الدكتور عادل عامر يكتب: «المرأة والحياة»
المرأة والحياة، معادلة متكافئة،وثنائية يستحيل فصلها، فما الأنثى سوى الحياة، وما الحياة سوى الأنثى، لأن هذه الأخيرة صبغت كل معاني الأولى بفلسفاتها المنبثقة من طبيعتها، سعادة المرأة ليستبمجد الرجل ولا بكرمه وحلمه، بل بالحب الذي يضم روحها إلى روحه ويجعلها معه عضواواحدا في جسم الحياة الواحد، وكلمة واحدة على شفتي الإله الواحد.
المرأة تنظر بثبات إلى الشمس وترى فيالظلمة لأن لديها مفتاح الصحة والسعادة والاستلقاء على أهداب المحبة، إنها نبعالأمل الذي لا ينضب تفجر عواطف الزمن وتعيد للرجل بهجة طفولته وترتقي به لتجعلهيحيا في كنف الإنسانية. لا يمكن للرجل أنيصل لنفسه إلا عندما يتغلغل في أعماق المرأة ومهما فعل لن يرى لذة الحياة إلا عبرهذا المخلوق الجميل.
والرجل كعادته يرتجف أمام الرغبة والخوف فيلقائه المرأة لأنها هي التي ترسم له الطريق ليسلكها إلى نفسه، عندما تزهر المرأةيزدهر العالم بعبقها وعندما تحول محبتها إلى معرفة تصنع العالم. فالطبيعة الحقيقيةللمرأة هي (المحبة) الشرع الأساسي للكون بعد العقل. فالمرأة تحب بلا شروط وتهب النور ويولد الكونعندما تتفجر طاقة العطاء فيها. أي لحن يدغدغ مسامعنا أكثر من لحن المرأة وهي تحب؟ وأيرقص عجيب أجمل من جسدها وهي تهزه على أنغام محبتها؟ فهي صانعة الحب لأنها فنالحياة الخالد.
على مدار عمر البشرية على الأرض عاش الرجل والمرأة معاً وكانت العلاقة بينهما تقوم بتحريك الكون من حولهما فلولاالعلاقة بين الرجل والمرأة بشكل متوازن وسوي لما استمر الوجود البشري حتى الان فالعلاقةبين الرجل والمرأة اذا كانت بشكل متوازن وشرعي ويرضي رب العالمين فإنها تعتبرالوقود الذي يحرك الحياة فالزواج هو سكن واستقرار ومودة ورحمة.
الثقة في العلاقات يتم بناءها عن طريق معرفة الطرف الآخر واكتشاف ما بداخله عن طريق سلوكياته وتصرفاته فالثقة من اهممكونات العلاقات الناجحة فعندما تشيع الثقة بين الرجل والمرأة يشعر كل منهابالحرية في ان يكون نفسه ويستطيع البوح بمكنونات قلبه في العلاقة مع الاخر
ولكن اذا تحدثنا من منظور علمي فإنالمسئول عن شعورنا بالثقة هرمون الاوكسيتوسين الذي يفرزه المخ عندما يلمس كل منهماالاخر في علاقة زواج اسلامي فهذا الهرمون لديه القدرة على زيادة رصيد الثقة بينالرجل والمرأة . حاسةاللمس من الحواس القوية جدا ولذلك فهي متصلة بمشاعر جميلة مثل الثقة والامان والحبوالراحة والاستقرار ولذلك فإن استغلال ذلك في العلاقة بين الرجل والمرأة بشكل شرعييعمل على زيادة مشاعر الرضا بين الزوجين كما انها تجعل كل طرف يشعر باهتمام الطرفالاخر به مما يعمل على زيادة جودة الحياة الأسرية بين الرجل والمرأة فكلما زادمعدل الرضا في العلاقات كلما زادت المشاعر الجميلة التي تربط العلاقة بين الرجلوالمرأة مما يؤدي إلى زيادة الانتاجية في العمل نتيجة التخفف من الضغوط الحياتيةاليومية
لأن تراكم الضغوط بدون التخفف منهايعمل على خفض كفاءة الجهاز المناعي مما يزيد من احتمالية الاصابة بالأمراض النفسيةوالجسدية نتيجة تراكم المشاعر السلبية التي يعاني منها الرجل والمرأة مما يقلل منمعدل الرضا عن الحياة ولذلك إذا كانت العلاقة بين الرجل والمرأة متوازنة فإنهاتساعد على توازن باقي جوانب حياة كل منهما .
التواصل من أعمدة الاحتياجات الأسريةفبدون تواصل لن يتم اشباع الاحتياجات العاطفية بين الطرفين فالتواصل هو عبارة عنالشريان الذي يضخ الدم للعلاقة بين الزوجين فالتواصل الفعال الآمن الذي يتم فيهالتعبير عن المشاعر بدون خوف او قلق من رأي الطرف الاخر او بدون الانشغال بعواقبما يقوله الشخص او يفعله يعمل على رفع معدل المشاعر الايجابية بين الطرفين فيشعركل طرف بالأمان التام في العلاقة مما ينعكس بشكل ايجابي على جودة العلاقة بينالطرفين
من ضمن الاحتياجات العاطفية الأسرية ان يتمتع كل طرف بمساحة شخصية
وان يمارس أنشطةوهوايات بعيدة عن تواجد الطرف الاخر فهذا يعمل على قتل الملل في العلاقة لأن هذايعمل على تجديد العلاقة وزيادة شباب ورونق العلاقة بين الطرفين
فإشباع الاحتياجاتالعاطفية يعتمد على اساس احترام اختلاف الطرفين واحترام المساحة الشخصية تزيد مناحترام الطرفين لبعضهما البعض .
