الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

«عقود السخرة» فى القطاع الخاص تهدد مستقبل العمالة

شركات تجبر العاملين على توقيع "استمارة 6" وأخرى لا توفر تأمينًا اجتماعيًا وصحيًا

شركات أخرى تخصم من موظفيها اليوم بـ 3 أيام

خبراء: غياب الرقابة اللازمة دفع الشركات للتجبُّر على موظفيها.. ورجال أعمال يعملون ضد توجه الدولة

كشفت الأزمة الراهنة معادن بعض رجال الأعمال ممن قرر بعضهم الوقوف إلى جوار الدولة ومساندتها فى محنتها، فيما وقف آخرون على الجانب الآخر مطالبين الدولة بالوقوف إلى جوارهم فى قرارات عقابية اتخذوها ضد موظفيهم ومن ثم المطالبة بتخفيض الأجور والخصم من أجور العاملين لظروف لا يد لهم بها، سوى أن أحدهم قرر فجأة عدم التنازل عن "مليم" واحد من ثروته التى جمعها بفضل عرق وتعب هؤلاء العمال والموظفين وبفضل سياسات الدولة المنفتحة على رجال الأعمال وتساندهم منذ فترة بعيدة.

وعلى هامش الأزمة التى تعيشها العمالة غير المنتظمة وموظفو بعض الشركات، تكشف "الزمان" المسكوت عنه فى عقود السخرة التى يوقعها العامل قبل الالتحاق بالعمل فى غياب تام لدور الأجهزة المعنية لحماية تلك الفئة، وذلك فى ضوء شهادات حية جمعناها لموظفين وعمال بالقطاع الخاص.

كانت البداية من العاملين بشركات المقاولات، حيث أوضح "ا.ص" موظف حسابات، أن الشركة ورغم حجم الأعمال المكلفة بها أجبرته على توقيع استمارة "6" وهى استقالة لضمان عدم مطالبته بأى حقوق مادية فى حال قررت الشركة الاستغناء عنه، ودون التزام الشركة بتأمين صحى رغم الخصومات التى تقوم بها إدارة الموارد البشرية شهريًا من أجل التأمين الصحى والاجتماعى ولا يعرف الموظف بأنه غير مؤمن عليه إلا حينما يتوجه للكشف عن نفسه بالتأمينات الاجتماعية وفى حال واجه الشركة بالأمر يكون مخيرا بين أمرين إما الانتظار لحين التأمين عليه وهذا فى علم الغيب، أو الانصراف عن الشركة والبحث عن وظيفة أخرى وهذا أمر صعب فى ظل ما تعانيه البلاد من أزمة فى التوظيف.

وأضاف، لدينا فى الشركة عمالة وبعض الجهات الحكومية تطلب التأمين على هؤلاء العمال أثناء فترة العمل لحين إنجاز المشروع ضد مخاطر الإصابة أو الوفاة ورغم ذلك لا يتم التأمين عليهم سوى نسبة 10% من حجم العمالة الحقيقية لتمرير الموافقات على صرف المستحقات.

ويلتقط "ا.ش" طرف الحديث، ويعمل فى مصنع لإنتاج الأسمدة، قائلاً: الموظفون مقسمون إلى نوعين، الأول لديه عقود داخل المصنع ومؤمن عليهم اجتماعيًا فقط، والثانى يعمل بدون عقود وهؤلاء تم الاستغناء عنهم بالوقت الحالى بسبب ظروف البلد، أما أصحاب العقود فتم إجبارهم على أخذ إجازات ويتم خصمها من الراتب وعندما اعترضنا قامت الشركة بفصل ثلاثة موظفين بحجة تحريض البقية على الامتناع عن العمل، ورغم شكوانا لمكتب العمل لكن لا يوجد أمل فى التراجع عن قرار الإجازة بالإجبار.

وأضاف، أى رجل أعمال يخرج على الشاشات ويقول إنه منح موظفيه إجازة مدفوعة الأجر لحمايتهم يجب التدقيق وراء كلامه ومحاسبته إن كان كاذبا فهذا هو الحال مع صاحب المصنع والذى كتب على صفحته إنه منح العاملين إجازة بأجر كامل وهذا كذب وافتراء، وما تم هو الاستغناء عن جزء من العمالة.

فيما أوضحت "ف.ع" عاملة خياطة بمنطقة الاستثمار بالإسماعيلية: تم إخطارنا من جانب الشركة بأننا فى إجازة لمدة أسبوعين وذلك من رصيد الإجازات الرسمية التى كنا سنحصل عليها خلال العام الجارى وهى إجازات عيد الفطر وعيد الأضحى والمناسبات الرسمية، وهو ما يعنى أننا سنعمل خلال المناسبات المقبلة ولن يكون لدينا رصيد إجازات.

