الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

الحكومة الإثيوبية تؤكد انتصارها علي التيجراي باستضافة القمة الأفريقية

استهل الاتحاد الأفريقي فعاليات القمة السنوية بعقد الدورة العادية الـ 43 للجنة الممثلين الدائمين للاتحاد الأفريقي، في مقره الدائم بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لبحث جدول أعمال ومشاريع القرارات لاجتماعات المجلس التنفيذي لوزراء الخارجية الأفارقة.

والتي عقدت يومي 2و3 فبراير الجاري تحت عنوان "بناء مرونة التغذية بالقارة الأفريقية تسريع رأس المال البشري والتنمية الاجتماعية والاقتصادية"، حيث تنعقد اجتماعات افتراضية على مدار يومين متتاليين، يطرح على طاولتها أجندة حافلة تبحث جداول أعمال ومشاريع قرارات لاجتماعات المجلس التنفيذي لوزراء الخارجية الأفارقة.

وصولا إلى قمة الرؤساء والقادة الأفارقة والتي عقدت يومي 5-6 من الشهر نفسه، التي ستبحث تقارير الدورة العادية الرابعة للجنة الفنية المتخصصة للزراعة والتنمية الريفية والمياه والبيئة، والمالية والشؤون النقدية والتخطيط الاقتصادي، والتكامل، والدورة الثانية بشأن التمويل، فضلا عن تقارير تتعلق بالتجارة والصناعة والمعادن، والتصديق على معاهدة إنشاء وكالة الأدوية الأفريقية، ونشاط المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

توقع اللواء سامح ابو هشيمة المحاضر باكاديمية ناصر العسكرية، ان تشهد القمة تسوية بين مصر واثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة حيث يتوقع ان ينوب السفير سامح شكري وزير الخارجية عن الرئيس عبد الفتاح السيسي في حضور القمة.

أوضح لـ الزمان" ان رئيس الوزراء الاثيوبي أبيي أحمد يهدف من عقد القمة علي ارض بلاده الي التأكيد علي انتصاره التام علي مقاتلي اقليم التيجراي، وانه قد تمكن من استعادة السيطرة علي كل اقاليم اثيوبيا، ولعل هذا ما دفعه الي زيارة سد النهضة واعلانه عن قرب موعد توليد الكهرباء من السد.

وحول اهمية زيارة الفريق أول محمد حمدان دقلو، قائد الحشد الشعبي السوداني الي اديس ابابا هذا الاسبوع لفت اللواء ابوهشيمة الي محاولة رئيس وزراء إثيوبيا، الي خلخلة العلاقة بين السودان ومصر التي يتهمها بانها دعمت قوات التيجراي ضده وهو ما لم يحدث.

وقال الخبير العسكري ان رئيس وزراء اثيوبيا يعتقد انه انتصر علي الولايات المتحدة الامريكية نفسها، ولذلك فمن المتوقع ان يزيد من تقاربه مع الصين لأنها هي التي امدته بالسلاح الذي هزم به مقاتلي التيجراي .

في سياق متصل قال الدكتور محمد عبد الكريم احمد الباحث في الشأن الاثيوبي ان

خيارات المجتمع الدولي في فرض تسوية عاجلة للأزمة الإثيوبية محدودة ، ويمكن أن يكون العامل الأول في هذا القصور متمثلًا في عدم رغبة امريكا في الضغط بشكل كامل على نظام آبي أحمد خوفًا من انفلات الأوضاع في إثيوبيا .

مثلما حدث مع نظام أسياس أفورقي، الذي استفاد من تناقضات السياسات والمصالح الدولية والإقليمية في إقليم القرن الإفريقي لصالح "استدامة التخلف" والقمع السياسي دون أي محاسبة دولية على انتهاكات ترقى -وفق تقارير أممية موثقة- إلى جرائم حرب.

واضاف عبد الكريم ان ما يعزز فرص هذا السيناريو التشاؤمي حقيقة الأوضاع الراهنة من تسارع الوساطات الأمريكية والأوروبية والإفريقية وبعض الدول الإقليمية لتثبيت وقف إطلاق نار بين قوات الدفاع الوطنية الإثيوبية ومقاتلي جبهة تحرير التيجراي دون تحقيق نجاح يُذْكَر حتى منتصف يناير 2022م.

