رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

«2017».. هل يكون هدنة من الأحزان والآلام؟!

منذ أيام طوينا صفحة عام بكل ما كان فيه من أحداث وصراعات.. بكل ما فيه من مواقف شخصية كانت أم أسرية أو اجتماعية.. محلية كانت أم إقليمية أو حتى عالمية.. لتمضى سفينة الحياة وسط هذا العباب.. تشق طريقها على الرغم من شدة الأمواج المتلاطمة التى تحيط بها من كل جانب..

عام مضى كان بحق حافلًا بالكثير من الأحداث المؤسفة والصراعات الإقليمية المتعددة الجبهات والتى لم تجد طريقها إلى الحل بعد فضلًا عن المفاجآت العالمية التى كانت من العيار الثقيل والتى لم يتوقعها أحد من خروج بريطانيا واختيار ترامب رئيسًا للولايات المتحدة فى أجواء رافضة ومتوجسة لاختياره..

عام مضى على مصر ثقيلًا .. كم كان ثقيلًا.. بالأعباء مليئًا وبالضغوط كئيبًا.. حملًا تنوء به الجبال طويلًا.. مشكلات وأزمات .. قضايا ومواجهات .. خارجية وداخلية.. اقتصادية وسياسية.. اجتماعية وثقافية وإعلامية.. فضلًا عن مؤامرات حيكت لها على كافة المستويات.. حتى أصبحت مصر عند مفترق طرق وصل إلى حد أنها على حرف هاوية.. الكل ينهش فيها وبكل ألم من أبنائها بالداخل قبل أعدائها بالخارج.. وهى بين فكى رحا وحتى الآن بين أمومتها لأبنائها مع طول الصبر وطول البال وبين ضرورة ووجوب محاسبتهم قبل أن يفلت الزمام وبلا عودة.. وإلا فإن الموقف سوف يؤدى حقًا إلى هاوية سحيقة..

يعز عليّ أنها كالغريق فى غمار هذه القساوات وفى ظل هذا الجحود والنكران تتحاول أن تتلمس سبيل السلامة وسط هذه الظروف وتلك الملابسات.. بل تأمل فى طريق السعادة..

وإن كانت مصر قد استطاعت بالفعل أن تقفز فوق الأحزان.. أن تتجاوز الكثير من الأزمات .. أن تقف ثابتة مرفوعة الهامة .. تبنى وتعمر.. تخطط وتنفذ مشروعات تلو مشروعات..

حيث خاضت مصر غمار إصلاح اقتصادى وسياسى واسع المدى .. وقد شمرت عن ساعد الجد على الرغم من حجم المعوقات وزيادة المثبطات.. التى تغلغلت وتربعت وللأسف الشديد على الجموع العريضة من أبنائها...

وإذا كانت حالة من التشاؤم قد سيطرت على الجماهير العريضة من الشعب المصرى نتيجة لما عانته من آثار الإصلاح الاقتصادى الذى بدأته مصر.. إلا أن تلك الجماهير على الرغم من حدة هذا الإصلاح.. وشدته وقسوته ... إلا أنها ثابتة على موقفها.. حيث أعطت ثقتها لرموزها ونخبها متطلعة إلى غد مشرق.. يمسح عن كاهلها عناء الأيام وتعب السنين..

انصرم عام بكل آلامه وآماله.. بكل أفراحه وأطراحه.. بكل أزماته وإنجازته.. وها نحن ذا نستقبل عامًا جديدًا نتطلع فيه إلى تحقيق أهداف أمتنا بمزيد من العمل والإصرار.. وها هى ذا البشائر تأتى

من اكتفاء ذاتى من الغاز الطبيعي..

من تحسن ملحوظ لمؤشرات الاقتصاد..

من آثار إيجابية نتيجة للإصلاحات الاقتصادية..

من عودة تحويلات المصريين لتقترب من نسبها السابقة..

من توقعات لانتعاش السياحة..

