إلهام شرشر تكتب: مصر ركيزة الأمة.. وعماد الإسلام
من اللافت للنظر أن العالم الغربي يتعامل مع تركيا بصورة مختلفة للغاية تدعو في كثير من الأحيان إلى التساؤل… لماذا يخضع «الغرب» عادة لما تقوم به «تركيا»؟؟؟؟؟!!!!!…
فكثيرًا ما رأينا هذه المناوشات الأمريكية التركية مع التسليم بأن تركيا حليف الولايات المتحدة، ولكن قد يصل مستوى هذه العلاقات إلى حد يثير حفيظة أمريكا، ومع ذلك تحاول أمريكا أن تمتص حرارة تركيا في كل مرة دون التعرض لها من بعيد أو قريب..
والشواهد التي تدعم هذا وتدلل عليه كثيرة ومتعددة.. ويكفي ما يجري على أرض «سوريا» من هيمنة تركيا على أجزاء منها على مرأى ومسمع من العالم الغربي وخاصة أمريكا..
علمًا بأن هذه المناطق التي تفرض تركيا سيادتها عليها تخص «الأكراد» التي توليهم أمريكا اهتمامًا وعنايةً وحماية في كثير من الأحيان.. بل إن لها قواعد جوية فيها وقوات رمزية بها !!!!!!!
كذلك الأمر بالنسبة للعراق فلقد تحركت «القوات التركية» وتوغلت في الأراضي العراقية دون استجابة للتحذيرات الأممية والعربية وغيرهما..
بل إن كل من له ذاكرة واعية يقف مندهشًا إزاء موقف أوروبا من اللاجئين والذي استطاعت تركيا أن تستغله استغلالًا كبيرًا لصالحها.. فلقد فرضت إملاءاتها على العالم الغربي ووضعت شروطها لاحتوائهم والعجيب أنها وإلى الآن تهدد أوروبا دائمًا بهم..
أما عن العلاقات الروسية التركية فهي تسير على هذا النحو الذي لا يخفى على أحد.. نعم المصالح تحكمها !!!!!!!!
ولكن من المُلاحظ أن تركيا تحقق منها ما تريد !!!!!!!!!!
إذن تركيا يحسب لها العالم الغربي ألف حساب!!!!!.. وخير شاهد على هذا ما كان من رئيس دولة تركيا الذي وجه منذ أيام قليلة رسائل تحذير شديدة اللهجة للرئيس الفرنسي!!!!!!!!!!.. ودون رد من الأخير…
ولكن ما السبب وراء هذا الصمت المريب من أمريكا وأوروبا لتركيا؟؟؟؟؟!!!!!!
وخاصة أن هناك خروقات كثيرة لحقوق الإنسان بحق الشعب التركي من رئيسه بحكومته.. ومع ذلك لا نكاد نسمع تعليقًا يتناسب مع حجم هذه الانتهاكات !!!!!!!!
ولقد بحثت طويلًا عن سر هذا الصمت الغربي إزاء تجاوزات «أردوغان»… وأدركت بعد طول بحث وفحص أن السر يكمن في هذه المعاهدة التي أوشكت على انتهائها !!!!!!…
أي معاهدة هذه وما صلتها بتلك الثقة التي تتحدث بها تركيا؟؟؟؟؟!!!!!.. وتعلن من خلالها دائمًا أن تركيا بعد ٢٠٢٣ ستصبح تركيا جديدة…
لنبدأ الحكاية من البداية……
(ظلت الدولة العثمانية قرابة ستة قرون تستحوذ على بقاع كثيرة من قارات العالم القديمة، حيث تأسست على يد «عثمان الأول بن أرطغل» من ٢٧٧١٢٩٩م وانتهت على يد «كمال أتاتورك» في ٢٩١٠١٩٢٣م..
علمًا بأن هذه الدولة المتمددة بلغت ذروتها وقوتها ومجدها كما يقولون خلال القرنين ١٦١٧ ميلاديًا.. كما أن أزهى عصورها كان إبان عهد «سليمان الأول القانوني» ١٥٢٠١٥٦٦، وأصبحت خلال هذه الفترة قوة عظمى من الناحيتين السياسية والعسكرية ولكن مع مرور الأيام انطفأ وقودها.. وطمست معالمها وترهلت وضعفت حتى كانت الحرب العالمية الأولى التي تلقت فيها هزيمة منكرة واستطاع العالم أن يفرض عليها شروطه، حيث أرغمها على معاهدة «لوزان» عام ١٩٢٣م، والتي تسببت وأدت إلى تقليص في الدولة التركية وإلزامها بالتنازل عن مساحات كبيرة كانت تابعة لها)..
