أين وفاء الأمة.. للبررة الأوائل؟؟!! «1»
وفــــــاء الأمـــــة «الجزء الأول»..
من الصعوبة البالغة أن يقف المرء مكتوف الأيدي.. معصوم العينين.. وهو يرى ويسمع ويشاهد هذه الأراجيف التى تأتيه من كل «من هب ودب» ومن كل حدب وجدب.. دون أن ينبت ببنت شفاه أو تتحرك فيه مشاعر الغيرة على دينه الذى ينال منه صباح مساء.. فى كل وسائل الإعلام من غير أبنائه بل ومن أبنائه الذين أخذتهم العزة بالإثم لدوافع كثيرة ومتعددة.. منها الشهرة على حساب المبادئ والقيم.. ومنها الشهوة على حساب الخلق والدين... بغير وازع يمنعهم.. أو حائل يدفعهم.. الأمر الذى جعل الألسنة تلوك فى أعراض من لهم السبق والفضل فى هذا الدين الحنيف.. بل حملوا الرسالة وأدوا الأمانة ونصحوا الأمة وسخروا كل ما لديهم من طاقة ومهارة وقوة من أجل هذا الدين الحنيف..
ليتعاظم الجرم الخطير .. كما لو كانوا مشتركين فى المؤامرة الكبرى على الإسلام بضرب العقيدة الصحيحة.. سواء مع المؤامرة الصهيونية الكبرى أو تزامنا أو انتماء للفكر الشيعى الذى أكاد أختم عليه فى بحثى هذا... وأقر وأعترف أنه يتناصف مع فكر ونهج «الصهيوينة العالمية» لضرب الإسلام... ليكون حديثى مباشرًا على الصعيدين مع الجناة على اختلاف منهاجهما وزواياهما التى يتناولون منها محاولات الضرب .. حيث يشترك أبناء الدين المرضى أو المأجورون أيضًا معهم..
حديثى أيضًا إلى «عقلاء الشيعة».. الذين كان ذلك الفكر ميراثًًا لهم.. وقد يكون فى تلك المناقشة إعادة لحساباتهم...
يحار المرء من هذه الهجمات وتلك الصدمات التى تأتيه من كل مكان.. ومع إصرار غريب .. وعمل مريب.. يصرون على أن يمضوا فى طريقهم غير عابئين بلوم ولا مآخذة... يصرون على هدم هذا الدين بمعاول من تراهات .. وبآراء شاذة وأفكارة مختلة، ومن نفوس مريضة لا تعرف الحق ولم تهد إليه..
فى هذه الأجواء التى تحيط بها الفتن من كل جانب.. تصبح المهمة ثقيلة والأمانة عظيمة فى الزود عن الإسلام ورجاله.. وعن الدين ونصوصه.. وعن من أفنوا حياتهم فى خدمة نشر هذه الدعوة.. والدفع بهذا الدين إلى العالمين.. حيث ساروا وساحوا وتنقلوا فى البلاد فى رحلة شاقة بيد أنها شيقة .. يرفرف السلام من حولهم وتحقن الدماء فى رحابهم.. فى رحلة فريدة عجيبة حار العالم لها ولسرعة انتشارها ولمتانتها وازدهارها ولأصالتها وتفوقها الذى دام قرونًا بعد قرون .. فى رحلة هى حقًا شرف الإنسانية .. رحلة الكرامة البشرية.. رحلة تمجيد الآدامية لتزكية الروح الإيمانية... لتكون هى «رحـــــلة الدعــــــوة»!!!.... تلك الرحلة الزاخرة والعامرة والهادية إلى الحق المبين وإلى الصراط المستقيم..
ففى تاريخ الإسلام الحافل.. شخصيات بارزة.. سجلت صفحات من نور.. ولعل من أهم هذه الشخصيات صحابة النبى محمد «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم».. الذين كانت ولا تزال محل اختلاف وإن كان واضحًا للعيان وهو أنه بالعبث حول ماهيتهم ووجودهم وشأنهم .. إنما هو ضرب واضح وصريح لمنهج الإسلام الصحيح بالكلية .... إذن التشكيك فى القرآن.. إذن الطعن فى الحديث الشريف... والنيل من الصحابة.. لا دين ولا إسلام!!!... كيف يكون ذلك؟؟!!.. بعد الآية الكريمة حيث قال الله عزوجل فيهم: «مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِى الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا».. وصدق الله العظيم.. سورة الفتح..
