لا نجاة إلا بمصر
وكأنى كنت أرى والحمد لله رب العالمين بنور الله، حيث تأكد لى أن أحداث الأقصى على مر أسبوع مضى.. لم تكن فقط لإثارة مشاعر المسلمين ولا للعب على أوتار دينهم، بالعبث فى أغلى مقدساتهم وهى المسجد الـقصى، وإنما هى استفزاز مباشر للجيش المصرى.
وحينها اتزنت مصر.. قيادة سياسية وعسكرية وشعبًا رغم فداحة الأحداث فى الأقصى المبارك.
إلا أننى كنت على يقين أن هذه الأحداث إنما هى لجر أقدام الجيش المصرى تحديدًا وإثارة حفيظته... وحين لم يحرك ساكنًا رغم عظيم ألمه وشدة مرارته للأقصى المبارك، وقع ما أكد لى حدسى.. وذلك فور انتهائى من كتابة مقالتى المنشورة فى هذا العدد بعنوان «ثراء مصر بجيشها وشعبها».
حيث كانت محاولة الاعتداء الغاشمة العمياء المجنونة السوداء الحاقدة، حيث تمت السيطرة على كارثة كبرى بـإحباط محاولة تفجير لسيارة مجهولة يقودها مجهول – بالتأكيد هو إرهابى- كانت تحمل طن ونصف متفجرات ومواد شديدة الانفجار، وذلك فى منطقة عسكرية وتحديدًا فى المنطقة الشمالية العسكرية التى شهدت وقائع ومراسم الاحتفال بأحدث عرس للقوات المسلحة بافتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية.
للأمانة... للوهلة الأولى أصبت بحالة من الذهول، ولكن سريعًا أفقت ورتبت أفكارى، واسترددت هدوئى، إذ أن ذلك الحادث كان لابد وأن يقع لتعكير صفو المصريين، ومحاولة إرباكهم وتشتتيهم عن فرحتهم بهذا الصرح العسكرى الجديد، بتشييد أكبر قاعدة عسكرية فى الشرق الأوسط.
كنت أعلم تمامًا قيمة هذا الصرح العسكرى ولكنى لم أكن أتصور أنه سوف يتسبب فى هذا الغل والحقد الدفين، مما كان سببًا فى استعادة هدوئى بل وفخرى العظيم بجيش بلادى.
ولكن هذا يعنى أن الحرب ضد مصر لا تزال مستمرة وقائمة، لأنها حرب حاقدة عمياء، ومن الخطورة الآن أنها بخطوات عشوائية وإن كانت منظمة أو أنها منظمة وإن كانت عشوائية؟
وأتساءل عفوًا سامحونى!!!!!... كيف للمصريين حتى الآن لا يتعاملون مع الموقف أو مع الوضع الراهن على أنه حرب.... مصر فى حرب مكتملة الأركان، محددة الأهداف.. بعيدة المدى، كيف وبأى روح وبأى دماء يكون جزء من أبنائنا على الشواطئ يترفهون ويتنطعون فى النوادى ويتسكعون فى الطرقات، ولهم أخوة فى مثل أعمارهم وأقل تتم تصفيتهم فى سيناء وغيرها.. من أبنائنا فلذات أكبادنا من بين الجيش والشرطة.
ألا يحركهم وازع ضميرى ولا دماء وطنية كى يطرقوا أبواب تطوع ليكونوا على الأقل ظهيرًا لفلذاتنا الشرفاء على الحدود وفى الداخل؟؟؟!!!! الذين يضحون بأرواحهم دون مقابل، وهم يقدمون أنفسهم فداءً للوطن... وبكل أسف كأن شيئًا لم يكن وكأن الأمر لا يعنيهم، على الرغم من أننا نعيش جميعًا فى أجواء واحدة، ولكن لا أدرى ما هذا التبلد وعدم الاكتراث الذى وصلت إلى انعدام الوطنية؟؟!!!!!
تلقيت الخبر بكل الفخر لجيشى العظيم الذى نجح فى إحباط هذه المحاولة الإرهابية النكراء، التى تدل على قزمية وضآلة المؤامرة وأبطالها المتآمرين.