علمًا بأن هذه الاتفاقية تضمنت العديد من الشروط التي تحد من نشاط تركيا اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا.. كما كان لها من الآثار الاجتماعية والثقافية التي غيرت ملامح تركيا تمامًا..
حيث أبرمها الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الأولى، وكان منها (إلغاء الخلافة، نفي الخليفة خارج تركيا ومصاردة جميع أمواله، ومنع تركيا من التنقيب عن البترول، وإعلان علمانية الدولة، واعتبار مضيق الـ«بسفور» ممرًا دوليًا لا يحق لتركيا تحصيل رسوم من السفن المارة فيه)..
لهذا فإن تركيا تنتظر بفارغ الصبر انتهاء هذه السنوات المعدودات التي تنتهي معها هذه الاتفاقية والمعاهدة، حيث كبلت يد تركيا عن استغلال واستثمار مواردها الطبيعية..
ومن هنا فإن تركيا تلوح دائمًا بقرب موعد إلغاء هذه المعاهدة.. حتى أن «أردوغان» يصرح قائلًا: (إن الشرق الأوسط ينتظرنا منذ مائة عام).
كما أنه يقول: (إن الاتحاد الأوروبي سيخسر تركيا إن لم يمنحها العضوية بحلول عام ٢٠٢٣م).
ومن هنا نبدأ التساؤل!!!!!!!.. ماذا عن تركيا بعد هذه السنوات؟؟؟؟؟!!!!!!!
ماذا في جعبة «أردوغان» بعد انتهاء المعاهدات؟؟؟؟؟!!!!!!!
هل يفكر في إعادة مجد تركيا القديم؟؟؟؟؟!!!!!!..
في ظل هذه التوترات.. والانقسامات.. والصراعات.. والنزاعات.. التي تجتاح عالمنا العربي والإسلامي !!!!!!!!!…
في ظل هذا الضعف والوهن والسقوط لكثير من دولنا العربية!!!!!!!!!…
في ظل هذه الأوضاع التي تجتاح العالم والتي لا تنبئ بالخير!!!!!!!!!…
فإذا كان من حق تركيا أن توسع في نشاطها الاقتصادي من خلال استثمار مواردها الطبيعية والانتفاع بها بعد طول غياب..
فإذا كان من حق «أردوغان» أن يسعى ليجعل تركيا ضمن الدول الأولى عالميًا على مستوى العالم في كافة المجالات ويجعل منها الأقوى على الساحة الدولية موحدة في مجتمع دائم التنوع.. تنعم باقتصاد أكثر تطورًا، وتكون في مصاف أرقى دول العالم ولاعبًا رئيسًا على الساحة الدبلوماسية..
وإذا كان هذا من حقه.. فماذا نتوقع عن علاقة تركيا بالشرق الأوسط وخاصة مصر؟؟؟؟؟!!!!!!
في ظل التغيرات المنتظر حدوثها لتركيا..
فمن المعلوم أن تركيا تدرك تمامًا أن مصر دولة لها ثقلها.. ومكانتها.. وقوتها.. وتاريخها.. وحضارتها.. وموقعها المتميز ومن الممكن أن تضيف الكثير والكثير لها..
وخاصة في ظل أوضاع متردية تسود العالم بأسره وتفرض لغة القوة.. أيضًا في ظل تحديات كثيرة ومتنوعة تسيطر على الساحة العالمية لم يتضرر من أثرها إلا أمتنا العربية والإسلامية نتيجة لعوامل وأسباب كثيرة لعل أخطرها حالة التمزق والانقسام التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية..
أضف إلى ذلك الطائفية التي نخرت في عظام هذه الأمة وفتحت بابًا لفتنة عظيمة كادت تسقط فيها الأمة إلى الأبد..
لعل الآمال التي تضعها تركيا على ٢٠٢٣م قد تقف أمامها عراقيل كثيرة لن يكون هناك سبيل إلى حلها إلا عن طريق مصر..
إن العالم العربي والإسلامي في حاجة إلى جهود كل دولة فيه.. كما أنه في مسيس الحاجة إلى أن يدرك المخاطر التي تحيط به من كل زاوية وناحية..
