ثائرة.. من أجل البقاء والوجود
على الرغم من قسوة الظروف، وشدة الآلام التي تعاني منها مصر، جراء النكبات، والأزمات، والمشكلات، التي أصبحت تحاصرها من كل جانب، بل وتطل عليها من سائر النوافذ، ومن مختلف الأبواب، خارجية كانت أم داخلية، عربية كانت أم دولية، قومية كانت أم إقليمية، سياسية كانت أم اقتصادية، اجتماعية كانت أم إنسانية، إلا أنها قادرة على تجاوز هذه المشكلات، وتخطي تلك الأزمات، ما دامت إرادة المصريين في الحياة قوية، لا تعرف اليأس أو القنوط، ما دامت رموز مصر وقادتها وقيادتها تعلم حقيقة وجهتها، وتدرك قيمتها ومكانتها وريادتها.
مصر باقية بل ماضية على ما تعاني أو تواجه من مشكلات إلا أن الأمر يتطلب بالضرورة وقفات جادة وتحركات واعية تتوافق مع طبيعة المرحلة، وتتناسب مع كم المشكلات التي تعاني منها كثير من المؤسسات.
وبنظرة سريعة على مستويات الأداء الحكومي يستشعر كل غيور على مصر مدى حاجة «التعليم» إلى نظرة جديدة تعيده إلى سابق عهده ومجده، فمصر هي التي علمت سائر الأوطان العربية وغيرها وكانت باعتراف الجميع القائد والمعلم، ومع ذلك فقد بلغت الآن درجة من التضارب والتخبط تحتاج إلى معالجتها، وإلا أصبح بوتقة الإرهاب العظمى، مما يدفعني إلى التساؤل والاستغاثة، فهل يستدعى الأمر أن يتدخل الرئيس بنفسه فيقوم بإعداد المناهج وتأهيل المدرسين على اعتبار أنه هو وحده الذي يعمل حيث أراه يقوم بمعظم الأدوار المسؤولة في الدولة حتى الآن!!
والدليل على ذلك ما معنى استمرار مسلسل ارتفاع الأسعار الذي اكتوت به معظم شرائح المجتمع، من الملاحظ أن المياه لا تتحرك في مصر على جميع الأصعدة إلا بالتدخل المباشر لرئيس الجمهورية، وهي ظاهرة فريدة لا توجد في العالم إلا في مصر وحدها، وإلا أين المسؤولون المنوط بهم القيام بتلك الأدوار؟؟!!.
كذلك أيضًا ما معنى اختفاء الكثير من الأدوية؟؟!!!، وتردي مستوى المستشفيات الحكومية وغيرها على هذا النحو غير الآدمي؟؟!!، وإلى متى يستهان بصحة الإنسان بل وحياته في كثير من الأحيان؟؟!!!، والأمثلة أكثر من أن تحصى!!.. وأبحث أيضًا عن المسؤولين هنا؟؟!!!!......
هل يعني ذلك أيضًا أنه على الرئيس النزول بنفسه إلى الأسواق لضبط الأسعار؟؟!!، وإحكام الرقابة على معدومي الضمير، الذين يتاجرون «بقوت الشعب» بهذه الصورة المؤلمة!!!..
هل معنى ذلك أنه يستوجب علينا أن ندرك طبيعة المرحلة حتى نتفهم حرص الدولة على إعادة بناء مصر الجديدة، حيث إن ذلك يعني أن مصر كما لو كانت تمر بمرحلة ولادة، وهذه هي آلام المخاض المصاحبة، مما يدفعني إلى التساؤل عن الإعلام؟؟!!!!.. صاحب الدور الريادي الوطني في هذه الملحمة!!!..
الإعلام الذي غاص الناس فيه فهو – اختصارًا- لابد أن يعاود القيام بدوره الوطني في بث وزرع مشاعر الانتماء والولاء لاستعادة الوطنية ويعمل على بث الأمل في قلوب الناس ولن يكون إلا بالتركيز على الإيجابيات !!!..
