رغم ريح المؤامرة والخيانة.. «السيسي» يصمد ويمر..
اتجه الإعلام التجارى منذ سنوات إلى تقديم نوعيات من البرامج تستهدف إثارة حفيظة الجماهير والضغط عليهم لمتابعتها مستغلين الحالة النفسية التى يضعونها فيهم دون تمييز... فى عرض موضوعاتها... بل على العكس فكلما كان الموضوع أدعى إلى ضرب السلم الاجتماعى والاستقرار... كلما كان التوجه إلى إعلانه أمام الخلق جميعا لتحقيق نسبة مشاهدة عالية... ولتعويض المبالغ الخيالية التى يتقاضاها مقدمو هذه النوعية من البرامج....
والحق أن هناك موضوعات تطرح... يجب علينا جميعا أن نجلس للاستماع لها والاستفادة منها وخاصة عندما تتناول الشأن العام.. وما يتصل بحياة الناس بشكل مباشر كالأزمات الاقتصادية التى يتعرضون لها والقضايا الانسانية التى من الممكن أن يستفيدوا منها عن طريق نقل الخبرات سواء أكانت ناجحة أم كانت بخلاف ذلك...
ولكن الجانب الأعظم من هذه النوعية من البرنامج لا تعبأ بمشاكل الناس الحقيقية أو أوجاع المجتمع التى تؤرقه وياليتها انصرفت عن جادة الموضوعات إلى موضوعات خفيفة «لايت».... ولكن تتعمد أن تثير قضايا وموضوعات من شأنها أن تفتح الباب لا للمناقشة حولها.. وإنما لخلق أزمة جديدة.. تشق صف الناس وتشتت جهودهم... وتضعف من همتهم.. تزرع فيهم اليأس.. وتفتح عليهم منافذ الجدل من كل ناحية...
لعل هذا هدف مقصود لضمان الوصول إلى النسبة التى يستحقون بها ما يتضمنه العقد المبرم معهم... والسؤال الذى يبادرنى كل مرة... من مهد الطريق لهؤلاء؟؟؟!!!...
من فتح لهم النوافذ التى يطلون منها حيث شاءوا ؟؟!!!.....
لقد أصيبت الكلمة فى مقتل بسبب هؤلاء.... فانحدرت قيمتها.. وغاب معناها... وضلت سبيلها وترنحت آثارها... ونزلت من عليائها.. لأنها قيلت فى غير مكانها... لأنها انتزعت من دلالاتها... لأنها استخدمت مع غير أهلها....
لقد أخذنا هؤلاء إلى زاوية ما كنا بحاجة إليها حتى يشغلونا عن واجبات أوقاتنا.... عن عظيم مهامنا...
لذلك اسأل هؤلاء عن ماذا تحقق من أهداف ومنافع من التشهير؟؟؟!!!... من النبش فى القبور؟؟!!!... من العويل؟؟!!!...من المهاترات؟؟!!!... من التراشق بالألفاظ؟؟!..... من السباب والتشابك بالأيدي؟!!!.... ماذا تحقق من الوجوه العبوسه التى لم يزدها سوء أعمالها إلا هولا للناس وفزعا؟؟!!!...
أضف إلى طبيعة بعض القضايا التى تقتضى المهنية ألا تعرض أو تنظر على الملأ إلا بعد أن تأخذ حقها بين المتخصصين ومن الرموز والجهات المنوط بها تلك المسئوليات.. وينتهى فيها إلى موقف محدد ورأى خاص يجمع عليه أرباب الخبرة...
وإنى لا أتصور هذه الجرأة .. أن ينتزعوا لأنفسهم الحق فى مناقشة العديد من القضايا التى هى فى منتهى الحساسية.. وعلى رأسها «قضية إزدراء الأديان»... وكذلك «خانة الديانة» أو «علاقات مصر الدبلوماسية والسياسية» أو «مناقشة وجود الذات العلية والتطاول عليها» أو «التجرؤ على الحديث الشريف والصحابة الكرام والأئمة الأربعة»... وكيف أن طرح هذه الموضوعات الهامة.... تسمح بدخول أطراف مصالح ضارة بالدولة والدين..... بما يعنى زعزعة الأمن والاستقرار وهو المطلوب لهدم الأمة العربية والإسلامية.. ذلك لأن مصر هى حامية العروبة.. وحامية حمى الإسلام...