اشار الدكتور عبد الكريم الي وجود دلائل خطيرة على نزوع نظام آبي أحمد (وربما بضغط، أو على الأقل تشجيع، من أسمرا) لمواصلة الضربات الجوية التي عاد لتوجيهها ضد أهداف في إقليم التيجراي (ونفت الحكومة لاحقًا مسؤوليتها عن استهداف مدنيين "بمُسَيَّرَات"، واتهمت جبهة تحرير التيجراي باستخدام "الدعاية" للفت انتباه المجتمع الدولي.

اكد الباحث في الشان الاثيوبي علي التنافس الأمريكي- الصيني في الإقليم كورقة رابحة في يد "آبي أحمد"، فبينما كانت الولايات المتحدة المانح الأكبر لإثيوبيا حتى اندلاع حرب التيجراي حيث منحتها -وفقًا لجيفري فيلتمان- 4.2 بليون دولار خلال الفترة 2016 -2020م على خلفية اعتبار واشنطن اثيوبيا شريكها المستقر في الإقليم.

اوضح عبد الكريم ان المقابل كان دعم الأخيرة لواشنطن في كافة مجالات اهتمامها في القرن الإفريقي لا سيما الحرب على الإرهاب في الصومال؛ وبتراجع هذا التأثير الأمريكي في إثيوبيا (والقرن الإفريقي)؛ ظهر استعداد الصين التام لشغل "فراغ القوة" بدلا من أمريكا.

وقال الباحث ان هناك مؤشرات قوية على انتهاج الصين دبلوماسية الانخراط السياسي المباشر في شؤون القرن الإفريقي بالمخالفة "لتقاليد السياسة الخارجية الصينية" التي تنأى "حسب تأكيدات بكين" عن التدخل المباشر في شؤون الدول الأخرى، واتضحت تلك المؤشرات في زيارات وزير الخارجية الصيني وانج يي لأديس أبابا وإريتريا وكينيا.

أكد عبد الكريم ان العامل الحاسم في الأسابيع المقبلة في مسار ونجاعة الوساطات الدولية والإقليمية سيتوقف علي مدي قدرة أو عجز الإدارة الأمريكية على العودة القوية لإقليم القرن الإفريقي، والانخراط بشكل ملموس في قضاياه وفي قلبها الأزمة الإثيوبية.

وحول مسار الوساطة الإفريقية والكينية للأزمة ، لفت عبد الكريم الي ان المواقف والشواهد المتواترة تشير الي عدم وجاهة الاعتداد بجدية وساطة الاتحاد الإفريقي في الأزمة الجارية على مستويات عدة، سواء لانطلاقها دون النظر لأطراف الأزمة بحد أدنى من الحيادية والموضوعية.

أو حتي تحديد أسباب الأزمة بشكل جاد قائم على معاينة وقائعها وليس الامتثال لرواية وحيدة مصدرها أديس أبابا، دون الانفتاح على كافة المخرجات الممكنة وليس الارتهان بهدف محدد مسبقًا كما اتضح في بيانات الوسيط الإفريقي "أوليسجون أوباسنجو" بخصوص الأزمة قبيل تراجع دوره في الأسابيع الأخيرة.

ويري الباحث في الشان الاثيوبي إن الاتحاد الإفريقي لا يمكن النظر له كوسيط أو منظمة ذات قدرة على البدء في وساطة صادقة هادفة لحل الأزمة في إثيوبيا بالنظر إلى عدم امتلاك الاتحاد أو وسيطه السياسي المخضرم رؤية موضوعية للأزمة الإثيوبية، كما أنه لم يعلق على أحداث العنف ضد المدنيين واستخدام حكومة آبي أحمد "سلاح التجويع" بحقهم في ذروة احتدامها.

