التأمين على الحياة ليس ادخارا
ليس المال أهم شىء فى الحياة، ولكن لا شىء -ربما- يتحرك دون المال، ولذا، فكلنا نسعى إلى التحصل على بعض المال ونجتهد فى ذلك قدر جهدنا، والعاملون فى مجال المبيعات يقضون وقتهم فى البحث عما يجذب الناس إلى منتجاتهم أو بضائعهم أو خدماتهم ويحببهم فيها ويقنعهم بالتداول فيها بيعا وشراء أو استثمارا، ومجال التأمين -بمختلف فروعه- مجال هام فى حياة الإنسان من المهد إلى اللحد طبعا، لما قد يسهم فيه من تقديم العون المادى العاجل إلى المرء عند تعرضه لظروف غير مواتية أو خروجه من الخدمة أو الوفاة. هذا أمر مفهوم، ولكن البعض من العاملين فى مجال التأمين يميلون إلى تسويق عروضهم التأمينية على أساس من كونها عروضا استثمارية أو ادخارية، وهذا ليس صحيحا، فعقد التأمين يهدف فى المقام الأول إلى تقديم الخدمة التأمينية للمؤمن عليه، وفقا لشروط العقد، فقسط التأمين يدفع مقابل الإجراءات الإدارية لاستخراج الوثيقة التأمينية، ومقابل التغطية التأمينية، ولا يهدف عقد التأمين إلى تحقيق المكاسب المادية -من وراء قسط التأمين- للمؤمن عليه، إلا بحسب عدة عوامل: منها قيمة قسط التأمين ومدى انتعاش الأسواق وسنوات سداد القسط بانتظام. فضعف قسط التأمين قد لا يتيح فرصة للحصول على عائد استثمارى، كما أن ضعف وهشاشة الأسواق -كما هو الحال بعد ظهور وباء كورونا أو كوفيد- 19- فى نوفمبر 2019- قد تحول دون تحقيق أية مكاسب مادية تمكن صاحب البوليصة من الاستمتاع بالغطاء التأمينى المطوب، مع استرداد كامل ما سدده من مال مضافا إليه ربح قليل أو كثير. وبالتالى، يصرف القسط التأمينى على التغطية التأمينية فقط، ويبقى حساب صندوق الاستثمار الخاص بالمؤمن عليه صفرا كبيرا يغضب الكثيرين. فمن يمنى نفسه بمبلغ محترم بعد سنوات طويلة من سداد الأقساط التأمينية المستحقة، ثم يجد حسابا استثماريا خاويا على روشه لا يسر له قلب ولا وجه. وردود شركة التأمين واضحة وقوية، بأن ما تم سداده كان قسطا تأمينيا مقابل تغطية تأمينية قدمت ولا مسئولية على الشركة فيما وقع من عدم تحقيق أرباح. فإذا دعاك أحدهم لعمل وثيقة تأمينية على الحياة، فأعلم أنها ليست وثيقة استثمار مهما كان وإنما هى وثيقة تأمين بالأساس ولغرض التأمين بالأساس وليس لفرض تحقيق مكسب مادى لحضرتك. أما الادخار فله أوعية أخرى كثيرة ووفيرة، وتكون أموالك بمقتضاها فى أمان وفى زيادة، إن شاء الله.