فكيف إذن الحديث فى هذه الموضوعات عن غير بينة.. والتى لها أبعاد أمنية وقومية وإنسانية.... التى تضر بها بل وتطيح بكيانها حيث تجسدها هذه البلبلة الخطيرة.....
ولا يعنى كون الإعلام جزء من الأزمة... أن يتجاوز دوره وحدوده الذى عادة ما ينقلب إلى ضـده.. ويزيد من شدة الأزمة حين يضخم.. أو يهول الصغائر.. مهما كان حجمها... أو أنه لا يعير النجاح حقوقه من الاهتمام.. ليرسم صورة قاتمة.. أو مشوشه حين يعبث هكذا بفكر وعقل ووجدان الناس.. من يقول إنه هكذا مجرد تسويق لتجارة!!!!... بلغ بها الرخص أن تباع فى سوق النخاسة؟؟!!!... الكلمة اليوم تباع فى سوق الرقيق.. فى القرن الواحد والعشرين يوجد كيان «رقيق الكلمة»... ألا ينذر ذلك بعودة العبودية؟؟!!!.. يا الهى أعبودية جديدة؟؟!!!.. طريق عبودية البشر من جديد؟؟!!!....
من يملك المال هو صاحب الكلمة الأقوى ؟؟!!!... الأكثر انتشارا؟؟!!!.. قدر الدفع.. قدر الانتشار والتأثير!!!....
يا إلهى!!!!.... خلق قوى داخل الدولة .. تعادل القوة الرسمية للدولة.؟؟!!!... تهدم ما تبنيه الدولة!!!... من يقول؟؟!!!... تهدم فكر الدولة وإنجازاتها!!.. لتشوه هى القيم الأخلاقية و جميع المعانى الإنسانية.. تروج إلى عالم الغاب من جديد.... بلا أخلاق وبلا دين.. فى مسيرة الفوضى.. بسير الخيانة.. وأبطالها المأجورين..
هذا يجعلنى اتساءل.....
أين قوة الردع؟؟!!!...
أين الانضباط؟؟!!
أين أمانة الكلمة؟؟!!!..
أين الرقابة فى غياب الحس الوطني؟؟!!...
أين المسئولية وهم يحاولون انتزاع الوطنية من وجدان الأمة انتزاعا؟؟!!...
لقد أصبحت هذه القنوات عبئا على المجتمع.. تزيد من أحزانه وتضعف من آلامه ولا يخرج منها بعائد .. وإنما وهو مكتئب يائس بائس يستشعر أن الدنيا قد اسدلت استارها وغابت شمسها،، واسودت حتى لا يرى الأشياء ولا الأشخاص من حوله إلا على هذا النحو الفج البغيض الموحش المظلم...
هل آن لهؤلاء أن يدركوا جرمهم؟؟!!!.....
هل آن لهؤلاء أن يحتجبوا عنا؟؟!!!....
هل آن لهؤلاء أن ينسحبوا بهدوء؟؟!!....
هل آن لهؤلاء أن يتواروا بعيدا عنا؟؟!!!.....
هل آن لهؤلاء أن يصمتوا إلى الأبد؟؟!!!.....
فقد أعيتنا برامجهم وأمرضتنا أحاديثهم وشتتتنا حواراتهم... والعجيب أن هذه النوعية من البرامج كلفتنا الكثير.. وأضررت بمصالحنا فى الداخل والخارج ومع ذلك فهى مستمرة.... فهم لا يتناولون إلا السيء ولا يتحدثون إلا عن الأسوأ ولا يرصدون سوى مجامع القمامة ولا يلتقطون إلا أفجع المناظر.. وأقبح الصور.. وأردى البضائع..
أتدرون لماذا يسلطون هذا الهدم علينا؟؟!!!!!..... لأنهم بصراحة مفلسون.. لأنه الأسهل.. معاوله فأس .. كلمة مسمومة... حيث أنهم لا يمكلون فكر البناء ورؤيته وأدواته...
هذا هو حال دنيانا عندما تقدمتها هذه الشرذمة الدهماء التى لا يعنيها سوى الشهرة وكسب المال... وتحقيق المنافع الذاتية والمصالح الشخصية..