وإذا جاز للناس أن يختلفوا فى واحد منهم.. أو فى جمعهم.. فيبقى فى سجل حسناتهم أن الدين ما كان له أن تقوم له قائمة لو لم يصمد هؤلاء أمام العثرات والنكبات والخصومات والصراعات والغزوات والفتوحات... التى تعرضوا لها سواء فى عهد النبوة أو ما بعده.. فهؤلاء حملوا أمانة الرسالة وأدوها بكل إخلاص وتجرد ونشروها فى الآفاق حتى اتسعت رقعة هذا الدين.. فى مدة محدودة.. وفى وقت لا يكاد يبين..
ارتفعت رايات الإسلام حتى بلغت المدن والأمصار.. بما بذلوه من غالٍ ونفيس .. من الدم والنفس والأهل والمال .. كل ذلك من أجل هدف واحد وهو إعلاء كلمة الحق.. لذلك جاء مدحهم فى القرآن كثيرًا.. فانتشرت فى ربوع آيات الله عز وجل الله تزكيتهم.. فتارة يمتدح القرآن المهاجرين.. «لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» سورة الحشر.. وتارة يمتدح الأنصار والمهاجرين معًا.. حيث يقول المولى تبارك وتعالى: «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» سورة التوبة...
فهذه شهادة الله تعالى يدليها فى حق أصحاب رسوله.. الذين اختارهم لنصرة دينه.. ولتبليغ دعوته.. لذلك كان النبى «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم».. يحذر من المساس بهم.. وانتقاص حقهم .. ويحث على إكرامهم فيقول «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم»..: «اللَّهَ اللَّهَ فِى أَصْحَابِى ... اللَّهَ اللَّهَ فِى أَصْحَابِ... لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي... فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّى أَحَبَّهُمْ ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِى أَبْغَضَهُمْ ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِى ، وَمَنْ آذَانِى فَقَدْ آذَى اللَّهَ ، وَمَنْ آذَى اللَّهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ»....
وإذا كان النبى قد أوصى بأصحابه جميعًا خيرًا.. وحذر من أن ينالهم أحد بشر أو أذى .. لأن البارى وصفهم فى كتابه وجعلهم خير أمة أخرجت للناس.. قال تعالى: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ» سورة آل عمران...
وكما لو كانت هذه الآية أمرًا صريحًا واضحًا بحدة السيف.. بمكانة ومنزلة الصحابة الذين كانوا هم خير معين لنبى رسالة الإسلام على نشر دعوته من ناحية.. ومن ناحية أخطر لا تقل عنها .. هى استمرارها بعد وفاته وإلا اختلت الموازين بموت سيد الرسالة... فإذا كان نبى الإسلام محمد قد مات .. فإن رب الإسلام لا يموت.. ليكون مشوارهم النواة أو الخطوة الأولى والبرهان على أن الإسلام باق إلى يوم الساعة..
إذن إن لم تكن هذه الزمرة الطيبة على رأس خيرية هذه الأمة.. فمن تكون إذن؟؟!!...
فضلًا عن أنه ماذا بعد أن وقف الإمام علي.. إنه الإمام على «رضى الله عنه وأرضاه»؟؟!!.. كما جاء فى نهج البلاغة «لابن أبى حديد».. مخاطبًا شيعته «أنصاره - مؤيديه» من على «منبر الكوفة»... يقول: «ولقد رأيت أصحاب رسول الله.. فما رأيت أحدا يشبههم منكم.. يصبحون شعثا غبرا.. ويقبضون على مثل الجمر من ذكر معادهم»...
أيها السادة..
إنه يقصد.. إنه يعنى الصديق أبو بكر.. الفاروق العادل عمر بن الخطاب.. وذى النورين عثمان بن عفان.. وسواهم من سائر الصحابة «رضوان الله عليهم جميعًا»..
ومن هنا نفهم ما قاله «الإمام ابن أبى زرعة» فى من سولته نفسه باتهامهم فى غير تهمة.. أو مسهم بطعنٍ من غير دليل .. يقول رحمه الله: «إذا رأيت الرجل يطعن فى أصحاب النبي، فاعلم أنه زنديق، ذلك أن الدين حق، وإنما أداه لنا هؤلاء الصحابة، والذين يطعنون فيهم أرادوا أن يجرحوا شهودنا والجرح بهم أولى، وهم زنادقة»...
لذلك حفظ لنا التاريخ من حسن سيرهم.. ومن جميل فعلهم.. ومن عظيم حرصهم.. ما قلدهم مكانة لا يوجد لها مثيل أبدًا!!!... لا فى الزهد ولا فى الإيمان ولا فى التقوى... فندرك من عقيدتنا أن العصمة للأنبياء دون سواهم.. ولكن هذا لا يعنى مطلقًا أن ترمى الصحابة بالتهم الثقال.. والقصور الجسام.. والعيوب الجلل... أو أن يتهموا فى دينهم.. حاشاهم هذا!!.. ووقانا الله شر نيل أعراضهم بسوء..
