إلهام شرشر تكتب: لن أقول وداعًا للأقصى .. إلى الملتقى
لم يعد بالإمكان أن يعبر اللسان أو يترجم القلم حجم المعاناة التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية .. فالكلمات على دقتها وقوتها وبلاغتها .. والعبارات على شدتها وإجادتها ومتانتها .. لن تستطيع أن تعكس حمم البركان التي امتلأت بها نفسي وكادت من فورانها تنفجر ..
احساس بالمرار والخزي والعار لأمة بلغت المليار ونصف مليار .. لما أصابها من خنوع وخضوع وشتات وضياع ..
شرذمة تقود وتسود وتتجاوز الحدود حتى سيطرت على مقاليد الأمور في العالم أجمع بالمال تارة .. والخيانة تارة ثانية .. والخداع والمكر تارة ثالثة ..
هل رأيت أصنافا من البشر على هذا النحو من الحقارة والسفاهة تتحكم في مسيرة الإنسانية ومصيرها ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!! .. إن هذا لهو البلاء المبين الذي ندعو الله أن يُعَجِّل بكشفه .. لقد نجحت الصهيونية العالمية في تسخير أقوى دولة على ظهر الأرض .. “الولايات المتحدة الأمريكية” لتحقيق أهدافها والوصول إلى غايتها ..
إنها النكبة التي حلت بأمتنا والتي تضاف إلى النكبات الكُثرُ التي تعرضنا لها عبر السنين والقرون ..
إن ما يحدث على أرض فلسطين المحتلة من قمع وقتل لأبناء الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يرفض أن تنتزع منه القدس العربية تاريخًا وديانةً .. في ظل صمت عربي ممقوت ودولي بغيض .. لهي كارثة وسبة في جبين أمتنا .. ولن تمحى من ذاكرة الزمان ..
إن هذه الملاحقات والمطاردات التي تنتهجها “إسرائيل” مع من يطالب بحقه السليب .. لهو عار على الإنسانية جمعاء ..
أين المنظمات الدولية ؟؟؟؟؟!!!!!!
أين القانون الدولي ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
أين منظمات حقوق الإنسان ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
أين مجلس الأمن من هذه المجزرة اللانسانية ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
ومن المفارقات العجيبة والغريبة أن يصحب تدشين نقل “السفارة الأمريكية” إلى القدس مظاهر استفزازية تنم عن تعمد المساس بالشأن العربي والإسلامي .. حين يتراقصون ويتغنون يحتفلون أمام السفارة لتسجل عدسات التاريخ في نفس اللحظة همجية وبربرية وعودة للجاهلية الأولى بكل صورها .. وهم يحاولون النيل من قدسية الأقصى بمحاولة اقتحامه بهذه الصورة المشينة التي يندى لها الجبين ..
صحيح أن عدد من حضر من السفراء لدي “إسرائيل” بلغ أقل من النصف .. وأن دولًا عربية وإسلامية بل والغربية رفضت الحضور .. ولكن عدد من حضر بلغ ٢٥٠ شخصًا منهم ٤٠ من مجلس الكونجرس .. وعدد من الوزراء وكبار المسئولين ورؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية ..
هذا وإن لم يحضر “ترامب” .. فقد اشترك بكلمة موجزة عبر فيها عن سعادته بتنفيذها .. “ترامب” الذي رفض المشاركة في تدشين السفارة الأمريكية الجديدة في “لندن” في يناير الماضي .. يشارك الصديقة “إسرائيل” فرحتها بنقل السفارة ويبعث لها بكلمة يعكس فيها موقفه الذي لا يخفيه .. وهو التزامه بالوقوف معها إلى أبعد حد ..
وإذا كان هذا هو موقف “ترامب” فإن مستشاره وزوج ابنته قال في الافتتاح كلامًا ينبغي أن نقف معه طويلًا فحديثه عن القدس يحمل مغالطات تاريخية ودينية من الخطورة بمكان .. ومن الضروري الرد عليه ..
إن القدس بالتاريخ والجغرافيا عربية عربية .. لها من المكان والمكانة في قلوب المسلمين فهي أولى القبلتين .. وثاني المسجدين .. وثالث الحرمين .. ومنتهي مسرى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومبدأ معراجه ..
ومن هنا نقول أن المسجد الذي ورثه الإسلام يجب أن يبقى له .. وأن العلاقة بين أولى القبلتين وأخراها لا تنفصم .. وأنه لا صليبية قديمًا ولا صهيونية حديثًا ستغيران سنن الله في مصائر الأمم .. وإن نجحت كلتاهما إلى حين في إلحاق الهزيمة بالمسلمين .. ولكن إن غدًا لناظره قريب .. وإن لهم لموعدا .. وعسى أن يكون قريبًا .. وليضحكوا قليلًا .. وليبكوا كثيرًا ..
