من يعطى
محمد شوقى عبد العال ، البعض ياخذ والبعض يعطى وكلنا أناس وكلنا عاملون ، ولكن البناء لا يرتفع الا على أيدى العطائين المانحين . البناء لا يصلح نفسه الا على أيدى الذين يفكرون فيمن حولهم وفيما حولهم ولا يسمحون لأنفسهم باحتلال مساحة تعجزهم عن الاهتمام الوافر بواجباتهم الصغيرة والكبيرة . البناء يحتاج الى أصحاب الخبرة أصحاب الرأى والمبادرة الذين يستطيعون والذين تقودهم وطنيتهم الى تذليل الصعاب وابتكار الحلول الجيدة وغير المكلفة فى طمأنينة وثقة وهم يستعدون لخوض المزيد من التحديات فى رضا وسعادة . والبعض يعرف كيف يصطاد المواقع ويعرف أين تتوقف حافلة الحظ التى يستقلها البكاشون من أجل الصعود الى المناصب المختلفة وهم لا يترددون فى احتلال مواضع غيرهم . لا يتردد البكاشون فى ابتلاع كل ما يمكنهم الوصول إليه ، لأنهم هم أنفسهم المكآفاة ، ولأنهم يؤمنون بأنهم يستحقون كل شىء دون غيرهم ودون مشاركة من أحد حولهم . البكاشون الصيادون يضحكون فى مخيلتهم وهم يستقلون حافلة الحظ الى مرحلة أعلى من الامتيازات والسلطة والمال ولا يتحسبون للمستقبل الا لما قد يضرهم ويدبرون له ويعدون له العدة لينجوا بأنفسهم قبل الجميع كالمعتاد . البكاشون الصيادون يصطادون لأنفسهم فقط ، ويغادرون الساحة عندما ينضب الصيد أو يوشك على الوقوع فى خطر ، ولا ترهقهم ضمائرهم ليلا أو نهارا . والعطاؤون يتحسبون لحجم المسؤولية ويتحسبون لاسئلة ضمائرهم ، ويمضون أوقاتهم فى تطوير قدراتهم وفى تعلم كل ما يسدد خطاهم نحو خدمة بلدهم والوفاء بما أخذوا على عاتقهم من تعهدات ومسؤوليات . والصيادون ليسوا الا نصابين ظرفاء فى الظاهر قساة القلوب فى سرائرهم ولا تعنيهم معاناة الآخرين الا فى أحاديث التجمل والمداهنة .
محمد شوقى عبد العال وجه من وجوه العلوم السياسية والقانون الدولى والتعليم والتمثيل البرلمانى بالغرفة العليا ، ووجه من وجوه الإخلاص والعطاء والعلم التى قد تحتاج إليها مسيرة الكفاح فى انضباط ودقة وتعاظم مستمر مقابل ربما كلمة شكر أو كلمة تقدير فقط . وهكذا كل المخلصين لأهلهم ولوطنهم ، لأن الوطن هو صاحب اليد العليا وهو صاحب الفضل وليس لأحد من فضل على وطنه الذى منحه الحياة .