جزء من المنهج
وسيم عزيز
عندما تتمنى كوبا من الماء وتفتح بابا فتجد نفسكا فى وسط بحر متلاطم الأمواج يحتاج الى أمهر السباحين ليستطيع التعامل مع هذا الكم الهائل من القوة الغامرة المستمرة الساحقة ليحقق محاربه وينجو بنفسه من كل خطر ، فأنت فى عالم الانترنت القديم الجديد المترامية الأطراف .
فاذا كانت الانترنت على هذا القدر من الخطورة البينة د فلا بنبغى اليوم الا أن نتعامل معها على هذا المستوى من التقدير .ويجب أن تعامل الانترنت معاملة الموضوعات ذات الحساسية المطالبة ليس فقط بالتوعية ، ولكن بالتدريس كجزء أحساسى من المناهج الدراسية . فيجب أن تدرس الإنترنت ليس فقط كوسيلة اتصال ولكن كعالم مواز مسلح وخطير الفكر والأهداف والأسلوب . ولهذا العالم الخطير ينبغى أن نلتمس اللازم من أخلاقيات وقواعد والمحاذير الواجبة للتعامل مع الانترنت وما يكتنف استخدامها من مخاطر عظيمة دون حرج . فالأولى توعية النشىء وتنبيه المجتمع - بدءا بالأطفال - وعدم الإنتظار حتى حصاد الخسائر التى يتسبب فيها الاستخدام اللاواعى للإنترنت بما تحمل وبما تخفى من أعداء ومن انتهازيين ومن معلومات مغلوطة ومضللة ومن مخاطر أخرى ربما تكشف عنها الأيام .
فالآن وبعد أكثر من خمسين عاما تقريبا من التعامل مع الإنترنت ، يمكننا جميعا أن نرى بوضوح وبسهولة كيف أن أخطار الإنترنت تتنوع - فى تاثيراتها الضارة - بين الصحة العضوية والنفسية والأمن والاقتصادية والسياسية وكل شىء ذى قيمة . وليست الانترنت مرفقا بسيطا من مرافق الحياة - كالماء والكهرباء - ولكن الإنترنت تكشف كل يوم عن مرفق عميق الأسرار والاغوار والحرفية وبعيد عن الارتجال وعن محض الصدفة . وصحيح أن الجميع يجلس الى جهاز الكمبيوتر كيفما يشاء ، ولكن الجميع يعلم أن حجم استخدامه واستغلاله لصفحات الانترنت يتوقف على قدراته ومعرفته الدقيقة بعالم الإنترنت .
ولما كان ما وصل إليه العالم الآن فى عالم الانترنت ليس الا مرحلة فى الطريق الى مراحل أخرى أكثر تعقيدا وخطرا ، وفى ضوء كم الجرائم والمشاكل التى مرت بنا وبغيرنا فى مجتمعات أخرى ، فقد بات من اللازم التوقف أمام عالم الانترنت قليلا ودراسة كيفية التعامل معه - على المستوى الوطنى - بالشكل المناسب لحماية أطفالنا وشبابنا ومجتمعنا كله بشكل جيد من الأخطار المحدقة التى تطل علينا عبر نوافذ الانترنت وعبر تطبيقاتها كل يوم دون أن تأخذ أذنا من أحد أو من سلطة ما ودون أن تدع موضعا بلا تغيير .
وربما وجدنا من المفيد أن نبدأ فى أقرب وقت فى ادراج الانترنت ومصادرها ومخاطرها فى صفحات مناهجنا الدراسية المناسبة بمراحل الدراسة المختلفة القادرة على استيعاب هذا النوع من المعلومات وإدراك معانيه والاستفادة منه .
ويمكن لهذا أن يتم فى اطار من التنظيم العلمى المنسق الجيد الحذر وأن يتخذ مستويات متباينة من التعقيد - بحسب المستوى الدراسى - بحيث نتفادى استثناء أية فئة من الطلبة - ونبدأ مع الجميع مراحل الحذر والوقاية الفعالة ضد مخاطر الإنترنت منذ الصغر ، ونتفادى قدرا عظيما من الخسائر ونربح كثيرا من الوقت والجهد والتقدم .