لذلك فلا يمكن لدولة أيًا كانت أن تتحمل أعباء أمة بأسرها دون تكاتف سائر الأمة.. فإذا كانت لتركيا أن تفرح بانقضاء مدة المعاهدة فلتذكر دائمًا أن مصر قوة لا يستهان بها سياسية واقتصادية وعسكرية.. وأنه لن يكون هناك وجود لأحلامها وآمالها دون مصر.. وأتعجب من أنها حتى الآن تحاول أن ترسم ذلك الدور لنفسها.. تسعى إليه.. وهو الخلافة الإسلامية بعيدًا عن مصر الأزهر.. مصر القوة العسكرية.. مصر التاريخ.. مصر الحضارة.. مصر الموارد.. مصر مركز ليس فقط الشرق الأوسط.. وإنما مركز الكون..
أتعجب من موقف تركيا حتى الآن تجاه مصر!!!!!.. والذي لم يحدث على مر التاريخ من قبل.. مما يجعلني أتشكك في سلامة نوايا الخلافة الإسلامية التي يرفعون رايتها.. لأنه طالما أنه في عداء مع مصر سأظل أشك في نيتها.. خاصة فتح أبوابها لإيواء واحتضان العنف والإرهاب بما يتعارض مع شعار هذه الخلافة..
وإذا كان هناك سلامة نية وتبرئة من أي نوايا أو أهواء أو مصالح شخصية.. إذًا من الممكن أن تمثل مع مصر ومع غيرها من سائر البلدان العربية والإسلامية قوة تعضد من شأن الأمة وتقوي عزيمتها وخاصة وأن العالم لا يهاب إلا الأقوياء.. هذا إذا افترضنا بالفعل أنها تبحث عن تلك الخلافة الإسلامية المنزهة عن أي مصالح شخصية أو غيرية أو أمجاد تاريخية وراءها ما وراءها.. كما قلنا..
لذا أطالب تركيا بأن تراجع وبسرعة مواقفها مع مصر، وأن تحسم مع نفسها هذه الملفات التي فتحها «أردوغان» وتسببت في جفاء العلاقة مع دولة بحجم مصر..
أليس من الممكن أن تتحالف مصر والسعودية وتركيا كقوى سنية لها وزنها.. وقوتها.. وجيشها.. ورجالاتها لقطع الطريق على إيران؟؟؟؟؟!!!!!
إيران التي أصبحت كابوسًا يخيم على صدر الأمة العربية والإسلامية.. وباتت وللأسف تهدد الكثير والكثير من دولنا العربية والإسلامية !!!!!!!!
أليس من الممكن لهذا التحالف أن يكون نواة لجمع شمل الأمة التي ترهلت.. وتفتتت.. وانفرط عقدها؟؟؟؟؟!!!!!
أليس من الممكن لهذا التحالف أن يمثل قوة ردع لكل من تسول له نفسه ضد أمتنا العربية والإسلامية؟؟؟؟؟!!!!!!
أليس من الممكن لهذا التحالف أن يكون صفحة جديدة تعيد أمجاد أمتنا بالفعل على كافة المستويات والمجالات؟؟؟؟؟!!!!!!
إننا نأمل أن تحقق هذه الأماني وخاصة ونحن نعيش ساعات عصيبة من الممكن أن يترتب عليها الكثير والكثير.. الذي لا يصب في مصلحة أمتنا العربية الإسلامية وشعوبها !!!!!!
فمتى يفهم ويستوعب رئيس تركيا الأحداث من حوله بصورة بعيدة عن الأنانية وحب الذات أو الأهواء أو المصالح الشخصية أو أي مصالح أخرى مشكوك فيها؟؟؟؟؟!!!!!.. ليكون بذرة طيبة تبذر في أرض عالمنا الخصب لتثمر الثمرة التي طال انتظارها …
هل هناك فرصة لإبداء حسن النية وغسل الأيادي بعد اقتراف الكثير من الجرائم التي ارتكبت باسم الإسلام ولا تزال؟؟؟؟؟!!!!!!
هل هناك فرصة لفتح نافذة جديدة لمساعدة الأمة العربية والإسلامية كي تنسى تاريخ تركيا المؤلم مؤخرًا والذي غطى من خلاله على تاريخ سابق مشرف لحكام أتراك حين كانت الريادة الحقيقية بين أيديهم؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
هل من وجود ضمانات لمصر وللأمة العربية والإسلامية حتى تأمن لأحلام وأمنيات تركيا التي هي بالتأكيد حلم الجميع وعلى رأسهم مصر؟؟؟؟؟!!!!
تلك الخلافة التي تعني التوحد والتلاحم والانسجام.. الذي يعكس القوة المطلوبة للأمة العربية والإسلامية عند منحنى خطير يمر به مصير هذه الأمة المكلومة؟؟؟؟؟!!!!!!