينات، وامارانت، وبنى HT، وذلك لقدرتها على التشبث باللون واستمرارها لأيام وحينما تذوب تدخل فى مسام الجلد فتقوم بغلقها بما يصعب خروج العرق من جسم الإنسان فى تلك المنطقة فتخرج فقاقيع مياه تعرف باسم الطفح الجلدى.
على الجانب الآخر، كان لبعض مراكز التجميل نصيب الأسد فى توزيع هذه المنتجات الشعبية رخيصة السعر عالية الضرر، حيث يقول "أحمد أبوضلع" مندوب شركة مستحضرات تجميل: بعض الشركات وجدت فى التاتو الشعبى فرصة للحصول على مكاسب كبيرة، حيث لا تزيد تكلفة الواحد عن 2 جنيه ويباع لمركز التجميل بـ 5 وأحيانًا 6 جنيهات فى موسم الصيف ليباع إلى الفتيات بـ 10 و15 جنيها، ويباع فى محال مستحضرات التجميل بـ 10 جنيهات، وهناك طلب متزايد عليه يوميًا بسبب حب الفتيات، خاصة المراهقات وضع هذا الرسومات على أيديهم بدلاً من الحناء والتى تكلف الكثير.
وأضاف، أنه فى الأساس كان يستورد من الصين وظل حتى فترة قصيرة وبات يصنع الآن فى مصر وبسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج لجأت بعض المصانع إلى خامات مجهولة ورديئة، فضلاً عن مصانع المكياج والتى دخلت على الخط وأصبح لها علامات تجارية فى السوق، والطريف فى المسألة أن عربات المأكولات السريعة أمام مدارس الثانوى العام بالنسبة للفتيات بدأت تطلب من الشركة كميات من التاتو لبيعه إلى الفتيات واللاتى يشترينه من مكتبات بيع الخردوات.
وتوضح "سلوى همام" خبيرة التجميل خطورة الرسم الجاهز او التاتو الشعبى، قائلة: خطير جدًا على البشرة وعلاجه صعب، وأنصح دائمًا بالابتعاد عن الرسم، ولكن حفلات الحنا للعرائس الآن لم تعد تخلو من التاتو الشعبى والذى انتشر بقوة فبات يباع فى محال البقالة مثلة مثل "ماكينة الحلاقة الرجالى" وهو أمر يحتاج إلى تشديد الرقابة وتوعية الفتيات بخطورة الأمر، علمًا بأن بعض الفتيات يتمادن فى وضع التاتو بشكل يومى حتى يظهرن أكثر جاذبية وهو اعتقاد خاطئ.
وأضافت، أن السبب فى انتشاره الشركات المسئولة عن توزيع مستحضرات التجميل والتى تعمل بالأساس بالمخالفة للقانون وتقوم بتصنيع منتجاتها بنفسها وبالتالى تعمل خارج إطار وزارة الصحة والتى تضع شروطا فنية ومواصفات قياسية ليحصل المنتج على باركود.
وعلى الهامش، رصدت "الزمان" حالتين لفتيات تعرضن لتشوهات جلدية بسبب هذا التاتو، حيث أوضحت "م.م" وهى طالبة بكلية إعلام، أن حالة الهوس التى أصابتها بسبب التاتو استيقظت منها على مرض جلدى استغرق شهورا فى العلاج، قائلة إنها استعملته عن جهل فى البداية ولم أعلم أضراره ولم أظن أن استعماله أكثر من مرة سيؤذى بشرتى، ولكن بعد زيارة الطبيب ورؤية مكان الإصابة وانتقالها إلى أجزاء متفرقة من جسدى نصحنى بالتوقع تمامًا عن استعمال التاتو الصناعى مرة أخرى، وإلا ستكون العواقب وخيمة المرة القادمة.
وبنفس المعاناة، تعيش الفتاة العشرينية "ذ.م" خريجة تجارة القاهرة، وتقول: كانت خطوبة صديقتى حينما استعملت الـ "تاتو" الصناعى للمرة الأولى وبسبب إشادة زميلاتى بشكله كررت الأمر فى مناسبات مختلفة حتى أصبت بحساسية شديدة كانت تجعلنى أحك جلدى لدرجة عض بعض المناطق وكأن نارا أمسكت فى جسدى، ووقتها قررت الامتناع نهائيًا عن استعمال هذا الشيء لا صناعى ولا يدوى.