نظام النقاط المرورية
ضحك صديقى حسين الذى يقيم فى بلد أوروبى ما -على نفسه- وهو يحكى لى كيف أن ضابط المرور أوقفه صباح ذلك اليوم، لارتكاب حسين خطأ بتجاوز خط مرورى كان يتعين عليه الانتظار قبله حتى يتغير لون الإشارة، ليقطع الطريق إلى الجانب الآخر. وأضاف حسين: لقد وضع لى الضابط نقطة سوداء، كما ألزمنى بالرجوع إلى حضور دروس المرور التى تلقى مجانا فى مدرسة مخصصة لذلك بلغة هذا البلد الأوروبى. وراح حسين يتساءل: ماذا أفعل إذا لم أفهم لغة البلد ولا أستطيع تعلمها، بينما تقدم دروس المرور بتلك اللغة؟ وبالتالى تظل هناك نقاط لا أعرفها أو لا أستوعبها فى نظامهم المرورى. ضحك صديقى مرة أخرى -على نفسه- قائلا: لقد صرت أنا وضابط المرور بالقرب من بيتى فى هذه العاصمة الأوروبية صديقين من كثرة ما استوقفنى الرجل وأنا مخالف لقوانين المرور وهو يصر على التحدث معى بلغتهم، فلا يفهمنى ولا أفهمه ونضحك نحن الإثنين. ولكن الأمر الجيد فى شأن المخالفات المرورية فى هذا البلد الأوروبى - الحديث لحسين- إن المخالفة تحسب بنقطة أو أكثر، بحسب جسامة المخالفة وقد يقتصر علاجها على الغرامة المالية فقط. فإذا مضى على المرء فترة معينة دون مخالفات مرورية أسقطت عنه بضع نقاط من سجل مخالفاته تشجيعا له، علما بأن إجمالى نقاط المخالفة المروية هو ثمانية فقط. وإذا سحبت رخصة قيادة السيارة من أحد، كان ذلك لخطأ جسيم ينطوى على تعريض الغير للخطر، مثل القيادة تحت تأثير المشروبات الكحولية، وكسر الإشارة الحمراء عمدا. وفلسفة هذا النظام المرورى تقوم على أن الوقوع فى المخالفة المرورية أمر وارد بالنسبة إلى الناس أجمعين وإصلاح هذا الأمر وتقويمه هو هدف للدولة، حيث يستطيع الجميع قيادة سيارته قيادة آمنة ويؤدى مصالحه وينفع مجتمعه. وفى المعتاد، لا يوجد من الناس من يسعى إلى المخالفة المرورية أو يتجنب القيادة السليمة. كما أن الناس لا يستوون فى مستويات فهمهم وفى مهاراتهم وفى قدراتهم على القيادة وفى كل شىء تقريبا، لذا يميل نظام المرور إلى التزام الدقة والحسم مع الخطأ العمد، وإعمال اللين والمرونة مع من يظهرون تعاونا وتحسنا فى قيادتهم للسيارات، من أجل الصالح العام. وتستعين الدولة فى هذا الشأن بمدارس لتعليم القيادة وتأهيل وإعادة تأهيل قائدى السيارات، كما تستعين بأخصائيين نفسيين للتأكد من الصحة النفسية والعقلية فى حالات المخالفات الخطرة.
حصل حسين على جنسية هذا البلد الأوروبى مؤخرا، وما زال لا يعرف من لغته إلا بضع جمل فقيرة -رغم كونه تاجرا ناجحا- ولكنه يحتفظ بخفة ظله التى ترك مصر بها قبل خمسة وعشرين عاما.