زينة الرجال الأدب
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الانتهاكات الأخلاقية يمكن التنبؤ بها إلى حد ما خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى وتعددها والتى أتاحت للفرد التعبير عن أفكاره بشكل أكثر وضوح وحرية؛ مع تعدد الوسائل وتطور نمط الحياة اليومى أصبح هناك فى الواقع ظروفًا وسياقات وخصائص فردية محددة تدفعنا بعيدًا عن الطريق الأخلاقى العالى الذى كنا نعهده فى السابق؛ ومن أبرز عوامل الخطر التى تؤدى إلى التراخى الأخلاقى هو أحد العوامل التى يشترك فيها جميع المذنبين وهى أن تكون متنازلاً بشكل كبير عن بعض الأخلاقيات والأدب!! فقد أظهرت عدداً من الدراسات أن معايير الأخلاق لدى الرجال أصبحت أقل من النساء "على الأقل فى السياقات التنافسية"؛ وتجلى النمط الأخلاقى لبعض الرجال فى اتباع استخدام الاستراتيجية الماكرة أو العنيفة لإثبات أو حتى الدفاع عن رجولتهم على سبيل المثال؛ وهو ما ترجم فى صور أشكال العنف المنزلى والجرائم والقمع الذى يستخدمه الرجل فى حق المرأة بصفته المسؤول عنها والمتحكم الرئيس فى أفعالها بصفته الرجل أو "صاحب الكلمة".
ولكى أكون أكثر وضوحاً وإنصافاً فى إيصال الهدف دون "شيطنة" الرجال؛ إذا نظرنا بعمق فى الحياة العملية لوجدنا الرسالة السائدة إلى النساء فى المجتمعات هى أنه إذا كنتِ تريدين النجاح فتصرفى مثل الرجال! وهناك افتراض آخر يقول بأن النجاح يعنى أن تكونِ أكثر عدوانية؛ أكثر تحكم فى عواطفك؛ أكثر استراتيجية وحسم فى القرارات؛ وغالبًا ما يعنى ذلك المضى قدمًا القيام بكل ما يتطلبه الأمر تماماً مثل الرجال حتى لو كان تصرف بشكل غير أخلاقى.
حتى هنا لا بأس فقط إن كان هناك تحمل لعواقب تلك الأفعال؛ لكن المشكلة الحقيقة تكمن فى غياب الأخلاق مع العقاب؛ والذى بغيابه أتاح استخدام المسموح وغير المسموح للوصول للأهداف أياً كانت والتى فى العادة غيبت الرسالة الإنسانية والأخلاقية للرجل فى الفعل والقول؛ بل وأظهرته بتصور متضخم للذات يبعد كل البعد عن الأخلاق والأدب والصدق وهو تأثير وقع فيه نسبة كبيرة من الرجال فى عصر ما يزال يسيطر فيه عدد كبير منهم على التفرد فى القوة والقرار اعتماداً على الموقف وطبيعته
لكن هناك عامل آخر يربك محاولاتنا لفهم طبيعة تصرفات الرجال وهى الحيرة؛ خاصة عندما نشعر بالحيرة تجاه أفعال شخص ما نحبه أو شخص نضعه داخل إطار كبير من التقدير؛ ما قد يجعلنا نسأل أنفسنا فى كثير من الأحيان لماذا فعل شيئًا كهذا؟! وهى شعور سيئ للغاية يمكن أن يؤدى بنا بالنهاية إلى استنتاجات خاطئة حول دوافعه ونواياه لأن عقول الرجال والنساء تعمل بشكل مختلف تمامًا عندما يتعلق الأمر بالدوافع والأخلاق.