إن هذا اليوم لفاصل في تاريخ القضية الفلسطينية .. فإذا كانت أمريكا قد غيرت وجهتها وأعلنت انسحابها من رعاية التسوية بين الجانب الفلسطيني واليهودي فإن هذا لن ينسي الفلسطينيين عن المطالبة بحقهم في كل شبر من أراضي “فلسطين” المحتلة فحقهم محفوظ ..
لقد أطاح “ترامب” سبعين عامًا من المعاناة فمنذ مجزرة “دير ياسين” في يوم ٩٤١٩٤٨ والتي خلفت ما يزيد عن ٢٤٥ شهيدًا .. والتي تسببت في تفريغ أعداد الفلسطينيين وجعلتهم يهجرون أراضيهم على نحو زاد في هذا الوقت على ٦٥٠ ألف فلسطيني .. لذلك لم يزل “بيجين” يتغنى بها .. التي يرجع الفضل لها في إقامة دولة “إسرائيل” .. لذلك قال قديمًا:« لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل» ..
وفي ذكرى هذه النكبة يحرص الفلسطينيون على الاجتماع على الحدود يمنون أنفسهم بالعود القريب إلى ديارهم وأراضيهم التي سلبت منهم عنوة ..
فها هم أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل .. ينتشرون على الحدود .. ويعلنون على مسامع العالم تحديهم لطلقات الرصاص .. التي حصدت منهم قرابة الستين .. وهم في إزدياد .. فضلًا عن إصابة ما يزيد عن ٣١٠٠ يستقبلون الموت كل لحظة وهم غير هيابين بل مُصريين على العودة إلى أرضهم .. حقًا إنها انتفاضة يسجلها التاريخ ..
لقد عكس قرار الرئيس “ترامب” بنقل السفارة الأمريكية .. انحيازًا لـ “إسرائيل” وكشف عن عدم اضطلاع “أمريكا” بمسؤوليتها تجاة القضية الفلسطينية ومهما حاولت أن تبرر موقفها وتتمسك بخيار السلام فلن تغني الكلمات أبدًا عن الواقع الأليم .. مما يؤكد ويدلل أن “أمريكا” زراع طولى لـ “إسرائيل” .. أنها مجرد صناعة صهيونية ..
ومما زاد الطين بله ما صرحت به مندوبة “الولايات المتحدة الأمريكية” في مجلس الأمن ومضمونه يسير وفق الإتجاه الأمريكي من “القدس” بشكل خاص ومن “إسرائيل” بشكل عام .. لقد كشفت خلال كلماتها عن مدى الحرج الذي يمر به العالم هذه الأيام إزاء قضية واضحة وصريحة .. حيث أصبت بحالة هستيرية من الضحك وهي تتحدث .. بالتأكيد أنا على صواب وبالتأكيد هي في حالة غير سوية .. ليس من المعقول أنها تصاب بهذه الغيبوبة أو التقمص الوجداني إلى هذه الدرجة التي أشفقت عليها منها .. وهي تتحدث عن “إسرائيل” المكلومة صاحبة الحق المغتصب والتي من حقها أن تفرح أمام الشعب الفلسطيني الإرهابي المعتدي ..
عصابة “إسرائيل” كما أسماها أحد كبار الأحبار اليهود في “أمريكا” التي تحكم العالم وتغتصب الأرض الفلسطينية بغير حق والتي عن طريق الكذب والخيانة والغاية تبرر الوسيلة .. تستضعف نفسها كي تكسب تعاطف العالم من أنها هي المنبوذة التي تتعرض لعداء البشرية .. على خلاف ما تقوم به عصابة “إسرائيل” من إرهاب وإغتصاب واحتلال واستباحة أراضي ودماء وأموال سجلها لها التاريخ بكل إزدراء .. ونسيت أنه ينتظر صفحات أخرى سوف يسجلها صلاح الدين آخر .. وفاروق عادل آخر ..
إنهم يتعجلون بهذا الإجراء يخدعون أنفسهم .. لعلهم يفرون من القدر المحتوم الذي ينتظرهم بمحرر الأقصى القادم الذي أرى نوره يتلألأ من بعيد .. يستفزه طلقات الرصاص .. يؤلمه رائحة الدماء .. وإن كانت تعطر الأقصى المبارك الذي تستعد ملائكته للزهو بمسلمينه قبل شهر القرآن وتلاوته وإحياء لياليه بأجمل القيام .. والذي سوف يجمل ويزين ذلك القيام هو دعاء المسلمين ودموعهم الحارقة بين يدي الله قبل الإفطار وقبل أذان الفجر بالتعجيل بتحرير مسرى النبي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..