اشار عبد الكريم إلى منح الاتحاد عبر مراقبته لانتخابات يونيو 2021م نوعًا من المصداقية لنظام آبي أحمد رغم الانتهاكات الخطيرة للعملية الانتخابية برمتها، ولذلك فلا يتوقع أن تحقق جهود الاتحاد الإفريقي (الذي لم يدرج الأزمة الإثيوبية على جدول قمته رغم اشتعالها لقرابة عامين منذ منتصف العام 2020م) في الحيلولة دون أيّ تجدُّد للأعمال العدائية المتبادلة أي نتائج ملموسة.

وفي ضوء شخصية آبي أحمد، والدعم المستمر الذي يحصل عليه من قُوًى إقليمية ودولية؛ فإنه لا يُتوقع أن يوافق على أيّ محادثات سياسية أو مفاوضات حتى يُحْكِم سيطرته على كافَّة أرجاء البلاد، وهي مسألة بحاجة إلى مزيد من الوقت، وهو المسار الذي يؤيده الاتحاد الإفريقي بشكل تامّ ومتطابق وفق تحليل بيانات وسيطه "أوباسانجو" قبل تجميد وساطته فعليًّا.

اكد عبد الكريم علي عجز الاتحاد الإفريقي التام، حيث تُعدّ كينيا وسيطًا إقليميًّا مثاليًّا من وجهة نظر الفاعلين الدوليين؛ نظرا لان نيروبي كانت محطة مهمة في جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الإفريقية (نوفمبر 2021م) برمجت خلالها الإدارة الأمريكية تنسيقًا كاملًا مع كينيا للوساطة في الأزمة الإثيوبية التي حظيت لاحقًا بتحفظات إثيوبية معلنة بمطالبة آبي أحمد (نهاية ديسمبر 2021م) الإدارة الأمريكية التعامل مباشرة مع بلاده وعدم التعويل على "الوساطة الكينية".

وقال الباحث ان كينيا تملك علاقات اقتصادية وطيدة مع الصين قابلة للتصاعد في الفترة المقبلة مع تركيز بكين على الاستثمار في قطاع البترول في كينيا (خاصة في منطقة كيبيفو Kipevu بمدينة ممباسا بتكلفة تتجاوز 400 مليون دولار)، بينما تمثل ديون كينيا المستحقة للصين نحو 67% من إجمالي ديونها الخارجية؛ مما يثير تخوّفات لدى قطاعات كينية كبيرة باحتمالات فقد الحكومة الكينية إدارتها لمرافق رئيسية مثل ميناء ممباسا إن عجزت كينيا عن دَفْع مستحقات ديونها لدى الصين

وتعزّز المقاربة الصينية تجاه القرن الإفريقي بقوة الوساطة الكينية كرافعة للتدخل الصيني على الأقل في هذه المرحلة المبدأية (بالنسبة لبكين)، فقد أعلن وزير الخارجية الصيني من نيروبي (6 يناير الجاري) عزم بلاده تعيين "مبعوث صيني خاصّ لشؤون القرن الإفريقي"؛ للمساهمة في جهود تسوية العديد من المشكلات في الإقليم الذي بات يُمثّل نقطة ارتكاز الصين في القارة الإفريقية ورأس جسر في مبادرة الحزام والطريق الصينية نحو عمق القارة الإفريقية

ورغم التحفُّظ الإثيوبي المشار له إزاء "الوساطة الكينية"، فقد شهد التبادل التجاري بين كينيا وإثيوبيا في الربع الثالث من عام 2021م زيادة في صادرات الأولى للثانية بنسبة 68% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020م، وكان السبب الرئيسي في هذه الزيادة صادرات المواد الغذائية (بينما أكد برنامج الغذاء العالمي بالأمم المتحدة في ديسمبر 2021م معاناة أكثر من 9 ملايين إثيوبي من نقص الغذاء في شمالي البلاد وحدها

وتشير هذه المعطيات إلي أن كينيا تظل هي الطرف الإفريقي المؤهل واقعيًّا بشكل تامّ للتوفيق بين جميع الوساطات الدولية الضرورية لحسم الأزمة الإثيوبية رغم تجدد اعتماد آبي أحمد لغة "المنتصر" متجاهلًا الأبعاد البنيوية للأزمة السياسية والقابلة للتجديد في أيّ وقت حال تجاهل معالجة أسبابها ومظاهرها.

click here click here click here nawy nawy nawy