” الخطأ المرعب ”
بينما كانت السائحة الأجنبية تسير فى أحد شوارع الحى الراقى العمومية بالقاهرة - منذ عدة سنوات - وجدت نفسها فجأة أمام بركة من الدماء المتزايدة التى ينزفها أحد الخراف الذى ذبح لتوه على يد أحد الأشخاص. وقد أخطأ الجزار الملوم على فعلته فى ذبح الحيوان المسكين فانتفض الحيوان المذبوح من رقدته وراح يجرى فى الشارع غارقا فى دمائه وفى عذابه الشديد المستعر لمئات الأمتار وحتى حدود الفندق الشهير حين خارج قوى الحيوان القتيل وسقط على الأرض. سقط الحيوان القتيل المأسوف عليه مدرجا فى دمائه المتبقية وفى آلامه العظيمة التى عاناها بلا داع ولا مبرر، إلا لإقدام شخص على تصرف غير مسؤول، وعلى عمل لا يجيده وعلى الملأ وعلى أعين الناس وفى الطريق العام وفى طريق المارة.
أن يخطئ أحد فى حرفته لهو أمر وارد فى حياة البشر جميعا، ولكن فى بعض المهن يكون الخطأ شنيعا وغير مقبول. بل ويكون الخطأ - فى بعض المهن - غير متصور حتى ولو نظريا، وذلك فى ضوء بشاعة الخطأ وما يسببه من آلام وربما مرض نفسى للناس ممن عايشوا هذا الخطأ وشهدوه.
من أمثال تلك الأخطاء البشعة أن يخطأ الناس فى ذبح الحيوانات أو الطيور - سواء كانت كبيرة أو صغيرة - ليذوق الحيوان أو الطير العذاب الأليم المقيم قبل أن يذوق الموت وطعم الرحيل عن الحياة ومصائبها. فإذا كان الذبح فى الشوارع والطرقات - وهو مخالف للشريعة وللضمير الإنسانى لما فيه من رعب غير مبرر وغير مشروع للحيوان - كان الخطأ أكبر وأعظم غلظة وتأثيما. وربما صار مثل هذا الخطأ محل الحديث موجبا للعقاب القانونى وموجبا للتجريم أيضا، لتجاهل مرتكبه كل ما يجب مراعاته فى حق الحيوان المسكين, وفى حق الناس من المارة, وفى حق الدولة دون مراعاة ولا فهم لحجم وعدد الأضرار الناجمة عن فعلته التى قد تفتقد إلى كثير من اللياقة.
إن الدولة تبذل جهودا عظيمة من أجل تقنين كثير من الممارسات ومن المهن ومن ألوان التجارة الموازية، ليس فقط من أجل تعظيم موارد الدولة من الداخل ولكن من أجل التنمية المجتمعية التى تقوم على بناء الإنسان وتطوير فكره وسلوكه ليصبح صاحب فكر وسلوك بنائين ويسهمان فى تقدم الوطن وفى تصويره فى أجمل صورة حضارية لعين الناظر فى الداخل وفى الخارج كل يوم وفى كل مكان. ولا ضير فى التنازل عن بعض العادات أو الممارسات القديمة التى لم تعد تصلح لزماننا، مثل الذبح الأهلى للأضحية فى البيوت والمحال والطرقات طلبا للبركة ودرأ للحسد.