أقول لهم رفقا بالمجتمع الذى يحتاج من يمسح دمعته.. رفقا بالمجتمع يحتاج من يخفف من آلامه وأحزانه... رفقا بالمجتمع الذى يحتاج إلى من يخرجه من حالة الإهمال والكسل.. إلى النشاط والعمل... من حالة الاستهتار والدعة.. إلى الحركة الحثيثة والقفزات الموجهة... رفقا بالمجتمع الذى يحتاج إلى من يسترد له روحه التى زهقت من كثرة ما يتعرضون له من سلبيات...
إن الإعلام آلة استخدمت هذه الأيام فى بلادنا فى غير موضعها فأصبحت سيفا مسلطا على رقاب العباد وليست درعا حاميا له ....
لقد غاب عن هؤاء أن الإعلام هو نبض الجماهير... الذى يعكس آمالها ويحقق أحلامها ويرسم سبل الخروج من أزماتها ويخفف عنها حجم معاناتها ويشق لها طريق الكفاح والنضال والصمود والمواجهة...
لقد تسبب هذا الإعلام فى وقوع مصر كبلد فى مشكلات لا حد لها ولعل ما نشر وأذيع وشـوهد حول أن الزراعة فى مصر تقوم على مياه الصرف الصحي.... دون بيان لحقيقة الوضع... قد أدى إلى رفض صادرات مصر من الخضروات لكثير من الدول التى اعتادت أن تأخذها منا؟؟!!!....
من الذى تسبب فى الإضرار بالعلاقات المصرية الإيطالية ؟؟!!!.... إنه الإعلام الذى صرح بأن أجهزة الدولة هى التى قتلت الشاب الإيطالى «ريجينى»!!!!!!.... يا إلهى ..فى نفس اللحظة.. فى نفس الليلة... بصورة تفوق حكم المحكمة!!!..
من الذى تسبب فى إثارة الفتن وتحريك الجماهير ضد كل ثابت وجميل فى حياتنا؟؟!!!....
إنه الإعلام منذ سنوات وحتى الآن.. بدليل أن تقريرا نشر لجهة مؤسسية محترمة رصدت من طبيعة الأزمة التى تعيشها مصر والتى تتطلب حراكها على كافة المستويات...
فما كان من سياسى وطبيب شهير إلا أن سلط الضوء على هذا المقال.. الذى احتوى التقرير ليتخذ منه دليلا على أننا مقبلون على كارثة محققة وأن الدنيا ستنهار إن لم يكن اليوم فغدا..... وتعجب كيف لجهة حكومية أن تنشر هذا التقرير؟؟!!!.... وحمل المسئولين الحاليين السلبيات التى وردت فيه ...
وهكذا انتهز ذلك الطبيب التقرير فرصة ليعرب عما بداخله.... ويكشف عما داخل نواياه فى تحميل النظام الحالى ما جاء فى التقرير الذى هو فى الحقيقة نتيجة لآثار متراكمة لسنوات طويلة... فكيف لنا أن نحمله للنظام الحالي!!.. أى عقل؟!؟.. أى منطق؟؟!.. الأشد ألما أن البيانات معنونة ومؤرخة!!!!... وهى تبعات لأكثر من ستين سنة!!!... فكيف يتم العبث وتجاهل التأريخ ونتائجه؟؟!!.. فى كلمتين.. لتكونا أشد من هذه البيانات والثوابت فى ذلك التقرير...
ونحن نقول له:
أولا: إن هذا التقرير هو أكبر دليل على حرص مصر بكل مؤسساتها ومسئوليها على الخروج من الأزمة التى يبالغ فيها الإعلام إلى مستوى لا يمكن أن يكون مجردا.. أو حريصا على المصلحة العامة....
ثانيا: إن هذا التقرير دليل على اهتمام مصر بالمشاكل المتبادلة التى بلغت حدا لا ينبغى أن يطول....
ثالثا: إن هذا التقرير يؤكد على أن مؤسسات تخطو بخطوات جادة وعلمية وصحيحة نحو الاصلاح وذلك من خلال وصف الداء الذى يعتبر نصف الدواء........ فلماذا إذن يصمم الإعلام على قلب الحقائق بتلك الطريقة الملتوية والمضللة والصارخة؟؟!!!!....
