أيقظوا وزيرة الصحة من غفلتها.. إنهم يرجون تجارة لن تبور
تتجه أنظار المصريين حاليا إلى قارة أفريقيا لفتح أسواق جديدة أمام منتجاتنا، وإتاحة فرص عمل لشبابنا استثمارا لشبكات الطرق الحديثة التى يجرى تنفيذها حاليا لربط القارة السمراء شمالها بجنوبها وشرقها بغربها، فمع افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى محور روض الفرج أصبح الطريق ممهدا لتصدير منتجاتنا إلى ليبيا ومنها لتونس والجزائر والمغرب وصولا إلى غرب أفريقيا فى رحلة لا يتعدى مداها أربعة أيام.
ومع افتتاح طريق القاهرة كيب تاون بطول 9600 كيلو متر خلال العام الجارى سيصبح من السهل نقل البضائع من الإسكندرية إلى المحيط الهندى بريا فى زمن قياسى يتوقع ألا يزيد عن أسبوع، وبقى السؤال كيف سنواجه التحديات البيئية التى تواجه الإقامة فى هذه الدول.
ففى شرق أفريقيا تنتشر أمراض الملاريا والإيدز، والإسهال، والحصبة، والسل، وفى غربها ينتشر مرض النوم الذى تسببه ذبابة التسى تسى، ومرض الإيبولا الذى يؤدى إلى تآكل خلايا جسد الإنسان وكلها أمراض قد تنتهى بالوفاة، ما لم يتم تحصين الإنسان ضدها قبل الذهاب لتلك المناطق.
أذكر أننى عندما زرت أوغندا عام 1999 وجدت كل الأجانب يمتنعون عن التواجد خارج المنزل قبل المغرب وبعده بساعة، لأنه أكثر توقيت ينتشر فيه الذباب الذى يسبب مرض الملاريا، كما وجدتهم يأخذون تحصينات كثيرة للوقاية من الأمراض المتوقعة.. فيما لم يخبرنى أحد بشيء.
وعندما عدت إلى مصر كان هناك أستاذ عظيم هو الدكتور علاء إسماعيل أستاذ زراعة الكبد بطب عين شمس يعمل مديرا لمعهد الكبد الذى انشأه الملك فؤاد الأول عام 1932 تحت مسمى معهد أبحاث البلاد الحارة لمكافحة الأمراض المتوطنة، فقال لى إن الأمراض بطبيعتها عابرة للحدود وانتشارها فى أى بلد يمثل خطورة على بلادنا، ولذلك فنحن نقوم بعمل مسح سنوى لبحيرة السد العالى للتأكد من خلوها من مسببات الأمراض.
غير أنه منذ أن ترك عمادة المعهد حرص من جاؤوا بعده على أن يقتصر عمل المعهد على أمراض الكبد، ولم تعد هناك متابعات لأمراض هذه الدول فلا توصيات تخرج بتوجيه المصريين عن كيفية التعامل مع الأمراض المتوطنة فى هذه البلاد، ولا توعية للمسافرين، ولا عجب بعد ذلك أن نرى مئات الآلاف من الهنود ومن دول الاتحاد الأوروبى يقيمون فى شرق أفريقيا فيما يقدر المصريون مثلا فى أوغندا بأقل من مئتى شخص منهم نحو مئة شخص يمثلون البعثة الرسمية.
أعتقد أن أقل شيء يمكن أن تقدمه مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى أن تستكمل خريطة الأمراض التى بدأتها قبل عشرين عاما، ولم تستكملها حتى الآن، كما أتمنى أن تتبنى الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة خطة قومية لوضع خريطة بالأمراض التى يمكن أن تصيب الإنسان خلال رحلته من القاهرة شمالا إلى كيب تاون جنوبا، ومن الإسكندرية على شاطئ البحر المتوسط إلى السنغال على شاطئ المحيط الهندى، وأن تلزم المسافرين بالحصول على دورة توعية صحية قبل سفرهم.
كما أتمنى أن تعمل على إنشاء مراكز طبية مصرية متخصصة، ينتدب إليها الأطباء الحاصلون على درجة الدكتوراه من وزارة الصحة لمدة عام أو اثنين كشرط لانتقالهم لكادر الجامعة، لخدمة أبناء القارة السمراء وتشجيع التواجد المصرى فى أفريقيا، الأمر الذى أصبح شديد الأهمية بعد أن تراجعت فرص العمل أمام الشباب فى منطقة الخليج ودول الاتحاد الأوروبى، فيما تظل السوق الأفريقية واعدة أمامهم، ولكنها تنتظر آليات سليمة لإقامة علاقات دائمة.