ولعل من أخطر الموضوعات التى يثار حولها الجدل وتسببت فى اختلاف الناس قديمًا وحديثًا ما يتعلق بموضوع «الخلافة» .. الذى هو من أخطر القضايا التى لاكتها الألسنة.. وخاض فيها الكثيرون.. واختلف عليها الناس.. حيث عولوا «الشيعة» عليها ركيزة ضرب مضمون الإسلام حين خصوها بمكانة لم تكن لها.. فجلعوها ركنًا من أركان الإسلام.. كالصلاة والزكاة والصيام.. فهل هذا يعقل ؟؟!!... وإن كانوا هكذا قصروا علينا الطريق فى إثبات إثارة الفتنة بحجة أنه ما بنى على باطل فهو باطل.. بل إنهم وصفوا الخلافة بعمل مقيد بوحى السماء... حيث سبغوا على فكرهم طابعًا إلهيًا لا يمس ولا يرد .. وأى وحي؟؟!!.. هل تعلمون؟؟!!.. إنه الوحى الذى يعطى أحقية الخلافة لعلى ... لا أبى بكر ولا عمر «رضى الله عنهما»..
ليس معنى ذلك !!.. ولا نتجرأ على المساس بمكانة وهيبة ورهبة الإمام على ... زوج بنت النبي.. قرة عينه «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم».. أبو الإمامين سيديْ شباب أهل الجنة.. الحسن والحسين.. ودرة عقيلة بنى هاشم سيدتنا السيدة زينب «صلى الله عليهم وسلم جميعًا»...
ورغم أن هذه الصحبة الشريفة وهذا النسل الطاهر الذى نزل فيه قوله سبحانه وتعالى: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا» سورة الأحزاب.. فهم بركتنا... اللهم احشرنا إياهم جميعًا هؤلاء السادة الأشراف العظام بصحبة رسول الله .. وبصحبة الصحابة الخيار الكرام.. إلا أنه لا يمكن وأن نخرج عن توجيه رسول الله بتبعية الولاية لأبى بكر .. التى نص عليها رسول الله وهو فى فراش موته.. لأن إمامته فى الصلاة فى أثناء مرض الرسول .. تلك الإمامة تعنى رسالة واضحة فى تولية أبى بكر أمور المسلمين.. وعلى التوالى تعنى احترام وتبعية وتنفيذ أموار أبى بكر فى تولية عمر بن الخطاب..... إذن ما تقدم يعنى أن الخلافة حاولوا أن يصبغوها بصبغة دينية كى يعطوها «للإمام علي»!!!...
وأما عن موقف أهل السنة فقد جعلوها عملًا سياسيًا دنيويًا.. تركه النبى «صلى الله عليه وسلم» ولم يخص أحدًا بالخلافة من بعده.. تاركًا للأمة حرية الاختيار.. ولكن كانت هناك مؤشرات عن من يخلفه... كما أشرنا فى تلك الرسالة «إمامة أبى بكر للمسلمين فى الصلاة».. التى كانت رسالة ضمنية بتوليه الخلافة.. فى ظل أجواء تعرف قيمة الرجال وتنزلهم منازلهم وتعطيهم حقهم.. لذا كان من اليسير أن يحظى الصديق «رضى الله عنه» بمنصب خليفة المسلمين من بعد النبى محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين..
لهذه الأسباب كانت أحقية الصديق أبو بكر بالخلافة... التى أجمع المسلمون أنفسهم على توليته «رضى الله عنه» ذلك لفضله وولايته.. فقد أُمر أن يصلى إماما للمسلمين كما قلنا فى حياة النبى «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» .. بل وأصر النبى على ذلك.. حيث قال الرسول «صلوات ربى وسلامه عليه»: « يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر»... لذلك أجمع المسلمون يوم «ثقيفة» على مبايعة الصديق وقبل المبايعة جميع الصحابة.. إذن اختيار الصديق لإمامة الدين كانت إشارة.. لتكون محل القبول لإمامة الدنيا..
على غير ما روى من روايات زائفة مثل ما جاء عن «أبى مخنف لوط بن يحيى الأزدي»، من خلافات وصراعات دبت على السلطة التى هى هكذا عبارة عن تراهات دسها المغرضون ولم تستند قطعًا بأى سند صحيح.. فضلًا عن إجماع المحدثين على أنه من أهل الكذب..