يؤسفني أنه بين رحا هذه الحرب الضروس وتلك الآلام الموجعة أن تكون هناك آلام في أدق وأشرف المنابر الإنسانية، التي سجل لها التاريخ دومًا شموخًا عظيمًا، وأعني القضاء المصري الشامخ، واتساءل ما معنى أن يطلق العنان للقضاء فلا يجوز أن يعقب على أحكامه؟؟!!، وأن يترك الأمر لضميرالقاضي!!!، إننا جميعًا بشر نحب ونكره، نقبل ونرفض، وقد نميل في أحيان كثيرة، فهل القضاء من جنس آخر لا يخضع لطبيعتنا؟؟!!!، أم نخالف قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» سورة المائدة..... وكذلك قوله تعالى: «وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» سورة الأنعام..
فإن الآيتين تكشفان عن معانٍ واضحة تفرض على القاضي وغيره أن يتجرد تمامًا من نزعاته الشخصية وآرائه التي قد تصطدم مع تحقيق العدالة لأسباب بعيدة تعتلج في نفسه!!!!، ثم أين هي العدالة الناجزة التي ترفع الضرر وتحاسب المقصر والمخطئ؟؟!!..
ليكون الأمر أشد خطورة هكذا في استدعاء السيد رئيس الجمهورية للجلوس على منصة الحكم ليحكم في القضايا بنفسه ليحقق العدالة الإلهية كما يجب أن تكون، حيث إنها من أهم مهمامه في أداء أمانته تجاه رعيته.
وهناك نقطة على حساسيتها أود أن ألفت النظر إليها وهي كيف أنه لا تعليق على أحكام القضاء؟؟!!!، كيف ولماذا؟!!..
إني لا أعلم إلا الوحي الإلهي فقط الذي يستوجب الإذعان له والخضوع!!!، فكيف للبشر العاجز أن يطلق هذه المقولة؟؟!!!..
إن العدالة تستوجب أن يخضعوا للرقابة والمراجعة والمؤاخذة إن تطلب الأمر، تلك التي تستدعي جلوس الرئيس أيضًا الجلوس على منصة القضاء إن استدعى الأمر للحكم في القضايا والمظالم التي تقع بين الناس.
أيها السادة..
إننا وللأسف نسير على عكس الطريق الصحيح، ونتعالى، ونستنكف تصحيح وجهتنا، لذلك اسمحوا لى أن أقول: إننا نسبح في ماء عكر وفي مستنقع من الإهمال واللامبالاة!!!، فإلى متى؟؟!!..
أليس من العار علينا أن يتحرك رئيس الدولة بمفرده يقطع الأميال لتحقيق الآمال التى يسعى في كل اتجاه من أجل الوصول إليها؟؟!!..
أليس من العار أن نقف مكتوفي الأيدى إزاء أي مشكلة في الداخل في انتظار أن تحل!!!!، كيف لنا في ظل هذه الأجواء المتراخية المؤسفة أن نثمن التحركات الواعية التي يقوم بها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي في الخارج، والتي تأتي بمكاسب لا حصر لها على المستويات كافة، كيف لنا أن نكون جيشًا مدنيًا داخل البلاد في ظل العلاقات السياسية الدولية؟؟!!، التي تقوم بها مصر الآن على الأقل لرأب الصدع العربي.
كيف لنا في ظل هذه السحابة السوداء التي نعيشها في الداخل أن نشعر بصدى هذه الزيارة السريعة التي لم تستغرق سوى سويعات إلى المملكة العربية السعودية أكبر دليل على حرص مصر على متانة هذه العلاقة باعتبارها علاقة من نوع خاص.
