اللغة المصرية القديمة والصورة المتكاملة
لطالما تساءلت بينى وبين نفسى بشغف وأنا طفل: أين لغتنا القديمة؟ لماذا لا نعلم عنها شيئا، ولماذا لا ندرسها ولا ننطقها؟ فمع كل هذه الإنجازات الفرعونية العظيمة الصامدة على مدار الزمن لآلاف السنين، ومع تقديرنا لأجدادنا وما توصلوا إليه من علوم وما حققوه من قدرات، لا بد وأن نبحث عن لغتنا القديمة وأن نعرف عنها ما يعيننا على فهم تراث أجدادنا أكثر وأفضل -فى مختلف المجالات- وأن نحقق ذاك الرابط غير المرئى بيننا وبينهم.
إن لغة القرآن الكريم هى لغتنا الرسمية الآن، ونحن نفخر ونعتز باللغة العربية الجميلة بالطبع ونتمسك بها. وما بحثنا عن لغتنا القديمة إلا بحثا عن تراثنا الفرعونى الذى يشكل جزءا من شخصيتنا المصرية المعاصرة، وإزكاء لروح البحث والفهم والتطوبر واكتشاف المزيد من ملامح شخصيتنا المصرية. فكل هذا الثراء الحضارى المصرى الفرعونى الضخم يحتاج إلى مجهودات ضخمة مننا جميعا على مستوى الفرد، وليس فقط على مستوى المؤسسات وعلى مستوى الباحثين المتخصصين، لنلتفت جميعا إلى قنوات اتصال حضارى ووطنية مشتركة مع ماضينا.
إن انتشار المعرفة بلغتنا القديمة قد يساعد كثيرا على الحفاظ على تراثنا ويساعد كثيرا على دعم جهود الدولة فى الارتقاء بالسياحة كأحد أهم مصادر الدخل القومى. فالناس تقبل على من يعتز بنفسه وعلى الناجح وعلى الصورة المتكاملة، وليس على الصورة المبتورة.
لقد رأينا جميعا الأثر الإيجابى البالغ للأنشودة الفرعونية التى قدمتها السوبرانو المصرية الجميلة الأداء أميرة سليم باللغة المصرية القديمة فى حفل موكب المومياوات. وذلك، لأن وجود لغتنا القديمة فى حياتنا أمر طبيعى ومطلوب. بل من الغريب ألا يكون للغتنا المصرية القديمة أثر كأننا نتجاهلها أو نعجز عن توظيفها فى حياتنا اليوم.
ربما نحن لا نسعى إلى التحدث بلغتنا المصرية القديمة، ولكننا -على الأقل- نسعى إلى معرفة لغتنا التى تربطنا بأجدادنا وبأحد أوجه تراثنا العظيم بالقدر الذى يحييها فينا بما تحمله من رموز وطنية إيجابية، وهو حق لنا وعمل وطنى محمود.