«ربات البيوت» يواجهن الأزمة الاقتصادية بـ”الصناعات المنزلية”
التسويق "أون لاين" والتوصيل لجميع المحافظات.. والمنتجات تناسب جميع الأذواق
خبير اقتصادى: الوسيلة الوحيدة لإنقاذ العمالة اليومية من خطر الفقر
حالة من الركود الاقتصادى بدأت ملامحها تظهر فى بلدان العالم؛ نتيجة انتشار وباء كورونا عالميًا، ويأتى السبب الأول وهو توقف العمل بالمنشآت الصناعية والتجارية والزراعية، ربما خوفًا من تفشى المرض، وفى المقابل عانت العمالة غير المنتظمة داخل مصر؛ جراء الجلوس فى المنازل واستنزافهم كامل مدخراتهم خلال فترة الحظر بالمنازل، وهو ما دفع بفكرة "الصناعات المنزلية"، للصعود إلى السطح بقوة، وهى صناعات يدوية تقوم بها ربات البيوت، فى محاولة لكسب لقمة عيش تكفيهم على الأقل الفترة الراهنة، لسد التزاماتهم اليومية.
ورصدت "الزمان" تحول قرى بالكامل إلى الصناعات اليدوية المنزلية، وتسويقها عبر الإنترنت، فى محاولة منهم لتحقيق معادلة صعبة، وهى "تجنب التجمعات وكسب لقمة عيش"، ورغم أن حجم الأرباح من وراء تلك المشروعات ليس بالكبير، ولكنه يكفى على أقل تقدير لتسيير الحياة المعيشية من أكل وشرب ودواء وإيجار وفواتير.
قالت "عبير السيد"، ابنة قرية "الرملة" بمحافظة المنوفية، لـ"الزمان": "كنت أعمل بمصنع ملابس بمدينة السادات، ومع انتشار الفيروس وخوف صاحبه من انتقال العدوى بين العاملات، تم منحنا إجازة مفتوحة غير مدفوعة الأجر، وبالتالى غاب الدخل الشهرى الذى كنت أعتمد عليه فى تسديد "الجمعيات" والأقساط، وأساعد زوجى الذى يعمل "نقاشا"، ونتيجة خوف زبائن زوجى من المرض، طلبوا وقف العمل لحين إشعار آخر، وعليه أصبحنا أنا وهو بدون عمل، وعليه لجأت إلى حرف يدوية منزلية، وقمت بعمل "الفطير والمخروطة"، وبعض الأكلات الأخرى، والعيش البيتى، وتسويق المنتجات على صفحات الفيس بوك، ويتولى زوجى توصيل الطلبات إلى المنازل.
وأضافت، أن إجمالى الأرباح فى اليوم الواحد لا يزيد عن 100 جنيه، فى الوقت الذى كنت أحصل أنا وزوجى يوميًا على 400 جنيه إلى 600 مجتمعين، ولكن ما باليد حيلة فهذا أفضل من لا شىء، وما هى إلا أيام حتى تحولت سيدات كثيرة بالقرية لنفس المجال، واعتمدوا على المهن المنزلية لتحقيق أية أرباح، لدرجة أن بعض السيدات بالقاهرة يتواصلن معى للحصول على طلبيات.
وفى قرية "ساقية أبوشعرة" بذات المحافظة، لا تزال تعمل القرية كخلية نحل داخل المنازل فى صناعة السجاد والمشغولات اليدوية من مفارش وسجاد، بدون تجمعات وبأقصى درجات الاحتياط، وقد لا تعانى القرية من تبعات توقف الحياة مثلما ستعانى المصانع الكبرى.
فيما أوضحت "زينب عبدالله" ربة منزل، وتقوم بإنتاج سلاسل فضة وعقود للفتيات الصغيرة، وبعض أنواع الشموع، أن الفترة الماضية توقف العمل بمغسلة السيارات المملوكة لزوجى؛ نتيجة تراجع عدد من الزبائن بفعل ظروف البلد، وهو ما دفعنى للعودة إلى حرفة تعلمتها منذ سنوات بعيدة قبل الزواج، وكنت أمارسها من وقت لآخر.
وأشارت إلى أنها أنشأت صفحة على الفيس بوك لعرض المنتجات، حيث تشاركنى شقيقتى الصغرى فى تصنيع بعض المشغولات البسيطة، التى يتراوح سعرها النهائى من 10 إلى 100 جنيه، وبالنسبة لمنتجات الفضة على حسب ميزان السلسلة بالجرام، ورأس المال لم يزد عن ألفى جنيه، وأربح فى اليوم حوالى 70 جنيها، وهو مبلغ كافٍ لتسديد جزء من إيجار المحل الخاص بزوجى، وتسديد فواتير الكهرباء والمياه لحين زوال تلك الغمة.
واستطردت، أعيش فى قرية "أجهور" بمحافظة القليوبية، وقد استعانت بعض السيدات من أبناء القرية بفكرتى، وحاولن القيام ببعض الصناعات المنزلية، سواء كانت مشغولات يدوية، أو أكلات وتسويقها، وبعضهن يقمن بشراء الخضراوات وتجهيزها وتغليفها، وبيعها جاهزة لبعض الموظفات بالجهاز الحكومى، ممن لا يمتلكن الوقت لتجهيز الطعام.
على الجانب الآخر، أوضح محمود رشاد، الخبير الاقتصادى: نعيش فترة صعبة، وقد ألقت بظلالها على العمالة اليومية غير المنتظمة، سواء عمال اليومية أو عمال المصانع غير المؤمن عليهم، ومن ثم الصناعات المنزلية قد تكون وسيلة مؤقتة لحين زوال الأزمة، ومع دخول شهر رمضان، قد يرتفع الطلب على الصناعات المنزلية، خاصة الأكلات المنزلية التى تقوم بإعدادها بعض ربات البيوت، وتقوم بتسويقها أخريات عبر الفيس بوك، وعلى أقل تقدير يمكن لأى شخص البدء فى مشروعه الخاص منزليًا، بمتوسط رأس مال 1000 جنيه وصولاً إلى 10000 جنيه.
وأضاف، سبق وأن شجعت الدولة الصناعات المنزلية والمشغولات اليدوية، ونظمت معارض لها بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى، والتى تبنت عددا من المبادرات فى وقت سابق، ونجحت فى تسويق منتجات كثيرة، ومنها المنتجات البدوية، وربما يتراوح رأس مال المشروعات المنزلية قرابة الـ20 مليار جنيه سنويًا، وترتفع موازنة هذا الرقم فى الوقت الراهن مع حالة الحظر الذى يعيش فيه فئة كبيرة من العمالة غير المنتظمة، وما يمكن أن تقدمه الدولة للصناعات المنزلية بالوقت الراهن، هو الدعم المعنوى، وتنظيمها لاحقًا بما يتيح لأصحابها الحصول على معاشات بعد سن الستين.