السجع في اللغة العربية
عندما نتحدث عن السجع في اللغة العربية، فنحن نتحدث عن أحد أهم المحسنات اللغوية، التي تستخدم بشكل واسع وبالخصوص في الكتابة الأدبية.
استخدم السجع الذي يظهر جمالية اللغة العربية ومنذ القدم بشكل خاص في النثر العربي، وهو يشبه إلى حد ما القوافي التي تستخدم في الشعر العربي.
تعريف السجع في اللغة العربية:
إن السجع شكل من أشكال الكلام المقفى الذي يتشابه مع بعضه بعضاً، وهو من أشكال المحسنات البديعية التي استخدمت منذ القدم وبشكل خاص في النثر العربي، والأصل فيه اعتدال مقاطع الحديث.
يعتمد السجع على التوافق في فواصل الجمل بآخر حرف فيها (المقصود من الفاصلة هنا آخر كلمة بكل فقرة).
ولكي نفهم معنى السجع في اللغة العربية بشكل أكبر، فإننا سنتعرف على بعض الأمثلة عليه ومنها:
قوله الله تعالى في الآيات 1-5 من سورة النازعات: "وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً".
وقوله تعالى في الآيتين 10 و11 من سورة النبأ: "وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا".
أقسام السجع في اللغة العربية:
للسجع في اللغة العربية تصنيفين رئيسيين، وكل منهما يمكن أن يقسم إلى عدة أقسام فرعية وفق الشكل التالي:
أولاً- أنواع السجع في اللغة العربية نسبة إلى طول الجملة:
· السجع القصير:
وهو من أجمل أنواع السجع وأكثرها جودة، كونه يتألف من عدد بسيط من الكلمات، ولكن على الرغم من جماليته، يمكن اعتباره من أصعب أنواع السجع في الصياغة.
وكمثال على هذا النوع قوله تعالى في الآيتين 15 و16 من سورة الغاشية: "وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ".
· السجع المتوسط:
وهو من أنواع السجع التي تزيد في عدد ألفاظها وكلماتها عن السجع القصير، دون أن تصل إلى حدود السجع الطويل، ومن الأمثلة على هذا النوع قول الرسول الكريم (ص): "اللهم أعط مُنفقاً خلفاً، وأعط مُمسكاً تلفاً".
· السجع الطويل:
وهو أطول أنواع السجع، حيث تكون الكلمات والألفاظ المسجوعة كبير من خلال جمل طويلة، حيث تتراوح الكلمات بكل جملة بين 11- 15 كلمة، وفي بعض الحالات قد تقارب الـ20 كلمة.
وكمثال عن هذا النوع من السجع في اللغة العربية، نذكر قوله تعالى في سورة الأنفال: "إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا ۖ وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللهَ سَلَّمَ ۗ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ".
ثانياً- أقسام السجع في اللغة العربية نسبةً إلى الوزن العروضي:
وهذا التصنيف الرئيسي يشمل أربعة أقسام فرعية، رتبت حسب قيمتها من الأعلى إلى الأقل فالأقل وفق الشكل التالي:
· الترصيع (السجع المرصّع):
وهو النوع الذي تتوافق فيه الكلمات المتقابلة بالسجعتين سواءً من حيث القافية أو الوزن، وكمثال عن هذا النوع للسجع المرصّع جملة " إنَّ بعد الكدر صفواً، وبعد المطر صحواً".
· السجع المتوازن:
وفي هذا النوع من أنواع السجع في اللغة العربية تتوافق الفقرتان بالوزن، دون أن تتوافقان بالقافية، ولتوضيح الأمر نطرح المثال التالي: " ما حمدتُ نفسي على ظفر ابتدأته بعجزٍ، ولا لمتها على مكروهٍ ابتدأته بحزمٍ".
· السجع المتوازي:
وهو السجع الذي تتوافق فيه آخر كلمة بكلا الجملتين من ناحية القافية والوزن العروضي، ومن أمثلة هذا النوع قول الثعالبي: "الحقد صدأ القلوب، واللجاج سبب الحروب".
· السجع المطرف:
وهو السجع الذي تتفق فيه آخر كلمتين من الجمل بالقافية مع اختلافها في الوزن، وكمثال عن السجع المُطَرَّف نذكر عبارة "الشخص بآدابه لا بزيه وثيابه".
مميزات السجع في اللغة العربية:
إن جمالية السجع تأتي من منحه نغم موسيقي جميل، فيستمتع القارئ أو المستمع إليه، ومن أهم خصائصه نذكر:
1. تكون الفقرات والجمل فيه متساوية في الطول.
2. يبعد القارئ عن الملل لخلوه من التكرار.
3. يعطي التراكيب والجمل النثرية وضوح وقوة.
4. يساهم في استثارة نفس القارئ وترسيخ الأفكار بذهنه، وهذا الأمر من الأسباب التي جعلت استخدامه يتواتر بآيات القرآن الكريم، أو في الأحاديث الشريفة.
شروط السجع في اللغة العربية:
1. استخدام الكلمات المفهومة والمألوفة للقارئ، والتي يكون وقعها خفيف ولطيف عند سماعها وقراءتها.
2. أن تكون الدلالة في كل سجعة من السجعتين على معنى مختلف عن الذي تدل عليه السجعة الأخرى.
3. أن تكون الألفاظ هي من تخدم المعاني وتتبع لها لا العكس.
4. من شروط السجع في اللغة العربية الوقوف بالساكن بنهاية كل فقرة، للمحافظة على نفس الإيقاع.