رابعا: وبدلا من أن نحيى هذه الجهة على تشخيص حالة المجتمع المصرى وتحديد مواطن آلامه... لرسم سبل الخروج والحد من هذه الآلام... فأنّا لهؤلاء أن يعبثوا بشعور ووجدان المصريين... إلى هذه الدرجة من الكذب والتدليس دون أى محاولات تحجيم أو ردع.... حتى مراعاة لجهود القائمين على جمع هذه المادة.. بهذه المؤسسة.. التى تمثل أحد أذرع الدولة.. التى تسعى بكل ما لديها من قوة وحرص وإدراك لمسئوليتها الجسام.. لتدارك ما ورد فى التقرير من نقاط.....
على كل .. بالرؤية الصادقة والعرض الأمين للتقرير.. نجد هكذا أن هذا العمل أو التقرير يحسب للنظام القائم وليس عليه.. ما أنه لا يحمل دليلا لإدانته....
أما فيما يتعلق بالعشوائيات التى اختصها التقرير بمزيد من الاهتمام.. فإن النظام المصرى القائم خصص لمعالجة هذه المشكلة وزيرا ثم نائب وزير .. وأولاها بالحلول العاجلة والسريعة وليس أدل من هذه المدن السكنية المتكاملة... حيث شهد الجميع بالفارق الكبير بين ما كانوا عليه وأصبحوا فيه...
كما تسعى الحكومة إلى الوقوف طويلا مع أزمة التعليم ومحو الأمية من خلال آليات متعددة الأشكال وتفكير خارج الصندوق لإيجاد حلول لهذه الأزمات التى طال مداها وتغلغلت إلى حد لا يخفى على أحد.....
أما إذا انتقلنا إلى اتهام الحكومة الدائم بفشلها فى تحسين الأوضاع الاقتصادية.... وزيادة الأسعار وعدم توافر بعض السلع الغذائية الرئيسية... بالاضافة إلى الفشل فى مواجهة الكثير من الملفات وكذلك الأزمات وخاصة موضوع احتكار التجار لبعض أنواع السلع الرئيسية والاستراتيجية... وكذلك اتهام النظام بأنه لا يحاسب أو يعاقب أحد ولا يتعامل بحسم مع الفاسدين...
بل بلغ الاتهام بوصف السلطة بأنها تائهه وعاجزة عن الحد من المشكلات والأزمات التى تواجهها وفقدت السيطرة على زمام الأمور والمسألة تكاد تخرج من يديها.....
لاشك أن هذه الروح التى يحاول الإعلام أن يبثها فى روح المجتمع سواء بالإعلاميين أنفسهم أو بضيوفهم الذين يؤكدون على وجهات نظرهم المغرضة أو الموجهه... ويجعلها تسرى فى نفوس الجماهير تنذر بالشر ... ولا يمكن أن تكون ناصحة ودالة.. وإنما هى محرضة ومتعمدة... فلا يمكن أن يكون كل هذا الحرص عن جهل ... وإنما هو استعراض لتحقيق بطولات وهمية مريضة... تهدف إلى نتيجة واحدة هى خلخلة النظام وضربه فى مقتل... الأمر الذى يهدف إلى إسقاط الدولة.. والذى يسعى له الكثير من خارجها.. وتحرص عليه فئات معلومة من داخلها...
والسؤال هل هذه الروح وتلك اللهجة دافعة إلى البناء والعمل على التشييد والتعمير إلى التصحيح والتجاوز أم إلى الهدم و«الخراب المستعجل» الذى أصبح البعض يجرنا إليه... بكل قوة وبكل ما يملك؟؟!!!....
ناهيك عن ماخلفه الإعلام من آثار سيئة فى العلاقة بين مصر والسعودية.... التى تحكمها روابط تاريخية ودينية.. ووشائج وصلات قوية للغاية... مما أدى إلى تهليل بعض الدول لهم.. والتشجيع عليه والمزيد منه....
وهذا يؤكد رؤيتنا ومنطقنا الذى يقتضى عدم خوض الإعلام فى قضايا على هذا النحو من الحساسية.. والذى يمكن أن يؤدى إلى إضرار البلدين....