رغم أن فقد استراتيجيات الحل التي أصبحت غائبة تمامًا عن أذهان الإدارة الأمريكية .. إلا أن الاستيراتيجية الربانية تفوق أعدائه على الأرض هؤلاء العصاة من عصابة “إسرائيل” ..
أيها العصابة من الوهم أن تظنوا أن نقل السفارة سيسهم في تحقيق السلام أو الاستقرار بل الأمر بخلاف ذلك فإنها ستضع المنطقة بأسرها على حافة الإنفجار .. حتى أن رئيس “فرنسا” صرح الثلاثاء ١٥٥ بأن منطقة الشرق الأوسط مقبلة لا محالة على حرب ..
وإذا كانت “إسرائيل” تعتقد أنها قادرة على احتواء “أمريكا” فإنها لن تستطيع أن توقف أنين الغضب الذي يجتاح العالم العربي والإسلامي .. بل سرعان ما سيتحول إلى جمرات تقذف بها “إسرائيل” .. لن تستطيع “أمريكا” أن توقف غضب رب الأقصى عن الإنتقام لتطهير أقصاه ..
لقد بات واضحًا أن الإدارة الأمريكية قد غيرت وجهتها وبدلت موقفها لذا كان نقل السفارة نقطة تحول في عملية السلام التي اعتادت “أمريكا” أن تتدعي أنها ترعاها ..
وإذا كان “أرون ديفيد ميلر” المفاوض في عمليات السلام بين الفلسطينين والإسرائيليين قد كان يقول:« قد لا تكون الولايات المتحدة وسيطًا صادقًا، لكن بإمكانها أن تكون وسيطًا فعالًا» ..
وبالفعل لم تستطع “أمريكا” أن تلعب دور الحكيم قاضي قضاة العالم أكثر من ذلك .. فلت عيارها وافتضح أمرها وعرف قدرها وتعرى حجمها وكشفت نواياها .. وكيف أنها أصبحت أكبر معوق لعملية السلام .. وهي تمنح بنفوذها ربيبتها الدولة “اليهودية” هدية لا تستحقها على حساب “الحق الفلسطيني المسلوب” .. حتى أن مندوب دولة “بوليفيا” أكد ذلك في اجتماع مجلس الأمن بقوله:« أن أمريكا قد أصبحت عقبة أمام السلام» ..
وأنا أقول: ولن تسقط ورقة التوت .. بل تطيح النوم من العيون وترهب القلوب وإن لم يكن بالرصاص .. يكيفهم أنهم يرهبونهم بالعصا والنبوت ..
أيا شعب فلسطين العظيم .. استمروا .. أرهبوهم .. صدعوهم .. لا تخافوهم ..
أيا شعب فلسطين العظيم .. إثأروا لدينكم ومعكم قلوبنا .. اقتحموا الحدود والسدود ..
أيا شعب فلسطين العظيم معكم بأرواحنا .. تسللوا عبر الأسلاك الشائكة .. دافعوا عن أرضكم ..
أيا شعب فلسطين العظيم تجاوزوا الأسوار واقفزوا فوق المعاناة .. انتصروا لعقيدتكم .. حرروا أقصانا وأقصاكم ..
أيا شعب فلسطين العظيم أنتم القادرون بالله .. أنتم الأقوياء بالله ..
أيا شعب فلسطين العظيم سجلوا ملحمة الوجود .. وحتمًا لهم النار ذات الوقود في الدنيا ويوم الخلود ..
أيا شعب فلسطين العظيم لستم وحدكم في ليلة شهر القرآن .. هو لكم وحولكم .. تحوطكم ملائكته .. تحفر لهم ليعيدوا ذكرى أصحاب الأخدود .. وليكونوا أمام العالمين -إن شاء الله- عليها قعو
أيا شعب فلسطين العظيم .. إزحفوا نحو الأقصى .. لا تستسلموا لوهمهم .. لا تغيروا وجهتكم عن الأقصى ولا تحيدوا ..
دأيا شعب فلسطين العظيم .. أعلم أنكم الأقوياء .. انقضوا عليهم فإنهم الضعفاء ..
د إنها حرب عقائدية .. حرب دينية .. وأنتم الأقوى .. لأنكم تدافعون عن مسرى نبيكم .. وأولى قبلتكم .. عن أهم حرمات ربكم .. أعظم مقدسات المسلمين ..
لا أجد ما أقول عنهم ولا لهم .. وليبقى حديثي لكم يا شعب فلسطين العظيم ..
لن أقول وداعًا للأقصى .. ألقاكم هناك قريبا .. إلى الملتقى في باحة الأقصى ..