تلقيت الخبر وكم أنا خجلة من أجل بشر قد تحولوا إلى مخلوقات غير بشرية، وإن كانت فى ثوب بشر، تنازلوا عن كل المبادئ الإنسانية والأخلاقية، تنصلوا من معانى الفضيلة والشرف.
على العموم وإن دل ذلك فإنما يدل على أنهم حقًا كالنار تأكل بعضها بعضًا، بل كالدخان تذروه الرياح - إن شاء الله- والأنكى والأشد من ذلك، عار قبل الأسف هو موقف الأخوة الأشقاء الغالين العرب.. الذين أعاتبهم وهم يتلفحون بالثعابين يحتمون بها يتصورون أنها تحميهم أو تسترهم، ولا أدرى هل هم يصدقون ذلك أم ماذا حدث؟؟؟ عفوًا.. - أكرر عفوًا- .. ماذا حدث حدث لعقولهم؟؟؟!!!!
لأن الوحيدة القادرة على ذلك الاحتواء وتلك الحماية هى الأم، التى كانت لهم إما بفعل أحداث أو وقائع سجلها التاريخ، وهى مصر.
وأقول قولى هذا وأستغفر الله من أفعالهم فيهم... (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) «سورة الروم الآية 41». وعلى ذلك فأنا أطالب مصر بحقها فيهم لأن مصر الكبيرة لن تتخلى عنهم حين تنقض عليهم الثعابين المتلفحين بها، تمزق ضلوعهم لتنهى حياتهم.
نعم على مصر أن تتمسك بحقها فيهم لأنها الدرع الحامى للعروبة، فهى الكبيرة رضوا ورضخوا أو لم يرضوا ويرضخوا.... إنها الكبيرة بتاريخها ومكانتها ودورها باحتوائها لهم وحمايتها إياهم.
ورسالتى لهم....
إنكم بدون مصر لا تمثلون قيمة ولا وزنًا وسرعان ما تزال عروشكم وتنكس أعلامكم، وتخروا صاغرين لحكمتها، ممتثلين لأمرها... فمصر ستظل الأم الحاضنة للعروبة....
ولقد أثبتت الأيام من خلال أحداث الأقصى المبارك الأخيرة أن المؤامرة التى تحاك لعالمنا العربى من خلال الإرهاب وغيره، من الممكن أن تسقطنا جميعًا، أمام ما يحدث لإخواننا ومقدساتنا فى هذه المنطقة المباركة.. فمن المؤسف أننا لم نسمع أن أحدًا من هؤلاء قد وقف منددًا أو مهاجمًا أو متحركًا صوبها.
وأتساءل ما الذى أمات إحساسنا بالأقصى؟؟؟!!! ما الذى طمس على مشاعرنا الإيمانية إلى هذه الدرجة؟؟!!!
ألهذا الحد... طغت الدنيا وشهواتها؟؟؟ وتملكها على الدين وحقوق الله على الأرض.. ألهذا الحد تفوقت الدنيا وتملكتنا؟؟!!! فأنستنا أننا ضيوفًا عابرى سبيل؟؟؟ سوف نسأل عن أولى القبلتين.. ثالث الحرمين.. ومسرى النبى عليه الصلاة والسلام.
ياللمصيبة؟؟!!! نغدق بالمال على أعداء الإسلام لحماية أنفسنا والحفاظ على عروشنا وممالكنا، ولا نفنى أموالنا وأنفسنا وكل ما نملك فداءً للأقصى المبارك؟؟؟!!!!
ندفع أموالنا للإنفاق على الجماعات الإرهابية مثل داعش وأمثالها، التى تصنعها المؤامرة الصيهوأمريكية، ولا نوقد شمعة بالزيت كما أوصانا «سيد الإسراء والمعراج.. سيد البشر.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم»
والله إنى لأرى أن هذا السفه إما هو انتقام من الله عز وجل، لتقصيرنا وتفريطنا فى حقوقه على الأرض وأولها حماية الأقصى الذى بخلنا عليه وانشغلنا عنه وعن حمايته.
كم أنا حزينة... على هذه الفرقة وما آلت إليه الأمور من شتات وتمزق... نجحوا فى إبعادكم عن القضية الأساسية ، وهى حماية المقدسات وما يحدث فى الأقصى المبارك وشغلوكم بأمور وموضوعات وهمية، فقذفوا بكم بعيدًا عن شاطئ الأمان والنجا