وللجميع نقول إن مصر والسعودية يجمعهما مصير واحد.. وهدف واحد.. حتى وإن كان لأى منهما رأيا دبلوماسيا تجاه قضية ما.. فإن هذا لا يعنى أن ثمة خلاف قائم بين الدولتين.. لا على المستوى السياسى ولا على المستوى المصالح العليا للدولتين.. فعبث الصغار هنا قد يؤدى إلى إضرار بالمصلحة العليا لها...
وهذا لا يعنى أن هناك تطابقا فى وجهات النظر للدولتين فى جميع القضايا.. أو أن العلاقة بينهما تفرض على أحداهما مقاطعة من يقطعها.. ومصالحة من يصالحها؟؟!!!... باعتبار أن السياسة تحكمها المصالح.. وتفرضها منافع... تحددها الدولتين حسب رؤية كل منهما... حتى لو فتحت مصر علاقة مع إيران.. فإن هذا لا يعنى استعداء للسعودية.. وقد يكون فتح هذه العلاقة بابا تحل فيه مشاكل.. وتحد به خلافات بين السعودية وإيران.....
لأنه فى المقابل.. لا يضر مصر أن تكون هناك علاقة بين السعودية وتركيا.. بل أنه يمكن أن تعود تلك العلاقة بخير عظيم على مصر نفسها ليس على الدولتين فقط...
والذى يعنينا.. والذى يجب أن يرتكز فكرنا ورؤيتنا ومنهجنا عليه هو أن كل هذه الدول تنتمى إلى أمة واحدة.. وهى أمة الإسلام.. اتعجب أن كل هذا العداء موجود بينهم جميعا .. وليس هناك شئ من هذا القبيل مع إسرائيل...
لا مانع من بحث العلاقات مع إسرائيل.. ولكن فيما لا يضر بمصالح الأمة الإسلامية والعربية.. ولكن متى؟؟!!!... بعدما نصل إلى نقطة مضيئة فى العلاقات التى تجمعنا تحت مظلة أمة واحدة.. وهى الأمة الإسلامية...
إذن فمرحبا بالاختلاف.. إذا أدى إلى تقليص الخلاف بين أبناء الأمة الواحدة...
أخوانى على الطريق.. أرجو أن يجمعنا الطريق..لأنه ما زال يجمعنا مظلة واحدة... هى مظلة الإعلام.. الذى يتسع لنا جميعا... لذا أرجو أن تسوعبوا مصارحتى معكم.. وعلى حرصى البالغ على أبناء مهنتي... وأغير عليها ما حييت...
فالغرس الموجود بداخلى والذى يدفعنى إلى التمسك به بهذه القوة.. لم يتولد بداخلى بإرادتي.. وإنما بإرادة أقوى منى.. وهى ما حفره شيوخ وعمالقة المهنة الذين هم أباطرة الكلمة حتى اليوم... لصدقهم.. حين تعلمت منهم كيف أكون نبضا للجماهير.. ولن يكون إلا بوطنية أمينة صادقة.. ولن يتأتى إلا بوعى بالغ.. وإدراك عميق ببواطن بواطن الأمور معانيها وغاياتها.. وأن الإعلام سجل حافل.. يكبر بكلمة ويعدم بكلمة... لذلك يمكن أن تكون صفحاته بيضاء ناصعة أو سوداء كالحة...
رجائى أن يجمعنا الطريق...كونوا مع سائر زملائكم .. كونوا معنا .. عودوا إلى صفوف المصريين..
إن مصر فى مفترق طرق خطير... عند منحنى يقارب السقوط.. نحتاج كل هذه الطاقات.. استحلفكم بالله.. أن يعيد الجميع حساباتهم... وأن ننسى أنفسنا.. ننسى حتى أسماءنا وألا نبحث إلا عن شئ واحد لا نتذكر جميعا إلا شيئا واحدا.. اسما واحدا هو مصر ..... ومن قبله الله ورسوله.. فلا نعمل إلا فلله ولرسوله وللوطن....
إننا أمام مرحلة تاريخية انتقالية دقيقة تحتاج إلى إعلام مختلف ورسالة نوعية تحمل الأمل وتدفع إلى العمل والانتاج.... لذلك نحن فى حاجة إلى إعلام يمد يد المساعدة للخروج من الأزمات لا لدفعنا إلى السقوط والذبول...