وإذا كنا فى مقام التقييم والرد على الشبهات التى تحاول النيل من الصحابة فلا أجد مجالًا أحق ولا أقوى من الاستناد للتذكرة بوجود «الإمام البخاري» وما يحمل ذلك من إجلاله وتبجيله حيث التأكيد والدلالة على أنه من أهم ثوابت الإسلام الذى حافظ عليه... وحين محاولة المساس أيضًا بــ«الإمام البخاري» .. مما يؤكد على أنها شبكة عنكبوتية لمحاولة ضرب الدين وثوابته.. وإن كان ليس مجال حديثنا الآن... وإنما أجدنى أطيح بسيف من كل الجهات.. فحين أقاتل يمينًا أجد أعداء آخرين... لنفس الهدف وإن اختلف الشخوص على اختلاف الجبهات من حولي.. مما يؤكد على أنها حملة مدبرة مأجورة تقوم على توزيع أدوار بكل دقة... وأنتهز هذه الفرصة لأنه مبدأ أريد تعميمه فى كل الكتابات مهما اختلفت الموضوعات باختلاف أعداء الإسلام باختلاف أدوارهم وزواياهم التى لا تخدم إلا هدفًا واحدًا وهو ضرب الدين بضرب الثوابت.. وذلك بالتأكيد على هذه الثوابت التى من أهمها الصحابة.. ليكون بضرب «الإمام البخاري» تارة ... وتارة أخرى بالعكس.. حتى تحكم القبضة على النيل من الحديث الشريف هكذا.. لأن العلاقة بينهما تبادلية... إذن فرواية الإمام البخارى صحيحة السند والمتن.. بل وتغنى كل طالب حق.. وباحث عن الحقيقة..
إنها سند الأمة ومحل ثقتها الذى أجمع عليه الأئمة القدامى والمعاصرين .. والتى معها تم الحفاظ على الدين شكلًا وموضوعًا..
إذن لما كانت الشيعة تعتقد أن الولاية أمر إلهى لما يترتب عليها من آثار تتعلق بمصالح البلاد والعباد .. فقد حاولت أن تستدعى أى دليل يؤكد زعمها .. لذلك اختلقت الروايات واستدعت الأكاذيب لتأكيد موقفها من الولاية الكبرى «الخلافة» ...
وإن كنا لا ننكر أن الروايات الشيعية قد لعبت دورًا واضحًا فى محاولة تشويه صورة أبى بكر الصديق.. بالطبع ليدللوا على صدق ادعائهم بأحقية الإمام على بالولاية!!... فالحديث إذن عن خصائص الصديق أكبر من أن يسعها مقام الكلام... فهى لا تكاد تحصى .. فالصديق أولا: هو ثانى اثنين..«إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» سورة التوبة..
ثانيًا: حقًا نصر الله به الإسلام.. فهو الوحيد الذى خلى إيمانه من التردد.. ومن هنا سمى الصديق.. وهو من تولى دعاية أساطين الصحابة للإسلام.. نصر الله به المستضعفين حيث بذل ماله كله فى سبيل الله... وهذه شهادة الرسول له .. حيث يقول «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم»: «ما نفعنى مال مثل ما نفعنى مال أبى بكر»...
ثالثًا: عندما تولى الخلافة.. وبدأت أحداث الردة.. وارتجفت الأرض نارًا من تحت أقدام المسلمين.. ومن حولهم ما بين ردة القبائل داخل الجزيرة وبين طمع الروم فى حرب المسلمين.. كان لهم بالمرصاد ... حقًا كان صاحب العزيمة التى لا تلين والثقة التى لا تنضب... فقد حارب المرتدين ونفذ أمر النبى الأمين فى إنفاذ جيش أسامة بن زيد إلى حدود الروم وردعهم... رغم ما فى هذا من خطورة بالغة .. فهذا ينعى أن تبقى المدينة بلا جيش فى مواجهة المتربصين لها!!!..
وعندما حاول البعض أن يثنيه عن تنفيذ أمر النبي.. قال كلمة تكتب من ماء الذهب: «والله لو لعبت الكلاب بأرجل أمهات المؤمنين فى المدينة ما تركت أمر رسول الله»...
نعم... فما كان منه إلا أن شكل القيادات والبعوث والسرايا.. حتى أخمد نار الفتنة فى الجزيرة..
رابعًا: لم يتوان بعدها أو يستريح.. حيث شكل الجنود لفتح فارس والشام .. فكانت البداية التى تواتر عقدها.. ليكون هذا غيض من فيض الصديق «رضى الله عنه»... وقبل وفاته استشار أصحابه على تولية «عمر بن الخطاب».. فاعترض البعض منهم لشدته.. فأقنعهم به.. بأنه ترك عليهم خير خلق الله فى زمانه.. كما هو جاء فى رواية بن سعد فى الطبقات الكبرى.. وبذلك خرج كتاب البيعة لعمر مع عثمان.. وقرأه على الناس .. وهم جميعًا حضور فقبلوه..