وتابعت، بعد زوال الوباء وعودة الأمور إلى طبيعتها فلن يكون من حق العاملين المطالبة بأية إجازات مرضية أو عرضة لأن رصيد الإجازات انتهى بالفعل مع الإجازة الإجبارية التى حصلنا عليها، وقبل ظروف الوباء كنا نعانى أشد المعاناة بسبب عقود السخرة التى وقعناها مع صاحب الشركة وهى عبارة عن عقد يلزمك الحضور 26 يوم عمل و4 أيام إجازات بالشهر وغياب يوم يقابله خصم 3 أيام من الراتب.

وتتفق معها "سهير.ص" عاملة باليومية، بمصنع ملابس فى شبرا الخيمة، قائلة: العمالة مقسمة إلى فئتين، الأولى تعمل بنظام اليومية وأنا منهم وبذلك لا يتم خصم نسبة من الراتب مقابل التأمينات الاجتماعية والصحية، والفئة الثانية تعمل بنظام العقود المؤقتة وهو ابتكار جديد من أصحاب المصانع حيث يتم توقيع عقد سنوى ويجدد حسب رغبة صاحب المصنع وعلى ضوئه يحصل العامل على تأمين صحى واجتماعى ولكن بشرط توقيع استقالة مسببة لتقديمها إلى مكتب العمل فى حال تم الاستغناء عن العامل.

وأضافت، ما نفتقر إليه بالمصانع هو تأمين إصابات العمل، وللأسف صاحب المصنع لا يعنيه سوى حجم الإنتاج دون رعاية العاملين بأى صورة من الصور، وقد رأيت حادثة أمام عينى لعامل فقد إصبعين من أصابع يده وتم تحويله إلى المستشفى ولم يصرف صاحب المصنع للعامل سوى 500 جنيه فقط لحفظ ماء الوجه أمام العمال ولم يتكفل بقيمة العلاج حتى النهاية.

فيما أوضح محمد حمدى خبير التنمية المحلية: أن عدد المصانع التى تعمل بدون ترخيص كبير وداخل كل مصنع خلية نحل تعمل "ليل نهار" دون غطاء تأمين اجتماعى أو صحى، وبالتالى لا بد أولاً من حصر تلك المصانع وإجبارها على تقنين أمورها، وبالنسبة للمصانع المقننة وتجبر العاملين على توقيع استقالات مسببة وتجبرهم على أخذ إجازات بدون راتب وقت الأزمة الراهنة لا بد أن تتعامل معها الحكومة بمنتهى الحسم والجدية، وغير مقبول أن يخرج علينا رجل أعمال يطالب بتخفيض الرواتب ومساندة الدولة لرجال أعمال جعلهم جمعوا مليارات الدولارات بفضل العمالة وسياسة الدولة.

وأضاف، أن القطاع الخاص بالماضى اختلف عن الوقت الراهن ففى عصر الرئيس الأسبق كان للعامل شأن كبير بفضل مدارس "مبارك كول" التى خرجت أجيالا من العمالة المدربة الفاهمة لسوق العمل وطبيعة العمل بالمصانع، وبالتالى يلجأ أصحاب الشركات والمصانع على حد سواء لعمالة غير مدربة ويخضعونهم لفترة تدريب وبعد فترة تظل الرواتب كما هى بما يجبرهم على الرحيل عن المنشأة حتى تطورت المسألة وتربعت عقود السخرة على صدور العاملين.

ويتفق معه الدكتور محمد بدير "الخبير بالتنمية البشرية"، قائلاً إنه حان الوقت ليرد رجال الأعمال الجميل للعمال الذين تحملوا العمل فى ظل الظروف الراهنة، وهناك مقترحات كثيرة لمواجهة تلك الكوارث بأن يتم تدشين صندوق كوارث داخل كل منشأة ويكون لزامًا على المنشآت تبنى تلك الفكرة ضمن شروط الترخيص وخصم جزء من راتب العامل لصالح هذا الصندوق شرط أن يكون المبلغ المخصوم من العامل لا يتجاوز الـ 10 جنيهات فى المنشآت الكبيرة ويساهم صاحب العمل بنفس القيمة عن كل عامل.

وأضاف، أن عقود السخرة والاستقالات المسببة التى يجبر العامل عليها أمر فى منتهى الدناءة ولا بد أن يكون للدولة ممثلة فى وزارة القوى العاملة دور حيوى لمواجهة مثل تلك التجاوزات خاصة أنه لولا الحكومة وحزمة التشريعات الأخيرة الخاصة بتذليل العقبات أمام رجال الأعمال ومنها قانون الشباك الواحد لما حققوا كل تلك المليارات.

موضوعات متعلقة

click here click here click here nawy nawy nawy