نحن فى حاجة إلى إعلام يشير إلى نقاط الضعف فى أداء الحكومة وليس إلى معايرتها واتهامها الدائم...
نحن فى حاجة إلى إعلام يخفف عن كاهل المصريين ويبذل جهدا ليشارك الدول فى اقتلاع حالة اليأس بدلا من بذر بذورها فى قلوب المصريين....
نحن فى حاجة إلى إعلام يساهم فى مواجهة قوى الشر التى تكاد تنجح فى الوصول إلى هدفها باستعداء الشعب على الحكومة وإشاعة روح الإحباط فى نفوس الشعب المصرى..
والحق أقول كم كنت متألمة لمحاولة السيد الرئيس الحثيثة والمتكررة لجمع شتات أبناء مصر وتحذيره الدائم من محاولة الوقيعة بين أبناء الشعب والجيش والشرطة....
ولكم كنت متابعة بعناية شديدة ما قاله سيادته للمصريين من أن وعيهم كفيل بالرد على كل من يحاول أن يشكك فى الجهود التى تبذل من جانب قوى الشر .... وأن الاستقرار مرتبط بالوعى بهذه الحقيقة ...
كم كنت باكية منتحبة من سوء استخدام الإعلام إلى حد الوصول إلى تأبينه...
كم كنت متألمة من سوء استخدام الشاشة الذى ظهر فى أسوأ حالاته الذى بدا قاصدا فى تمزيق عرى الأمة بل فى انهيار بِنّاها فى التضليل والضلال وطمس الحقائق فى العمل ولكن ليس لمصلحة الوطن أو أبنائه وإنما لهدم الوطن وتسليمه لقمة سائغة إلى أعدائه...
ورجائى أن تبحثوا لترصدوا فورا موضوعات أخرى جديدة بعد الموضوعات المفتعلة والتى على رأسها «السكر والزيت»... قبل أن يفتر حماسكم فى الاستمرار بسياسة الرفض... «الرصد والرفض»... «أهه موضوعات تتسلوا بيها شوية.. وترفعو فيها أصواتكم وتنفثوا فيها طاقاتكم.... أهه الجمهور يروّح عن نفسه فى كوميديا سوداء شوية» ... ولكن أملى فى المرة القادمة أن تكون الموضوعات المرصودة ذات قيمة.. وأن يكون الرفض لأسباب موضوعية.. حتى يتم التعتيم على هذه النوايا المؤسفة المكشوفة...
أيها الإعلاميون إن الوطنية لا تستجدى والخيانة لا تستتر والجهل لا يتوارى .. وأقولها وتملؤنى مشاعر الحسرة... إن مستوى الأداء الإعلامى مدعاة للحزن والأسى الذى يجب أن يتغير وعلى الفور....
وخير فعل رئيس الجمهورية عندما ألتقى بالصحف القومية.. ليقوم بنفسه بالرد على جميع الهواجس والتساؤلات التى تتردد بين جموع المصريين.. وأرسل العديد من الرسائل التى تؤكد على قدرة النظام على الخروج من عنق الزجاجة ورسم خارطة الطريق للتنمية والبناء... ووضع لبنات حقيقية للإصلاح...
كما لفت أنظار الإعلام إلى ضرورة توخى الحذر وأن يضعوا أمام أعينهم المصلحة الوطنية...
كما ناشدهم بالمحافظة على الأمن المصرى من أى تهديدات وأعجبتنى مقولته التى لخص فيها الحقيقة الباقية:«كل محاولات إثارة الرأى العام مصيرها الفشل... لتبدد المخاوف.. التى زرعتها قوى الشر»..
فهل آن للإعلام أن يدرك مهتمه ويقوم بوظيفته ويعمل على بث الثقة وإشاعة الطمأنينة فى قلوب المسلمين فى غد أفضل...
هل آن للإعلام أن يعبر عن الدولة وأن يكون داعما لها ومحفزا بعيدا عن جر المصريين إلى الشغب والفوضى وتعطيل مسيرة الإصلاح...
هل آن للإعلام أن يدرك حجم المؤامرة وأن يتبرأ منها... يدخل فى صفوف المصريين من جديد.. يحارب معهم!!!!....