شوفي يا مصر
” بالله عليك شوف نوع الزيت ”
انطلق الميكروباص بركابه من أهل الحى الشعبى الطيب الذى يتردد عليه طلبا للرزق بنقل البعض من هذا الموضع الى ذاك الموضع داخل الحى أو خارجه ، حيث ينصرف كل الى حال سبيله . الى وسيلة مواصلات أخرى ، أو الى عمل فى ذات موضع الوصول أو على مسافة سير قصيرة منه . وما أن استقر الركاب فى موضعهم حتى كسر أحدهم الصمت المغلف للسيارة شاكيا باكيا : امتى بقى حال البلد يتعدل ؟! الواحد مش عارف يعيش .. والأسعار فى ارتفاع مستمر .. هو مفيش حكومة ولا إيه ؟! مش كانوا إللى ما يتسموا أحسن ؟! .. الواحد بس من ضيقه مش عارف يقول إيه . خلينا بقى عايشين كده . وكمان إيه حكاية كارت الكهربا ؟! هو الواحد ناقص !؟ هنلاقيها منين ولا منين ... يعنى إيه أروح اشترى كارت كهربا .. ولو الشحن خلص فى نص الليل مثلا ، ولا خلص وفيه حد عيان وراقد ما يقدرش يتحرك ويروح يشترى كارت كمان ؟! فيه حاجة اسمها كده يا جدعان ؟ يا رب ارحمنا ! وكيلو الرز بكام ؟ بتسعة جنيه يا اخوانا ؟! والزيت إللى بقى بكام ؟! حد يقول كده ؟ .. لم يكد الشاكى المتبرم ينتهى من كلامه حتى انبرى أحد الركاب الجالسين خلف السائق بقوله : يا أخى اتقى الله ما تنساش ان السيسى استلم البلد فى حالة صعبة وبيبذل مجهود كبير فى التعمير والاسكان وضد الارهاب وحاجات ياما . وبيوفر سلع تموينية بردو .. ما شفتش أنت عربيات الجيش إللى بتبيع كل حاجة يا خويا ؟ .. ما شفتش حتى نوع الزيت اللى بيبيعوه لنا ؟ نوع نضيف مش زى دكها المشحم إللى هلكنا ده وخلص علينا ... بالله عليك شوف نوع الزيت ! ... ربك كريم .. الصبر بس شوية .. قاطع راكب ثالث الحديث باكيا : يا جماعة أنا - بالعافية وبالقسط – اشتريت حتة أرض صغيرة يا دوب 80 متر بس والتاجر بنى لي عليها حتة بيت صغير بردو بالقسط ، والمكان ماهو عمران .. لسة بيقول يا هادى .. إللى فيه احنا وشوية ناس غلابة زى حالاتى ... مش طمع منى ، بس قلت العيال ولادى يلاقوا لهم مكان يتاويهم وأنا معاهم بعيد عن الايجارات اللي شوتنا بالنار فى القاهرة . وماشى أكلم نفسى واتلفت حواليا من كتر الأقساط ومن كتر السلف اللى استلفته من الناس أنا وبنتى وابنى عشان نقدر نسدد هنا شوية وهنا شوية ، ونسند نفسنا بالملاليم إللى باقية ... كل ده وألاقى الجيران بيكلمونى ويجيبونى على ملا وشى : إلحق يأبو هانى البلدية جاية تزيل البيت بتاعك بالبلدوزر ... أزالوا بيوت كتيرة يا أبو هانى ، ولا همهم ان الناس قالوا هيموتوا أنفسهم . وهدموا بيوت ياما فى المنطقة .. الحق يا أبو هانى ! .. ده كلام يا اخوانا ؟! هى الحكومة بتساعد " الغلابة " إللى زى حالاتنا ولا بتجازيهم وتخرب بيتهم ؟ .. هو وزير الاسكان ده مالهوش شغلانة غيرنا ولا إيه ؟ بس حد يهوب ناحية بيتى كدهوه وأنا هانام بعرض الشارع ويموتونى أحسن ... والريس عارف كده ويسكت ؟! ... ده الناس هتنقهر يا عالم .. آه يا حكومة ... ضج السائق من كثرة الجدل الدائر قائلا : وحياة أبوكم يا اخوانا بلاش كلام فى السياسة ... ممكن يعنى ؟! ربنا يسترها معانا كلنا وييسر الحال . ربنا كريم . توقفت العربة ، وراح الركاب ينسلون الواحد تلو الآخر من الصندوق المكتظ بالبشر . حفظ الله مصر ورئيسها ووفقه وقادتنا الى ما فيه الخير .