من زيادة للصادرات التى تساهم جميعها فى دفع عجلة النمو وتوفير فرص العمل للحد من البطالة.. لتصبح ٢٠١٧ حالة مختلفة تنعكس على جذب الاستثمارات وتهيئة البيئة المناسبة لها..

ها هى الأخبار تأتى من قناة السويس التى سيصبح محورها مركزًا متطورًا للصناعات الحديثة لخدمة الأسواق المصرية والعالمية...

ها هى التوسعات الهائلة التى يشهدها ميناء قناة السويس والتى ستؤهله لأن يصبح من أكبر محطات الحاويات فى العالم.. وسيساهم لا محالة فى تحقيق التنمية الشاملة التى تحلم بها مصر.. فبعد محاولات مضنية لعزل مصر عن العالم وتضييق الخناق عليها .. ها هى مصر تتنفس الصعداء وتمضى بخطوات ثابتة نحو الخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة... من المأزق الكبير الذى عاشته لسنوات..

ولعل هذه الخطوات المحمودة يعقبها خطوات أخرى كثيرة لمزيد من الإصلاحات فى مجالات الحياة المختلفة.. وميادينها المتعددة..

لذلك نتطلع فى هذا العام الجديد إلى الاستمرار محاصرة فى الفساد والقضاء على المحسوبيات.. ومطاردة الخارجين على القانون أيًّا كانت مواقعهم..

نتطلع إلى مزيد من السيطرة على انفلات الأسواق.. وارتفاع الأسعار..

نتطلع إلى إصلاح جذرى للتعليم.. الذى تردى إلى مستوى لا يليق بمصر.. ولا يتفق مع تاريخها وحضارتها.. ولا مع ريادتها الطويلة فيه..

نتطلع إلى إصلاح فى مجال الإعلام يعيد إليه دوره الوطنى المخلص الجليل.. إصلاح يعيد إليه رشده وصوابه الذى فقده فافتقده كثيرًا فى السنوات السابقة وانحرف به عن مساراته الصحيحة.. وعن أوعيته الثاقبة..

نتطلع إلى إصلاح فى مجال الصحة برفع كفاءة المستشفيات الذى تدنى إلى مستوى لا يليق بالآدمية.. وبتحسين أوضاع الأطباء وبتوفير خدمة طبية مناسبة.. للمواطنين البسطاء.. فى مجال العلاج والداوء..

نتطلع إلى خطاب دينى يراعى الأولويات ويفند الشبهات ويعلى من شأن القيم والأخلاقيات.. خطابًا وسطيًا يجمع ولا يفرق.. يبنى ولا يهدم.. ويوحد ولا يمزق.. يرقق القلوب.. ويغذى العقول.. ويأخذ بالألباب إلى رب الألباب.. بصورة قوية ومباشرة بجهد مضاعف مسئول يواجه ويمحو ويقضى على دعاوى التشكيك فى ثوابت الدين فضلًا عن الفتن وصولًا إلى الإلحاد..

نتطلع إلى إتاحة الفرص للشباب وفتح المنافذ جميعها لهم فى كل المؤسسات والهيئات... بصورة عملية أوضح من ذلك...

نتطلع إلى حياة كريمة هادئة وعيشة هنيئة آمنة يحفظ فيها للمواطن كرامته..

نتطلع إلى زمن تفوح منه رائحة السكينة .. تعلو فيه قيم التسامح والعفو .. تتربع فيه معانى السلام..

نتطلع إلى حياة يظللها قسطًا وفيرًا من الرحمة كم نحتاجها.. حتى تتاح فرص تحقيق الآمال والأماني... أملًا فى أن تبقى مصر قوية فتية بسواعد أبنائها وبمعاصم رجالها ... فلا يمكن أبدًا ولم نسمع فى تاريخ البشرية أن وطنًا يمكن أن يبنيه قائده أو رمزه وحده فقط!!.. يحدونى الأمل أن أتساءل: «٢٠١٧».. هل يكون هدنة من الأحزان والآلام؟!