لا يتم اشباع الاحتياجات العاطفية بشكلمتوازن داخل الاسرة بدون تواجد ثقة متبادلة فالثقة هي العامود الاساسي الذي يقومعليه العلاقات فالشك بين الزوجين يعمل على إحداث ثغرةفي مسار اشباع الاحتياجات العاطفية مما يزيد من مشاعر الاستياء والغضب والخوف ممايعمل على غياب مشاعر المودة والرحمة بين الطرفين . مما لاشك فيه ان الحب الذي يجمعبين قلبين له طاقة عالية جدا ومشاعر الحب تستطيع تقوية الجهاز المناعي للطرفين ،هذا بالطبع اذا كانت علاقة ناجحة ولكن عندما يكون الحب مؤلم نتيجة الاختيار الخاطئللشريك
متى يشعر الشخص بألم الحب ؟
1-عند الانفصال :
من اكثر اللحظات المؤلمة في الحب عندما تنتهي العلاقة بالانفصال سواءكان ذلك بالطلاق او بفسخ الخطبة ويشعر كلاالطرفين باهتزاز مفهوم الثقة بالنفس ، كما انهم لديهم صعوبة في مواجهة الاخرينبوضعهم الجديد ، كما انه قد يبقى لديهم شعور بالحنين للشريك السابق ولا يعرفون كيفيتعاملوا مع مشاعر الاشتياق لعلاقة عاطفية مشبعة بالمشاعر الجميلة ، فالأمر حقامؤلم .
2- الحب من طرف واحد : مناكثر المشاعر ألما حقا هو عندما تحب شخص ولكنه لا يكون بداخله مشاعر حب تجاهك
3- الحب الذي يصل إلى درجة التعلق : عندما يتعلق شخص بشريك حياته فإنه يقوم بالتركيزفقط على ان يجعل الشريك سعيدا مهما تكلف الامر وهذا يجعل العلاقة بينهما متوترةحقا ، لأنها تكون مليئة بمشاعر الخوف وعدم الامان ومن اجل علاقة حب صحية لابد وانيبتعد الطرفان عن الوصول لدرجة الحب التي تصل لحد التعلق لأن التعلق الزائد عنالحد بشخص يجعل هناك فرصة في الانفصال عن هذا الشخص فسيدنا يعقوب قد تعلق بسيدنايوسف ، وأذاقه الله مرارة هذا التعلق عن طريق ابتعاد يوسف عن المنزل ووجوده في بلداخر . 4- انعدام الحب : عندما يجتمع الطرفين في علاقة زواج ولكنهما لايحبان بعضهما وانما فقط ينخرطان في هذه العلاقة ويأخذا القرار بالاستمرار من اجلكسب القبول الاجتماعي ولأن من حولهما يضغط عليهما بشدة من اجل الدخول في حياةزوجية ، فهنا يشعر الطرفين بالألم لأنهمايقومان بتحقيق أهداف اشخاص اخرين ولا يقوما بتحقيق اهدافهما الشخصية .
العدوان السلبي في العلاقات مختلفتماما عن العدوان الصريح الذي يقوم على اساس الصراخ والعويل فالعدوان السلبي يقومعلى اساس تجنب الصراعات المنزلية فالشخص الذي يعاني من متلازمة العدوان السلبييتجنب اي تواصل او اي نقاش بخصوص المشكلات فهو ينكر تماما وجود مشكلة مما يجعلالمشكلات تتراكم وتؤدي إلى فجوة عاطفية كبيرة بينه وبين الطرف الاخر فالأسر التيينتشر بداخلها العدوان السلبي هي اسر مختلة وظيفيا فهي تتبع اسلوب غير صحي تمامافي التعامل مع الضغوطات الاسرية .
الابتزاز العاطفي هو عبارة عن سلاحالشخص الذي يستخدم العدوان السلبي في العلاقات من اجل تحقيق مطالبه فالشخص الذييستخدم العدوان السلبي لا يقوم بالتصريح بما يريد بشكل متوازن وانما هو يستخدم اسلوب ملتوي في العلاقات من اجل تحقيق اهدافه وذلك عن طريق تهديد الطرف الاخربالانفصال او الطلاق او حرمان الطرف الاخر من المال او الابناء وذلك من اجل الضغطةعلى الطرف الاخر لتنفيذ ما يرغب فالشخص الذي يتخذ من العدوان السلبي وسيلة لتحقيق مطالبه لا يعلم اي وسيلة اخرى لتحقيق اهدافه ولذلك فهو يستخدم الابتزاز العاطفي بشكل زائد عن الحد في العلاقة مع الطرف الاخر ولكن هذه الوسيلة تحقق له مطالبه على المدى القصير ولكنها على المدى الطويل تعمل على شرخ العلاقة التي تجمعه بالطرف الاخر لأنها تقوم على أساس التخويف وليس الحب والأمان والتقبل.