سياحة اللقاحات
اختطف وباء كوفيد- 19 العالم بأسره -فى قطاره الخاص- إلى دنيا مختلفة منذ عام ونصف تقريبا، ليرى الناس فى كل مكان وجها أو وجوها أخرى للحياة. وجوها ربما لم يتصورها أحد، ووجوها لم يتصورها البعض من الناس. وما زال العالم يكتشف جديدا كل يوم فى وباء كوفيد- 19، رغم مضى أكثر من عام على ظهور الوباء فى نهاية عام 2019. فهناك الوجه السياسى لكوفيد- 19، وهناك الوجه الاقتصادى لكوفيد- 19، وهناك الوجه الاجتماعى لكوفيد- 19، وهناك الوجه الفنى لكوفيد- 19، وهناك الوجه العلمى البحثى، وهناك الوجه الصحى بالطبع. وهذه أبرز الوجوه التى قد تبرز إلى مطالعة المتأمل فى حال العالم فى ظل وباء كوفيد- 19 للوهلة الأولى. وقد دفع وباء كوفيد- 19 العالم إلى ما بعد حدوده المعروفة، ليمتحن العالم فى صبره ومثابرته على العمل الدؤوب وعلى احتمال المكاره وعلى ابتكار الحلول من ناحية، وليقدم إلى العالم بعضا من فرص جديدة للتكسب وللحياة من ناحية أخرى. فسنة الحياة أن تأتى الراحة من قلب التعب، وأن يولد الجديد من رحم المعاناة. فهل خطر على بال أحد -قبل ظهور كوفيد- 19- أن يدعو إلى أو يسعى أحد إلى تنظيم ما يطلق عليه البعض الآن "سياحة اللقاحات"؟
لم يسمع أحد بسياحة اللقاحات من قبل، ربما لعدم وجود هذا العالم الذى نعيشه الآن فى ظل كوفيد- 19، والذى يتوقع له أيضا الاستمرار حولنا وفى حياتنا أجمعين لسنوات قادمة. أما الآن، وقد أدرك الكثيرون منا بعد إنكار -حول العالم وليس فى بلد معين- أن وباء كوفيد- 19 حقيقة مؤلمة وقاتلة وأن الاستعانة باللقاحات الطبية ضرورة لتعظيم فرص النجاة من الإصابة بالوباء، أو على الأقل للحد من خطورة الإصابة والشفاء منها، فقد أصبحت حاجة الناس إلى تناول اللقاح المناسب ماديا ومناعيا والآمن صحيا أمرا هاما. ومنبع أهمية تناول اللقاح هو تعلقها بحرية الحركة والسفر والعمل، مع ندرة اللقاحات العالمية المتفق على جودتها وأمانها وندرة الكميات المنتجة من هذه اللقاحات الجيدة أيضا. ولذلك نجد أن دولا -مثل إسرائيل وفقا لبعض تصريحات مسؤولين إسرائيليين رفيعى المستوى- قد تفكر فى الترويج لنوع جديد من السياحة، وهو سياحة اللقاحات. ومن الواضح أن سياحة اللقاحات هى نوع من محاولة تفكير الحكومات خارج الصندوق، لبث الدفء فى عروق الاقتصادات التى عانت كثيرا بسبب اضطرار الدول إلى سياسات الإغلاق، للحد من انتشار وباء كوفيد- 19.