بعد 14 عامًا.. سر عودة العلاقات الإسرائيلية التركية إلى الواجهة
بعد نشوب أزمات عديدة بين تركيا وإسرائيل، وانقطاع العلاقات بين البلدين، حظى استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لنظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، في أنقرة على الكثير من الاهتمام باعتبارها أول زيارة لتركيا منذ 14 عاما.
وكشفت الباحثة في الشأن الإسرائيلي في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الدكتورة هبة شكري، لجريدة «الزمان»، أن أردوغان وجد نفسه معزولاً، في ظل تغيرات جيوسياسية حادة في المنطقة، تؤثر بشكل مباشر على المصالح التركية، في وقت لم تستطع سياساته الخارجية التعامل معها، لذلك سعى إلى تغيير استراتيجية السياسية الخارجية لتركيا من خلال تعزيز العلاقة مع إسرائيل، بعيداً عن كل الشعارات الأردوغانية السابقة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ظناً منه أن هذا التقارب سيكون بمثابة عودة إلى منطقة الشرق الأوسط، وفرصة لتوطيد العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وترى شكري، أن زيارة هرتسوغ لتركيا، جاءت لتشكل خطوة إلى الأمام في علاقة محفوفة بالمخاطر تتسم بانعدام الثقة العميق بين أنقرة و تل أبيب.
وأكدت الباحثة في الشأن الإسرائيلي، أن التطورات الجيوسياسية في منطقة الشرق دفعت الدولتين لإعادة رسم سياساتهما، وعززت من مدى إدراكهما لما قد تفضي إليه انعكاسات التطورات على الساحة الدولية، خاصة بعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، على مصالحهما في العديد من الملفات.
وأشارت إلى أن كل من تركيا وإسرائيل، تأخذ في اعتبارهما أهمية استقرار سوريا وانعكاساته على أمن المنطقة، كما يشترك الجانبين في رفضهما لامتلاك إيران للسلاح النووي.
ولفتت الباحثة في الشأن الإسرائيلي، إلى أن المخاوف التركية تزايدت بعد تشكيل التحالف بين كل من مصر وقبرص واليونان وإسرائيل فيما يخص ملف الغاز بشرق المتوسط، وما يستتبع ذلك من تأثير مباشر على دور تركيا كممر لنقل الطاقة إلى أوروبا، وما عزز من هذا التوجه هو استبعاد تركيا من منتدى شرق المتوسط.
في المقابل، أوضحت الدكتورة هبة شكري، أن الموقف الإسرائيلي، فلايزال متردّداً وحذراً تجاه الانفتاح على العلاقة مع تركيا، خاصة في ظل انعدام الثقة ما بين الطرفين، وإدراكها للطموحات التركية في المنطقة.
واستطردت: «تسعى إسرائيل لتحقيق مكاسب استراتيجية من تلك العلاقة سواء فيما يخص قطاعات السياحة أو التجارة، أو على المستوى الجيوستراتيجي من خلال ما يمكن أن تجنيه من تعزيز علاقتها بتركيا وما لديها من امتداد في المنطقة واستغلال تلك العلاقة في مواجهة إيران التي تشكل التهديد الأكبر على إسرائيل».
التطبيع التركي الإسرائيلي
وفيما يتعلق بالتطبيع بين تركيا وإسرائيل، أوضحت أن مجالات التعاون تغلب القضايا الخلافية في العلاقة بين الدولتين، وتزامنا مع ذلك يشكل تولي حكومة بينيت في إسرائيل فرصة جيدة يمكن لأنقرة اغتنامها خاصة في ظل ما تواجهه من عزلة دبلوماسية.
أما بالنسبة لإسرائيل، أشارت الدكتورة هبة شكري، إلى أنه بالرغم من ترددها بشأن المزيد من التقارب مع تركيا في ظل أزمة الثقة، إلا أن تطبيع العلاقات معها قد يحقق مكاسب عديدة على المستوى الإقليمي وكذا لحكومة بينيت في الداخل؛ ويعزز كل ذلك من فرص التطبيع.
وأكدت أن طريق التطبيع يظل مليئاً بالعقبات التي قد تجعله قصير الأمد، حال إتمامه، ويأتي في مقدمة تلك العقبات موقف تركيا من حماس والقضية الفلسطينية حال استمرت السياسات الاستفزازية لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى احتمالات تفكك الائتلاف الهش بقيادة بينيت في إسرائيل، وهو ما سيعرض التطبيع التركي الإسرائيلي المحتمل للخطر.
ومن جانبها، أكدت الباحثة في الشأن الإسرائيلي علياء الهواري، أن أهم أسباب الزيارة هي إعادة وتوطيد العلاقات الإسرائيلية التركية، خاصة دخول تركيا وإسرائيل بقوة على خط الوساطة بين كييف وموسكو في محاولة لوقف الحرب المستمرة.
وترى الهواري، أن هذه الزيارة خطوة جديدة ف التطبيع الاسرائيلي، بالإضافة إلى بحث 3 ملفات اقتصادية وعسكرية ثم سياسية.
والجدير بالذكر أن تركيا كانت من أول الدول التي اعترفت بإسرائيل سنة 1949، ومنذ ذلك الوقت أقامت أنقرة وتل أبيب علاقات عسكرية ودبلوماسية متينة لم يعكر صفوها إلا الغزو الإسرائيلي لغزة سنة 2009 والهجوم على أسطول الحرية 2010 وقتل 10 أتراك على متنه.