تلك الزيارة القصيرة التي استطاعت تحقيق أهدافٍ كثيرة، خاصة أنها تناولت الكثير من القضايا والموضوعات التي تخص البلدين، بالإضافة إلى تناول سبل الخروج من كم الأزمات المعقدة التي يشهدها عالمنا العربي، خاصة في ظل انقسام عربي ودولي في تقييم الأوضاع المحرجة في بلدان عربية عديدة.
هذه الزيارة التاريخية في توقيتها، لأنها ضربت بيد من حديد على كل المحاولات الفاشلة للنيل من هذه العلاقة الأبدية، كما أنها أنهت هذا الركام من الإرهاصات التي كانت تشكك في صلابتها وقوتها وقدرتها على إنهاء أي أزمة مهما بلغت.
كما أن هذه الزيارة ستكون فاتحة خير للبلدين على كافة المستويات، خاصة في ظل هذا الإرهاب الأسود الذي قضى على كثيرٍ من دولنا العربية، ولا يزال يرتع بلا هوادة ورحمة فى العالم أجمع.
كيف في ظل الأجواء الداخلية الصعبة أن نشعر بما يحدث على الصعيد الداخلى؟؟!!!، حيث تشهد مصر تحركات ونشاطات عديدة من أهمها ذكرى تحرير سيناء الحبيبة، التي تحاول يد الإرهاب الآثمة أن تنال منها أو تسيطر عليها أو تتخذها موطنًا.
وهيهات هيهات أن تصل إلى مآربها، فسيناء كانت وستظل أرضًا للسلام والأمان، حمى المصريون حماها عبر التاريخ، وعرفوا مقامها ومكانتها، فتحملوا في سبيلها ألوانًا عديدة من المواجهات، ودخلوا في سبيل استردادها المعارك الطاحنة حتى حرروها من يد المستعمر، وطهروا ترابها الذكي الذي روي بدماء شهدائها وتشرف بأن وطأ
أرضها السادة الكرام من الأنبياء والمرسلين، بل على إحدى جبالها تجلى الخالق سبحانه وتعالى، لنبيه موسى «عليه السلام»..
إنها لأرض الفيروز، ولن ينال منها الإرهاب، بل سيدحر عليها، كما اندحر على أرضها كل من حاول أن ينال مصر بأذى أو سوء..
اسألوا الصليبيين أين أخفقت جيوشهم؟؟
اسألوا اليهود أين نالوا جزاءهم وكسرت شوكتهم وتمزقت راياتهم؟؟؟
وإذا كانت مصر تفخر بتاريخها فلأنها تعتز بأرضها ولا تقبل أن تمس، لذلك فهي حريصة على صنع الرجال وتخريج الأبطال في كل ميدان ومجال.
والدليل على ذلك هذه المؤتمرات المتكررة التي تعقد خاصة للشباب في أماكن متفرقة من أرض مصر، وذلك للاستماع إلى آرائهم في سائر المجالات ولتدريبهم على تحمل مسؤولية وطن كــمصر!!!..
لذلك اسمحوا لي أن أحيي الرئيس السيسي على هذا الأمر، فرغم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، فهو مُصر ليس على بناء مصر اليوم فقط، وإنما مُصر على رسم خريطة مستقبلها الآمن أيضًا، حين يصر على مشاركة الشباب أيام مؤتمرهم، تعزيزًا لهم وتأكيدًا على دورهم الذي لا غنى للمجتمع عنه، وذلك رغم كل ما تتعرض له مصر من عثرات ومؤامرات ونكبات وأزمات ومشكلات.
لذلك من هنا نقول:
إن مصر تستحق من أبنائها جميعًا فضلًا عن مسؤوليها أن يبذلوا لها الغالي والنفيس للخروج من حجم هذه الأزمات وتلك المشكلات، فالقضية ليست قضية الرئيس وحده فقط، إنما هو قضية الشعب بأسره، قضية البقاء والوجود، قضية تستلزم ضرورة أن يعمل الجميع، ليس الرئيس وحده، وإلا فلا عزاء للمصريين!!..